لاتزال الحرب على «داعش» خارج العراق وسوريا متقطعة الوتيرة، متقاعسة الأداء. غير أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد تعهد بإطلاق تحرك مناهض لوحدات «داعش» أو مخيمات التدريب في ليبيا، إذا شكلت تهديداً محدقاً ببريطانيا. وقد كان محقاً في قوله ذاك. إلا أن الخطوة التي أعلن عنها في إندونيسيا، البلد الإسلامي الأكبر، تبعث بمؤشر هو الأبرز على صعيد إصرار بريطانيا على قتال التنظيم، منذ حصول الاعتداء الأخير الذي استهدف مواطنيها في تونس.
إلا أن ضرب مواقع التنظيم داخل ليبيا تعتريه موجة من الذكريات حول التدخل العسكري عام 2011، بقيادة بريطانيا وفرنسا، الذي يعتبره البعض سبباً في إطلاق شرارة الفوضى في البلاد.
لا حاجة لحظر ذي أساس تاريخي من أجل التحرك ضد مقاتلي «داعش» في ليبيا. وقد امتنعت الحكومة البريطانية حتى الآن عن تنفيذ وعد كاميرون برد «شامل» على الجريمة التي حصلت في تونس، وذلك على أمل ولادة حكومة تونسية تدعو لتدخل قوات أجنبية.
لابد للحكومة البريطانية أن تتحرك ليس من منطلق الانتقام، بل بالاستناد إلى أهداف استراتيجية محددة. ففي النهاية لن يكون هناك من معنى لتحرك عسكري ضد «داعش» ما لم يأت ضمن استراتيجية شاملة. فكما في العراق وسوريا، لن تتمكن القوة الجوية وحدها من حل كمّ المشكلات التي جعلت من ليبيا ملاذاً جاذباً لمقاتلي تنظيم «داعش» والموالين له. يتعين مساعدة تونس على بناء مؤسسات قوية، كما ينبغي على جميع الدول المعنية، وليس بريطانيا وحسب أن توفر أمن الحدود مع ليبيا. ولابد من أن يتفهم كاميرون المسببات الأساسية لغضب المسلمين.
يتعين على الجهد الدبلوماسي الغربي للمساعدة في ولادة بلد سليم في ليبيا الانطلاق بكامل زخمه، سيما أن انهيار البلد لا ينعكس خطراً على البلدان المجاورة وحسب، بل على العالم أجمع. وليبيا تستدعي اهتمامنا الكامل.
رد مع اقتباس
