كــل لــيـلــة .. الشــرفــات بـلـون الضــبـاب !!
ـــ بقــلــم : وداد روحـي وسعيد مصبح الغافري
وأنت بعيدا عني ..
من أنا؟
يسألني وكأنه لا يعلم بكينونتي لديه كأنثى وكقلب وشعور عاش فيه والتحم به ..
أنني تلك الجثة الهامدة الملقاة على عتبات الطريق منذ أفرد يديه واحتضنني مودعا بكل دموعه وشوقه الذي هطل أمامي وهو بعد في الوطن وعلى وشك أن يطير .. أنا ذلك الفراغ المتسربل في أيام عمري منذ لحظة سافر عني في غياهب الرحيل والاغتراب
أنا تلك الدمعة الحزينة القابعة خلف زفرات الألم ومواجع الآهات الصامتة
أنا تلك الروح المنهكة التي تبحث بظمأ مشتاق عن وطن يحتويها بكل حنانه وحبه ويحميها بإخلاصه وصدق وفائه من غدر الزمان وعواصف الأقدار
أنا تلك الأنثى التي ياطالما أشعرني بكل إعتزازه وفرحه ورضاه وثقته وهو يقول ويكاد قوله تسمعه كل الدنيا : أنت حبيبتي إمرأة لن يكررها زمان أو مكان
يقولها لي في تفاصيل حياته وفي كل شيء يجمعني ويمزجني به .. يقولها حتى أمام الناس والعالم .. ليشعرني دوما وبصدق أني الملكة بحياته وأني الأجمل في عينه وقلبه وفي كل ما يراه ويسمعه ويبهج نفسه .. وإذ ذاك الغمر اللا نهائي من حبه واهتمامه كنت وما زلت أشعر أني بحق أحيا حياتي وأحس بوجودي وبأني شيء وبأني اسعد مخلوقة بالدنيا وأكثر النساء رضا وطمأنينة .
استثنائية أنا ، أمرأه تعشق حد الانصهار في كينونتك
في زمن غيابك وسفرك بعيدا عني تنقلب حياتي تعاسة وكآبة .. أتحول فيها إلى إمرأة تائهة بدروب الشوق والخوف والوحدة والفراغ .. إمرأة تبحث عنك تريدك أن تحتويها بين ذراعي حبك وحنانك المفتقدان وتمسح تلك الدموع المنهمرة من مقلتيها
قائلا لها : هلميّ إليّ حبيبتي ، هلميّ إلى فقلبي لك وطن .. ....
وحين أخذتني إليك .. حين لملمت ضياعي تخيلت كيف يكون عالمي بدونك نهار شاحب الحياة .., وليل عذاب فيه أوردة ظمأى تنتظر بشوق مطر السقيا وليل يكتحل بالسواد .. يقبع في حلكته الرهيبة قلب حزين ووحيد .. كيف لا ؟؟ وأنت بعيد عن محيايّ وحياتي
وفجأة !!
وأنت معي في هذه السويعات تخيلت العالم يلون بألوان الربيع والفراشات تحلق من حولنا نشوانة بلقائنا السعيد .. مرات لا تحصى وأنت بعيدا عني أصحو دوما فجأة من حلم جميل يثمل كل مشاعري ويسكر كل كياني .. حلم يتكرر ويزورني في لحظة إشتياق أو بتعبير قاس جدا حرمان يومي مؤلم يعذبني تعذيبا وأود حقا لو أتخلص منه .. لو أنفيه من مدارات أيامي و نبضي .. جسدي يتلفحه البرد وليل لا يرحم وأنا بين ثنايا الوحدة والشوق الباكي .. نهاري شمس لاهبة فقدت نبض اللطف بذاك الوهج الهستيري المجنون واللا مبال بشيء منذ أزل الأبدية .. وأصيلي غروب أترقب فيه مجيء ليل كئيب الوجه حزين القلب وبارد مثل جثة ميت .
ياله من ليل أعيشه هلوسة وجنونا ورسومات من أحلام .. ومع ذلك ورغم بعدك عني
فثمة أشياء حلوة تزفني إلى فرح اللحظة الأجمل .. إنها أنت .. أنت الآتي دوما في أخيلتي الليلية لأعيش معك وبك أسعد أوقاتي وأحلاها فاصلة جسدي وروحي وقلبي وزمني عن هذا الواقع ومتشبثة بك بكل وسامة أطيافك .. وبكل شيء جميل فيك ..
