من القصص الرمزية
.. يحكى أن سقاء كان له جرتان كبيرتان معلقتان على طرفي عصا يحملها على عاتقه، وكانت إحدى الجرتين فيها شرخ صغير بينما الأخرى سليمة تعطي نصيبها من الماء كاملا بعد نهاية مشوار طويل من النبع إلى البيت، أما الجرة المشروخة فدائما ما تصل في نصف عبوتها.
استمر هذا الحال يومياً لمدة عامين، وكانت الجرة السليمة فخورة بإنجازاتها التي صُنعت من أجلها، أما الجرة المشروخة فكانت خَجِلة من عِلتها وتعيسة لأنها تؤدي فقط نصف ما يجب أن تؤديه من مهمة.
وفي أحد الأيام خاطبت الجرة المعيبة السقاء عند النبع قائلة: " أنا خجلة من نفسي، وأود الاعتذار منك، لأني أعطي نصف حمولتي بسبب الشرخ الموجود في جنبي الذي يسرب الماء طيلة الطريق إلى منزلك، والنتيجة أنك تقوم بكل العمل ولا تحصل على جهدك كاملا".*
شعر السقاء بالأسى حيال الجرة المشروخة، وقال لها في غمرة شفقته عليها: "عندما نعود إلى المنزل أرجو أن تلاحظي تلك الأزهار الجميلة على طول الممر" .. وأثناء اجتيازهم الممر لاحظت الجرة المشروخة تلك الأزهار البرية على أحد جوانب الممر، وأثلج صدرها ذلك المنظر الخلاب، فابتدرها السقاء قائلا: "هل لاحظت أن وجود الأزهار فقط في جانبك من الممر، وليس في جانب الجرة الأخرى؟ ذلك لأني كنت أعرف دائما عن صدعك، وقد زرعت بذور الأزهار في جهتك من الممر، وعند رجوعي يوميا من النبع كُنتِ تسقينها من شرخك الصغير، ولمدة عامين كنت أقطف هذه الأزهار الجميلة لتزيين المائدة، ولو لم تَكوني كما كُنتِ لما كان هنالك جمال يُزيِّن هذا المنزل".*