أنا مها في الثامنة عشر من عائلة ليست ثرية وليست شديدة الفقر . تخرجتُ بنسبه 92 ولله الحمد وكنت في منتهى السعادة لأحقق أحلامي وسأدرس في أمريكيا . ربما كان الخبر كالرصاصة التي اخترقتْ قلب أمي ربما لم تتخيلُ بأني سأتمسك بأحلامي هكذا . اقنعتهم بحبي لدراسة في أمريكا وأن احلامي لم تكن أحلام عابره ولله الحمد تيسرت أموري وجهزت أغراضي ودعتُ أمي حينها وهي تنزفُ دموعاً على فراقي وودعتٌ قلب أبي الجريحْ الذي لم يتوقعْ أن اعاندهُ ولربما كانت احلامي كجبروت امرأة يصعب زحزحت فكرها .
فقررتْ العيش مع أسره أمريكية بدلا من العيش في سكن الطالبات وذلك لأتقن اللغة على حسب اعتقادي . عشتْ مع أسره تتكون من الأم نورسين والأب مارسلو وابنهم الوحيد جيانو .
يوماً بعد يوم تزداد علاقتي بهم أشعرْ بارتياح وكأن السماء تعانقني أحسست بمنتهى السعادة معهم
بدأتْ اشعر بقرب جيانو مني أحببت ابتسامتهُ وارتباكهُ عند حديثه معي .
"احساس رائع يشدني من يدي
ليرميني على شواطئ قلبه الدافئه
اغُمض عيني لكي أرى صورته تأوي الى مخيلتي
لتسرقني من زماني♡"
بعد مرور سنه وصلني خبر وفاه أبي وأمي في حادث مروري بكيتُ بحرقه أحزنني خبر وفاتهما عدتُ بعدها الى أرض الوطن للعزاءْ . حتى حزني سلبوهُ إخوتي مني فكانوا يتقاسمون ويتهامسونْ عن الإرثّ طوال الوقت . انتهى ثالث ايام العزاء وبادر كلا من بدر وعلي بقول أن الموت حق علينا ...سنوزع الميراث بالتساوي وبالفعل كلاً اخذ نصيبه .
اخذتُ حقوقي وعدت لأكمل مشواري الذي لم ينتهيْ .
حزني على وفاه أبي جعلني أشعر وكأنْ الحياه تجرفني بأمواجها تاره اتذكر طفولتي مع أبي ودلاله لي وتاره اتذكر حنان أمي وحرصها عليي لم يكن الامر سهلاً . احساسي بالوحده والفقد جعلني احب أن ابقى وحيده في غرفتي .
ولكنْ
ظل جيانو اقرب من ظلي لنفسي فاجأني بقوله لي
مها كم أعشقُ تلك النظرات الصامتة التي تُشرق كالشمس من عينيكِ، فتذوب ملامح وجهي بين ثنايا جفونكِ الغائرة، أعشقُ فيكِ كل شيء عفويتك، غيرتك، قسوتك، رقتك، بسمتك، دمعتك، صمتك، حتّى طريقة جلستك أعشقها، طريقة مشيتُكِ أعشقها، وكل ما أكرههُ هو مفارقتك
ادركتُ حينها أن مشاعرنا تشابهت وعلينا الإفصاح بالأمرْ
في كانون الثاني قررنا إخبار عائلتهُ وبالفعل تقدم جيانو لتلك الخطوة الجريئه
الصدمه كانت....وهي ان عائلتهُ رفضتني بحكم أني مسلمه وغير عن ديانتهم طردوني خارج منزلهم . لم أكن أتوقع من نورسين أن تطردني من منزلها، إلا أنني فوجئت بها تسحبني من ذراعي بصورة مفاجئة، وتدفعني خارجا، وأنا في حالة ذهول، ثم أغلق الباب خلفي
أشحتُ بنظراتي إلى الأرض محاولة لإخفاء دموعي ،
احسست بأن حياتي ستنتهي ولكن سرعان ما داهم جيانو مخيلتي وامسكني من يدي وبعدها اخذني لمنزل احد اقاربه ريثما يجد حل لمشكلتنا
وبقى جيانو مع أحد أصحابه لبضعة ايام , لم يصدقهُ رفاقهُ عندما اخبرهم بأن الجذورالتي جمعتني به لاتزال قوية . اجمعوا جميعهم على أن مهما كان الحب مشتعلا في بدايته الا انه يبدو يخبو وينطفيء مع الايام . جادلهم أن حالتي أنا وهو مختلفة عن جميع قصص الحب . إذا كان حبنا مثلما يدعونه لماذا تهفوا نفسه لي ؟ لما يصحو في منتصف الليل ليتفقدني ويعيد النظر في ملامحي لماذا يشعر بدفىء يدي ؟ وبحرارة الشوق عند غيابي ؟
بعد ماجرى قررنا العيش في جزيره مع جدته التي تبعد عنا ب 690 كم . على حسب كلام والدته .
