غداة إعطائها أوامر للجيش الوطني بالتحرك لتحرير العاصمة الليبية، دعت حكومة عبدالله الثني أمس إلى العصيان المدني في طرابلس، التي تحكم قوات «فجر ليبيا» قبضتها عليها، حتى تستعيد قواتها السيطرة عليها العاصمة، تزامناً مع تحقيق الجيش تقدم جديد في مدينة بنغازي، بسيطرته على منطقتي سيدي خليفة ودريانة شرق المدينة.
وطالبت حكومة الثني، في بيان، المواطنين بإعلان العصيان المدني، ووقف التعامل مع المجموعات المسلحة ومع الحكومة غير الشرعية في طرابلس، في انتظار دخول الجيش الليبي لتحرير المدينة من المتطرفين.
ودعت الحكومة شباب طرابلس الملتحقين بقوات الجيش إلى عدم القيام بأعمال انتقامية في المدينة، وعدم الاعتداء على الممتلكات الخاصة، وتسليم المسلحين المعتقلين إلى قوات الجيش.
استعادة منطقتين
وبالتوازي، قال مصدر عسكري إنّ كتيبة حسين الجويفي من مدينة البيضاء التابعة للجيش الليبي سيطرت بالكامل على منطقتي سيدي خليفة ودريانة شرق بنغازي، بعد اشتباكات مع جماعات «أنصار الشريعة» التي تتخذ من مزارع المنطقتين حصونا لها.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، أن قوات الصاعقة قامت بهدم ما تبقى من أسوار معسكر كتيبة 17 فبراير في بنغازي، ضمن خطة تأمين هذا المعسكر.
واشتبكت كتيبة 204 دبابات مع مقاتلي «أنصار الشريعة» في المدينة، وسقط خلال هذه المعارك ثلاثة قتلى من قوات الجيش الليبي، فيما جيوب «أنصار الشريعة» أضحوا بين فار وقتيل، حسب المصدر نفسه، الذي أكد أنَّه تم تأمين كامل المنطقة.
وأضاف المصدر: «خطتنا العسكرية تسير بانتظام وتحقق أهدافها بالتنسيق مع شباب الأحياء في المدينة، كان آخرها عملية عسكرية نُفِّذت ليل الثلاثاء- الاربعاء وأتت بنتائج باهرة.. باتت ساعات الإرهاب في بنغازي معدودة وسننتقل لتحرير طرابلس».
وقف تدفق السلاح
عربياً، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر لن تتعامل إلا مع مجلس النواب المنتخب من الشعب الليبي.
وقال شكري إن مصر توفر تدريبا عسكريا للقوات المسلحة الليبية، وشدد على أن الموقف المصري مبني على احترام السيادة الليبية، وطالب بحشد الجهود الدولية لوقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا، قائلا: «على الشركاء الأوروبيين الذين يتمتعون بقدرة ووجود عسكريين في منطقة البحر المتوسط أن يراقبوا ويصادروا جميع أشكال الأسلحة غير الشرعية».
وأكد شكري أن مصر غير معنية بالتدخل العسكري في ليبيا، مشددا على أن الشعب الليبي قادر على تحمل مسؤولية الاستقرار في بلده إذا ما توقف الآخرون عن إدخال السلاح.
وفد الأطلسي
في الأثناء، وصل إلى القاهرة وفد من حلف شمال الأطلسي برئاسة مساعد الأمين العام للحلف تراسفولوس تيرى ستاماتابولوس قادما من الجزائر، في زيارة لمصر تستغرق يومين، لبحث التطورات في ليبيا.
إلى ذلك، استقبل عمر الحاسي رئيس الحكومة المدعومة من الإسلاميين في ليبيا غير المعترف بها دولياً مبعوثاً خاصاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أول لقاء معلن مع ممثل لدولة أجنبية حسب الموقع الالكتروني لحكومته.
بنينا.. مدمرة وباتت بلدة أشباح بعد تحريرها
يجلس قائد القوات الخاصة في الجيش الليبي ونيس بوخمادة فوق مشهد مدمر في واحد من آخر مبان ما زالت سليمة، بعد عدة شهور من القتال قرب مطار بنغازي، حيث تمكنت قواته من وقف هجوم جماعات مسلحة تحاول السيطرة على المطار في بنينا.
وقال بوخمادة: «حررنا بنينا»، وهو يجلس في مكتب كان في السابق مزرعة، لكنه مجهز بماكينة فاكس وهاتف من نوع ثريا الذي يستخدم الاقمار الصناعية.
وكانت اشتباكات بنغازي، التي استخدمت فيها الطائرات الحربية والدبابات والمدفعية، من الاسوأ منذ عام 2011 . وعزز هذا العنف مخاوف الغربيين بأن ليبيا قد تنزلق الى حرب أهلية.
وتدور المعركة من اجل السيطرة على بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، والمنطقة المحيطة بالتوازي مع الصراع في طرابلس. والصراع الفوضوي من أجل السيطرة على المدينة بعد طرد القوات الخاصة دفع القوات الحكومية والوحدات غير النظامية الى خوض قتال ضد تحالف من ألوية اسلامية على مدار عدة شهور.
لكن الانتصار النادر للقوات الموالية للحكومة بعد هجوم حاسم جاء مقابل ثمن باهظ. فقد بدت بنينا بلدة أشباح.
وشاهد مراسل لـ «رويترز»، كان في جولة نظمها الجيش لهذه البلدة، كل المباني السكنية تقريبا والمدارس والمستشفى بل والمسجد وقد لحق بها جميعا ضرر شديد أو دمرت.
وقتل أكثر من 70 شخصا في الاشتباكات، ومازال القتال مستمرا في أجزاء أخرى من بنغازي مهد انتفاضة 2011، فيما تقف الاسقف المنهارة في العديد من المباني السكنية والمسجد في بنينا شاهدا على العنف.
رد مع اقتباس
