رد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، سريعاً على قرار مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات دولية عليه وعلى اثنين من قادة الحوثيين، بإقالة الرئيس عبدربه منصور هادي من موقعه كأمين عام لحزب المؤتمر الشعبي، في وقت رحبت الدول الخليجية والولايات المتحدة والأمم المتحدة بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة.
وأقرت اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام في اجتماع استثنائي برئاسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إقالة الرئيس هادي من منصبيه في حزب المؤتمر كنائب لرئيس المؤتمر وأمينه العام.
ووزعت اللجنة صلاحياته على شخصيتين جنوبيتين هما عارف الزوكا الذي عينته أميناً عاماً للحزب، وأحمد عبيد بن دغر نائباً لرئيس الحزب بدلاً من د. عبد الكريم الأرياني المستشار السياسي للرئيس هادي، كما عينت ياسر العواضي وفائقة السيد أمينين عامين مساعدين.
وفي خطوة تحد لهادي، أقرت اللجنة إعادة بث قناة «اليمن اليوم» المملوكة للحزب والموقوفة من الرئيس اليمني، ملوحة باستخدام القوة لتحقيق ذلك.
تأتي هذه التطورات بعد ساعات على قرار يصدره مجلس الأمن بفرض عقوبات على الرئيس السابق. وبعد يوم على تشكيل حكومة كفاءات ضمت 35 حقيبة وزارية.
عقوبات
وفرض مجلس الأمن عقوبات على صالح واثنين من زعماء جماعة الحوثيين، بدعوى تهديدهم سلام اليمن واستقراره وعرقلتهم العملية السياسية هناك.
وقالت ريموندا مورموكايتي سفيرة ليتوانيا بالأمم المتحدة ورئيسة لجنة عقوبات اليمن بمجلس الأمن إن أعضاء المجلس الـ15 وافقوا على إدراج أسماء صالح والقياديين العسكريين الحوثيين عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيي الحكيم في القائمة السوداء.
ويخضع الثلاثة الآن لحظر عالمي على السفر وتجميد لأصولهم. وكانت الولايات المتحدة قد طلبت من مجلس الأمن إصدار العقوبات على صالح والقياديين الحوثيين بناء على قرار سابق للمجلس نص على فرض عقوبات على كل من يعرقل العملية السياسية في اليمن. وتتهم الولايات المتحدة صالح بدعم الحوثيين الذين فرضوا سيطرتهم على العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر الماضي وتمددوا إلى عدد من المدن والمناطق.
أولويات الحكومة
من جهته، قال رئيس الحكومة اليمنية خالد بحاح إن أولويات حكومته تتمثل في التخفيف من الفقر والعمل في اتجاه عودة الأمن والأمان.
وأضاف في بيان له على مواقع التواصل الاجتماعي أن أولويات برنامج الحكومة تتمثل في: التخفيف من نسبة الفقر، والعمل في اتجاه عودة الأمن والأمان، وتطبيق العديد من المبادئ السامية أهمها سيادة القانون والمواطنة المتساوية واحترام حقوق الإنسان وتطبيق الحكم الرشيد.
وشدد بحاح على أن «الإعلان عن الحكومة الجديدة في زمن قياسي لا يتجاوز أسبوعاً من توقيع اتفاق تفويض المكونات السياسية له وللرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيلها، يجعلنا أمام تحد ينقلنا إلى مرحلة أخرى جادة من عمر الوطن».
وأكد أن «تشكيل حكومة كفاءات وطنية حملٌ كبير في ظرف استثنائي عزمنا من خلاله على استخدام كافة الأدوات والوسائل للإسراع في تشكيلها ووضع ركائز ومعايير أساسية في اختيار اعضائها بناءً على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة لنصبح جميعا في حكومة يكون للشباب دور من خلال تقليدهم مناصب وزارية ليعملوا مع أهل الخبرات..
ويساهموا إلى جانب المرأة في تنفيذ شراكة وطنية تقود البلد إلى بر الأمان والتطور».
ترحيب خليجي أميركي أممي
ورحّب سفراء الدول الـ10 الراعية للمبادرة الخليجية، بإعلان تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة. وقال السفراء في بيان، إن «الإعلان عن تشكيل الحكومة يُعتبر خطوة مهمة لتحقيق تطلعات اليمنيين عبر حكومة كفاءات، ستعمل على مواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية والسياسية والأمنية التي تواجه اليمن».
وأعرب البيان عن تطلع السفراء إلى العمل مع الحكومة الجديدة، وثقتهم بأن وزراءها سيقدمون كل ما بوسعهم خلال الأيام المقبلة، لتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة الوطنية ومخرجات الحوار الوطني بوصفها وثائق توفر خطة مهمة لبناء اليمن.
كما رحبت الولايات المتحدة بالخطوة، وقالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، بيرناديت ميهان، إن «جميع الأطراف في اليمن تضطلع بأدوار مهمة في الانتقال السياسي السلمي».
وأضافت أن «تلك الحكومة متعددة الأحزاب يجب أن تمثل قوة الوحدة اليمنية فوق المصالح الفردية والحزبية التي ربما تسعى لعرقلة أهداف البلاد».
من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن الإعلان عن تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، يعد خطوة إيجابية وتدفع نحو الاستقرار السياسي والسلام في البلاد. وشدد بان في بيان، على أن اليمن يواجه تحديات هائلة في الوقت الراهن التي لا يمكن التغلب عليها دون عمل جميع الأطراف معًا لمصلحة وطنية أكبر ولتنفيذ الاتفاق دون تأخير.
