أولادنا وبناتنا هم فلذات أكبادنا، نحميهم بأرواحنا، ونبني عليهم آمالنا وأحلامنا.
نتوق أن نراهم ناجحين صالحين مصلحين، نتوق لأن نجنبهم عثرات الطريق وأشواك الأهواء، ونسعى لأن نجعلهم يسيرون دوماً بالاتجاه الصحيح، فنوجههم، ونسددهم، ونوبخهم لو أخطئوا الاختيار، بل أكثر من ذلك قد لا نترك لهم مساحة الاختيار أو القرار، ونسعى لأن نخط لهم حياتهم!
قد ننجح بعض الوقت، وقد يشعرون بحمايتنا، وبرقابتنا، وباهتمامنا.. فيسيرون وفق اختياراتنا، لكننا نصعق بمراهقتهم، أو ربما بعدها بقليل أو قبلها ببعض الأحيان.. حينما نجدهم يتمردون علينا، أو يسيئون توجيه حياتهم ويقعون بمطبات مؤلمة نتيجة اختيارات فاشلة ! نتألم، نغضب، نحاول مساعدتهم، لكننا نتلقى المزيد من الصدمات معهم، وإعصار الحياة يصبح كفيلاً بأن يطير كل تعب تعبناه معهم.
فكيف لنا أن نتجنب هذه النهايات؟وكيف لنا أن نربي جيل قادر على اتخاذ القرار الصحيح، ولديه ضمير حي يوجهه، ويراقب الله بأعماله فلا نخشى عليه؟بداية دعونا نركز على النهايات لننطلق منها، نريد أولاداً وبناتاً صالحين، نريد جيلاً واعياً، نريد نهضةً وايجابية ومبادرة والتزام، نريد صدقاً وعطاءً، نريد تميزاً وتفوقاً، باختصار نريد لهم السعادة والنجاح بالدارين...قد يقع البعض بمطب رسم حياة طفله، لكنه يسقط عليها أحلامه وأمانيه وشخصيته هو، فيعجز طفله أن يكون كما يريد أبوه، مما يسبب الإحباط لكلا الطرفين! فانتبهوا ألا تقعوا بهذا المطب!
- افهموا أولادكم وبناتكم، واقرءوا عن مراحل نموهم وحاجاتهم بكل مرحلة، ما يقدر عليه طفل السنة يختلف تماماً عما يمكن لمراهق بالخامسة عشر من عمره، لكل مرحلة اختياراتها وقراراتها التي من حق أبنائنا وبناتنا اتخاذها..- ثقوا بأولادكم وبناتكم، وأشعروهم بالثقة، فلا شيء ينمي شخصية أبنائنا وبناتنا كثقتنا بهم، منذ لحظاتهم الأولى، حينما نثق بهم فإننا نتعامل بطريقة مختلفة تماماً تريحنا وتريحهم.
- دعوا الحياة تساهم بتربيتهم، ولا تفرضوا عليهم الحماية المفرطة التي تمنعهم من الانطلاق، وتشل أقدامهم.. قد يخطئون أحياناً، لكنهم سيتعلمون من أخطائهم، وقد يتعرضون لنتائج مؤلمة أحياناً أخرى لكنها كفيلة بتربيتهم للمرات القادمة.- صادقوهم، وكونوا لهم الصديق المؤتمن، الذي يبثونه آمالهم وآلامهم، وشاركوهم البحث عن طرق للوصول لها، ولو عجزتم فشاركوهم الإحساس على الأقل
تعلموا منهم، فاعتقادنا أننا نعلم أبنائنا وبناتنا فحسب يغلق علينا باباً واسعاً لنتعلم من الفطرة، من فطرة الأطفال وتعاملهم مع الحياة دون تعقيداتها، كثيراً ما تكون أفكارهم وآمالهم أكثر إبداعية، فلا تشعروهم أنكم الأكبر فلا تأخذون منهم، على العكس استفيدوا من خامتهم التي لم تلوثها الحياة والمحن!
- ازرعوا بهم القيم والثوابت الصحيحة، واجعلوها عقيدة تسيرهم، لا واجباً يخشون منه.. اغرسوا بقلوبهم حب الله والسعي لرضاه، واجعلوهم يثقون أن الله معهم فيراقبونه بسلوكهم، ويحتسبون عنده كل خطواتهم.
ركزوا على تعليمهم وضع أهداف يسعون لها.. شجعوهم أن تكون لهم أهدافهم الخاصة، ساعدوهم على ترتيب أهدافهم. أرضعوهم منذ الصغر أنهم لم يخلقوا عبثاً، وأن كل ميسر لما خلق له...تذكروا أننا لنربي أبنائنا فنحن بحاجة دوماً لتربية أنفسنا، التربية عملية لا تتوقف ما دامت عروقنا تنبض، نحتاج أن نكون قدوة لهم، وأن يكون لدينا حس المسؤولية، والإدراك لدورنا في الحياة، نحتاج أن يكون لنا ما نعيش لأجله، وما نثق بصدقه.
نحتاج للمفهوم الصحيح للعبادة وللاستخلاف بالأرض. نحتاج أن نفهم أنفسنا، وأن نحدد أهدافنا، وأن تكون لنا غاية نعيش لأجلها, وأن يكون لنا القدرة على اتخاذ قراراتنا، واختيار حياتنا، ونقد أنفسنا وما حولنا وفهمه، والمساهمة بإيجاد الحلول لما حولنا من مشكلات.الآن، أمسكي ورقة وقلماً، واقسمي الورقة قسمين، قسم لما تريدين أن تصلي إليه مع أبنائك وبناتك؟ وقسم لما تفعلينه لتصلين لهذه النتيجة؟ انظري للورقة بتمعن، هل تجدين أن ما تسلكينه سيوصلك للنتيجة فعلاً؟
على ورقة أخرى، اكتبي سلبيات ما خططته بتربيتك، وأعيدي الخطة مجدداً، لكن بعد أن تدركي أنك توجهين أبنائك وبناتك لا تصنعينهم من العدم! وأنك تتعاملين مع إنسان يمتلك قدرات هائلة بانتظار من يعينه على اغتنامها والانطلاق بها، فكيف ستساعدينه ليحلق بسماء العزة والنهضة بإذن الله؟استمتعي بالتربية مهما كانت مشقاتها، وتذكري أنك تربين نفسك بالطريق.
تربينها على الصبر والقوة، تربينها على أن تكون قدوة، تربينها على الالتزام، وتحققين أغلى أهداف حياتك بتربية ولد صالح يبقى لك بإذن الله.
رد مع اقتباس