نعم كنت مستعده لأجازف معه اخذنا قارب صغير يتسعنا وابحرنا
وفي منتصف الطريق أحسسنا بأن الموج بدأ يغضب منا أكثر فأكثر وبدأنا نلاحظ أن النجوم تختفي من السماء والقمر يغيب عنا ماذا يحدث ؟؟؟ سمعت صوت ضربه قويه على سطح الماء واذا بدوامة كبيره تلتهم قاربنا واذا بناء في جزيرة يفطر القلب لها . رأينا أشجار كثيفة وزهور لكنها سوداء اللون.. على غير المعتاد . بدأ الخوف يجتاح مخيلتي فلم اقوى على الحراك فجسدي يرتجف وقدماي لم تعد تسعفاني على المشي . امسكني جيانو من يدي وطلب مني ان اهدئ واخبرني بعدها أننا وصلنا للجزيره الخطأ . فقررنا بعدها البحث عن مخرج لنا . واذا بنا نمشي بين الأشجار واذا بدميه على غصن شجره وكانت على هيئة طفله على كرسي بزيها الأسود تنظر الينا .
لقد حاول جيانو كشف تلك الدميه محاولا تنزيلها ليهدئ من خوفي قليلا واذا بخلف تلك الدميه شق واذا برياح تهب فجأه ويعقبها صرخات وضحكات هز المكان . ثم بدأ الدمى تتطاير حولنا وكأننا ايقضنا ارواحا قد نامت منذ زمن .
لم ادري وقتها هل أطلق صرخة أم الخوف لجم لساني،
لكن أحس أن الدم قد تجمد في عروقي، وأن قلبي على وشك أن يتوقف عن الخفقان أسرعنا في الأختباء في كوخ صغير حتى ينتهي ذلك المنظر او تتهي حياتنا من هول مارأيناه .
بعد ساعات قليلة هدأ المكان واغتلسنا النوم فرحنا في سبات عميق .
وفي صباح اليوم التالي
اكملنا المسير بين الاشجار المتلاسقة التي تشابكت وتداخلت فروعها وأغصانها . واذا بدميه
ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻣﻦ
ﺭﻗﺒﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﺣﺪ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ الأشجار
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ كنا نصرخ ﻣﻦ
ﻫﻮﻝ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ سمعنا ﻀﺤﻜﺔ عﺎﻟﻴﺔ
ﺁﺗﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻠﻔنا ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻟﺘﻔﺘنا ﻭﻧﻈﺮنا ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ
ﻭﺟﺪناﺍ دميه ﻛﺒﻴﺮه بيضاء ﺍﻟﻠﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻰ ﻭﺟهها
ﺍﻻ ﻓﻢ ﻭﻋﻴﻦ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ البياض وبدأت تقترب منا اكثر فاكثر
صرخت واختبئت خلف جيانو ثم مرت لحظات سادها سكون عجيب
كانت الدمية البيضاء لاتزال واقفة في مكانها كالتمثال, تشجع جيانو ومد يده ببطء نحو الدمية , لكن أصابعه المرتجفة لم تكد تصل إليها حتى اختفت و تلاشت كالدخان.
كانت تلك الليلة هي الأكثر رعب في حياتي اختلطت فيها رائحة الدم و الموت مع صرخات وضحكات الدمى , وحين بزغ الفجرو اثناء بحثنا عن المخرج وجدنا بركه كبيره هرع جيانو في الركض نحوها ظنا انها ماء
فشرب منها جرعه بمقدار راحه الكف واذا به يتقيأ وبعد دقائق قليلة خارت قواه و لفظ أنفاسه الأخيرة بين احضاني
مات جيانو
تركني وحيده
أعاني ألم فراقه و ألم وحدتي في هذا المكان الموحش
بكيت وانهارت قواي
ظلت لساعات ابكي كطفله فقدت لعبتها وخالط بكائي شيء من النياح
سواد الغيوم بدا ينقض على السماء ينهش زرقتها ويلتهم جسدها بقسوة ووحشية
وفجأه واذا بدميه البيضاء تلك تعود من جديد و تقترب مني أكثر فأكثر مع ضحكاتها المستفزة .
لم يكن هنالك وقت للحزن فربما الخوف والبحث عن المخرج كان غايتي
فجمعت قوتي لأنهض من الارض واجري مسرعة لعلي اهرب من تلك الدميه المخيفه الوجه التي تطاردني فبدأت أجري في هذا الظلام الداكن وبعد ذلك سمعت صوتا يأتي من خلف جبل عالي القمه , فانتابني الفضول و ركضت نحوه وااذا بمدينه اخرى اشبهه بمدينه البشر ولكنها لدمى يعيشون حياتهم يأكلون ويشربون
دخلت في دوامه من الحيره ماهذا ؟ وكيف لدمى أن تعيش مثل الأنسان ؟
ارتعبت من ذلك فبرغم قوتي وشجاعه قلبي الا أن كل ما أراهُ حقاً يجعل القلبْ يتوقف عن النبض
أشعر وكأنني مشلولةً تماماً , لم اعد احتمل مايحصل لي واذا بمجموعه من الدمى تتجهه نحوي سلمت نفسي وانتابتي اليأس
فاقتربت مني اكثر فأكثر اغمضت عيني
وفجأة احسست بتغير في نبرات صوتي تماماً، لأتحدث بصوت مرأة عجوز، كما تغيرت ملامح وجهي , وبدأت أهتز بطريقة غريبة،وجسدي يتمايل ، إستمرت على هذا الوضع عدد من الدقائق القليلة وبعدها ادركت ان روحي باتت في جسد دميه واني فارقت الحياة
النهايه..........
بقلمي : العيون الساهرة