حتى يوم إيابك .. حتى لحظة عودتك إلي .. سأظل أشتاقك وأرتقب اللحظة التي تزف إلي بشرى رجوعك .. فلا تطل الغياب حبيبي وعد .. فليس لي من وطن إلا أنت .. أنت يا أجمل قلب .
أيها الغائب إلا من ذاكرتي ..
ما زلت أمسك علبة ألواني .. أرسمك بثورات جنوني وخيالاتي القوس قزحية المحلقة بعيدا إلى أقصى أكوان الحلم والرؤى .. ألمح أطيافك تغزوني كل حين فأستلذ حضورها وأعانقها بشغف خوفا من رحيلها .. هذا الرحيل الذي يذكرني دوما بك وأنت على متن طائرة محلقة في السماء أو فوق سفينة في عباب بحر أو محيط ..
آه وأنا وحيدة أشعر أن الليل يهزم كل طاقة صبري واحتمالي .. هل من مهرب ؟؟ ليس أمامي من حول أو قوة إلا أن استحضرك بذاكرتي وخيالي المحلق في سموات عالمنا الثنائي المجنون .. هناك .. في كوكبنا الأوحد ذاك .. هناك أسامرك و أبثك كل غرام القلب وكل هيام الروح وأروي فيك ظمأ الشوق .. دعنا ننصهر حبيبي ونذوب معا نحن الاثنين في كأس واحدة سقيا كم إحتجناها طويلا في أزمنة البعد وليالي الحرمان ..
يا حبيب عمري ..
كل الذكريات تحاصرني .. تلاحقني بك .. تحدثني عنك .. تتحداني بك .. تهزمني فيك
لذا أدعوك أن تطوقني حين تعود بكل صدق إخلاص بقائك.. ياذا الراحل في دنيا الأسفار .. أنت ستبقى الروح والنبض والأمل .. أنت ولا أحدا غيرك ..
خذني إليك .. واحتويني . تصرخ أشواقي وحنيني :
لا تدعني أطوف الأكوان أبحث عنك مرة أخرى وأنت تسري في دمي .. عاهدني أن تبقى معي وأن لا يكون الطريق مسدودا أمام أمل لقياك ولا السبيل إليك مبتورا أو دون جسور وإلا سوف أظل أنبش قبور ذكرياتي معك .. فهل أجد صدى لأمنياتي اليتيمة للقياك وإن كان حلما ؟؟ ...
يا حبي المغترب وحيدا ..
هاأنذي .. في هذه اللحظات وحدي مع الليل أبكي أتفرد به مع نفسي .. يلتحفني شوق عارم إلى ذراعيك لتحضنني لبرهة فالبرد مؤذ وأناأحتاج إلى دفء يلمني ويحتويني ويصهر ثلوج إنتظاري الطويل لك .. فمتى تأتي ؟؟ فقد طال انتظاري ..
أشعر بك الآن وبمدى ألمك وحزنك الذي ألمحه بين حروفك وكأنك تدعوني أن أغزوك في لحظة صحوك أو أحلامك .. تدعوني أن أداعب حلم يزورك في مساءاتك .. يا له من عذاب ليلي أعيشه وأحاول أن أهرب منه ملتمسة أطيافك محتمية بها وفي شفتي قبلات تشتعل حنينا وشوقا لا حد أبدا لمداه ..
أواه حبيب العمر ليت خيالي هذا يتحول حقيقة وواقعا أحياه بكل تفاصيله وروحه معك ولكن أعي أنها مجرد تخيلات ترافقني وتنتهي بحزن باك يغمر قلبي وحياتي وأبكيك في داخلي لاحتياجي إليك في ليالي الوحدة .. فهل سيطول انتظاري لذلك الحلم الخفي القابع في أوردتي العطشى
وعلى شرفات وجدي المنتظر رجوعك ؟! .. ألملم غيابك حزنا يتملكني وصرخة نبض مدوية ترتجيك أن تأتي وفي صدرك لهفة وحنين حاد لحضن تعلم أنت أنه ينتظرك بأقصى ما يكون عليه الشوق والعذاب .. فاحزم حقيبتك وعد لي .. يكفي سفرا .. يكفي غيابا طال .. يكفي بعادا .. يكفي حبيب العمر .. فأنا مالي في الدنيا من وطــن إلا أنت .. أنت يا أجمل قلب !!