هجوم مزدوج
قتل عشرات من عناصر التمرد الحوثي فجر السبت في اليمن خلال هجوم مزدوج لتنظيم القاعدة، وفق مصادر في التنظيم والقبائل.
وقالت مصادر قبلية إن انتحارياً يقود سيارة مفخخة اقتحم مركزاً طبياً حوله الحوثيون إلى ثكنة في المناسح قرب مدينة رداع جنوب صنعاء، مشيرة إلى مقتل عشرات الأشخاص في الهجوم. واعلن تنظيم القاعدة من جهته ان «عشرات الحوثيين قتلوا وجرحوا» في الهجوم.
وفي الهجوم الثاني، اطلق مسلحون من القاعدة النار على مدرسة استولى عليها الحوثيون في وادي الجراح قرب رداع، بحسب مصادر قبلية والقاعدة. وأوضح بيان القاعدة ان اربعة من عناصره شنوا هجوماً فجر السبت على المبنى.
حكومة بحاح بلا دعم سياسي ولا خبرات
ألقت تشكيلة حكومة خالد بحاح بظلال قاتمة من الشك في إمكانية نجاحها في إخراج اليمن من الأوضاع المأسوية سياسياً وأمنياً واقتصادياً، بسبب غياب الدعم السياسي الحزبي عنها، ولأن غالبية أعضائها من الشخصيات المغمورة التي لا تمتلك الخبرات اللازمة لمواجهة التحديات الضخمة في الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد، إذ تم تعين مديرين عموم ووزراء، كما تم إدخال شخصيات لم تشغل أي منصب إداري ضمن التشكيلة الحكومية.
ومع دخول 28 وزيراً التشكيلة الجديدة للمرة الأولى، يظهر أن غالبيتهم ليس لديهم أي خبرة يمكن الركون عليها في تجاوز البلاد للتحديات الكبيرة التي تواجهها حالياً، فهناك شخصيات لم تشغل أي مناصب حكومية من قبل، وأخرى تحوم حولها شبهات فساد، كما أن طغيان الطابع الشخصي في الاختيار والترشيح أفقد هذه الحكومة الغطاء السياسي اللازم لتحقيق ولو جزء بسيط من تطلعات اليمنيين.
وفي ظل تأكيد حزب المؤتمر الشعبي أنه لم يمثل سوى بحقيبتين وزاريتين، وقرار اللجنة المركزية للحزب المواجهة مع الرئيس عبدربه منصور هادي، فإن الحكومة فقدت فعلياً دعم كتلة سياسية كبيرة، إذ بات واضحاً أن حزب الرئيس السابق اتخذ قرار التحول إلى المعارضة، وتحديداً بعد فرض العقوبات الدولية على رئيسه.
الحوثيون، وهم القوة الرئيسة في البلاد، لم يُظهروا حتى الآن أي دعم للحكومة الجدية، وتحفظوا على عودة سبعة من وزراء الحكومة السابقة، كما تحفظوا على عدد من الحقائب، بينها حقيبة النفط، ولأنهم يسيطرون عسكرياً على معظم المحافظات التي تشكّل شمالي اليمن، فإن قدرة حكومة بحاح على استعادة السيطرة على هذه المحافظات رهان غير واقعي،..
لأن الرئيس هادي كان أطلق شارة الموافقة على دمج المسلحين الحوثيين في قوات الجيش والأمن، وفي ظل موازين القوة القائمة على الأرض، فإن الحوثيين سيظلون القوة الفاعلة داخل هاتين المؤسستين، إلى جانب أنهم لن يتخلوا بسهولة عن الإنجازات التي حققوها، خصوصاً في السيطرة على المنافذ البرية والبحرية ومطار صنعاء الدولي الذي أصبح تحت القبضة الكاملة للجماعة.
ومع أن حزب الإصلاح احتفظ بحقائبه الوزارية الأربع التي كانت منحت له قبل أن يتم تفويض الرئيس هادي ورئيس الحكومة بتشكيل حكومة كفاءات بعيداً عن التقاسم الحزبي، فإن الحزب في ظل السيطرة المطلقة للحوثيين على قرار الحكم في البلاد، لا يتوقع منه أن يقدم أي شكل من أشكال الدعم لهذه الحكومة التي يعتبرها غطاء للسيطرة الحوثية.
والأمر كذلك بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، برغم وجود تمثيل ضئيل للحزبين في الحكومة، لكن اللافت في هذه التشكيلة أنها أتت بالمناصفة إلى حد كبير بين الشمال والجنوب، لتكرس حقيقة الانقسام القائم لدى الأوساط السياسية حول المحاصصة الجهوية أو الحزبية.
الجنوب حصل على 15 حقيبة وزارية، إلى جانب رئيس الدولة ومنصب رئيس الحكومة، ومن بين الوزارات التي منحت له الدفاع والنفط والأشغال العامة والعدل، فيما كان للشمال 21 وزيراً، بينها وزارة الداخلية والخارجية والمالية.
ويقول المحلل السياسي علي سيف حسن: «لا توجد حكومة حقيقية بدون الحوثيين»، ويضيف: «لا يمكن أن نتصور أن تستطيع الحكومة فعل شيء في ظل غياب الدعم السياسي من قبل الحوثيين، وحزب الرئيس السابق».
من جهته، يقول الكاتب هاجع الجحافي إن محافظتي تعز وحضرموت استحوذتا على 50 في المئة تقريباً من تشكيلة حكومة خالد بحاح، والتوقعات تشير إلى أنها لن تستمر طويلاً، نظراً إلى أوجه قصور كثيرة تعتري طريقة تشكيلها وإعلانها، وعدم التزامها بمعايير الكفاءة والنزاهة والتمثيل الوطني.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اطياف السراب
