أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فجمعهم عثمان رضي الله عنه على مصحف واحد يوافق العرضة الأخيرة التي عرضها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم والتي هي على لغة قريش، التي نزل القرآن بها، فأمر زيد بن ثابت وجماعة معه من الثقات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبوا المصحف العثماني على الرسم المعهود الآن، وأمر ببقية المصاحف فحرقت وبقي هذا المصحف الذي هو مصحف المسلمين إلى اليوم وإلى ما شاء الله عز وجل، فجمع الأمة على مصحف واحد خشية التفرق بينهم فهذا من فضائله رضي الله تعالى عنه ومن مشاريعه العظيمة، هذا بعض مناقب عثمان رضي الله عنه، وسار بالمسلمين السيرة الحسنة، وتوسعت المملكة الإسلامية في عهد، انتشرت الفتوحات، وفاضت الأموال.
مقتل عثمان رضي الله عنه :
فغاظ ذلك اليهود، غاظ اليهود انتشار الإسلام:
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، فدسوا على المسلمين واحداً منهم يقال له عبدالله بن سبأ اليهودي، أظهر الإسلام خدعة تظاهر بالإسلام فجاء إلى المدينة، فجعل يشكك المسلمين في أمر عثمان ويلتمس له المعايب، فلما انتبه له هرب عن المدينة إلى بلاد أخرى، وصار ينشر رأيه الفاسد، ويشكك في خلافة عثمان وفي تصرفاته، ويثير المسلمين عليه، فاجتمع عليه أهل الفتنة من صغار السن، ومن الجهال ومن الحاقدين اجتمعوا عليه، ثم جاءوا إلى عثمان رضي الله عنه يريدون التفاوض معه في الظاهر، في الأمور التي انتقدوه عليه، فحاصروا بيته على أنهم يريدون التفاوض معه هذا ظاهرهم، وهم يضمرون غير هذا يضمرون قتل عثمان رضي الله عنه، فلما صار في الليل إحدى الليالي تسوروا عليه بيته فقتلوه رضي الله عنه شهيدا، قتلوه شهيدا وصبر رضي الله عنه على الفتنة ولقي ربه راضياً مرضياً شهيداً في سبيل الله، اختار الله له ما عنده، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مقتله، فأخبر عن هذه الفتنة حين بشره بالجنة، فقال له:
"على بلوى تصيبك"، أخبره أنه سيبتلى فوقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم فقتل شهيدا رضي الله عنه مغدوراً به، والمسلمون في الحج يعني اختاروا هذا الوقت وقت ذهاب المسلمين للحج ليغدروا بأمير المؤمنين نفذا قضاء الله وقدره واختار الله له الشهادة في سبيله، بقي المسلمون بلا خليفة، وكانوا يريدون من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يتولى بعد عثمان ولكن علياً تهرب منهم وآباء أن يقبل، فألحوا عليه مع بعض كبار الصحابة لما رأوا أن الخليفة قتل فتداركوا الأمر وأشاروا على علياً رضي الله عنه بالالتزام هذا الأمر إنقاذا للمسلمين من هذه الفتنة، فقبل رضي الله عنه البيعة، بايعوه بعد عثمان رضي الله عنه وصار هو الخليفة الراشد الأخير من الخلفاء الراشدين.
الشيخ صالح الفوزان حفظه الله