يعرف أين تعيش، وما نوع السيارة التي تقودها، ومع من تجتمع اليوم، ومقدار السكر الذي تفضله في قهوتك!
هذا هو “ذا إيدج” أو “The Edge” أذكى مساحة مكتبية موجودة على ظهر الكوكب اليوم.
يبدأ اليوم التقليدي في مبنى “ذا إيدج” الموجود في أمستردام مع تطبيق طورته الشركة القاطنة به حالياً وهي عملاق الاستشارات المهنية “ديلويت”، فمن اللحظة التي يستقيظ فيها الموظف يصبح متصلاً بشكل تلقائي بالتطبيق الذي يتحقق من جدوله الخاص، بينما يتعرف المبنى على سيارته بمجرد وصولها ويوجهها إلى مكان متاح بموقف السيارات.
بعد ذلك يساعد التطبيق الموظف على إيجاد مكتب متاح للعمل عليه، وذلك لأن في “ذا إيدج” لا يوجد هناك مكتب خاص بأي شخص، يستند التطبيق في اختياره لمساحات العمل على الجدول الزمني الخاص بالموظف، بمعنى أنه يمكنه إرساله إلى مكتب للجلوس عليه أو مكتب يقف إلى جانبه أو إلى غرفة الاجتماعات.
وفي الحقيقة يوجد لدى الهولنديين عبارة تصف كل ذلك، وهي: ” het nieuwe werken” أو “الطريقة الجديدة للعمل”، فالأمر يتعلق باستخدام تكنولوجيا المعلومات لتشكيل الطريقة التي يعمل بها البشر والمساحات المكتبية التي يقومون فيها بذلك العمل، ويتعلق أيضاً بالكفاءة في استخدام الموارد بالمعنى التقليدي، ففي “ذا إيدج” تنتج الألواح الشمسية كهرباء تزيد عن احتياجات المبنى.
ويحاول تقرير نشرته “بلومبرج” إلقاء نظرة أقرب على المبنى الذي وصف بأنه الأكثر خضرة في العالم، وفقاً لوكالة التصنيف البريطانية “BREEAM” (مؤﺳﺴﺔ ﺑﺤﻮﺙ ﺍﻟﺒﻨﺎء ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ) والتي أعطته أعلى درجة استدامة منحتها لأي مبنى على الإطلاق: 98.36%.
خصائص استثنائية
– المستأجر الرئيسي للمبنى الذي تم تصميمه من قبل شركة الهندسة المعمارية البريطانية “بي إل بي آركيتكتشر” هو شركة الاستشارات المهنية “ديلويت”. ويضم المبنى أسقفا ذكية تحتوي على 28 ألفاً من أجهزة الاستشعار التي تقيس درجة الحرارة وكثافة الضوء والحركة والرطوبة.
– يمكن للموظفين التحكم في درجة الحرارة وكثافة الإضاءة والستائر عن طريقة تطبيق مثبت على جوالاتهم الذكية، ولكن إذا أراد المستخدم تغيير درجة الحرارة على سبيل المثال تتحرك صمامات الأنابيب وفق هذا الأمر في كل أربعة مكاتب، لذلك يأمل الموظف أن يكون الجالسون هناك سعداء بالتغيير.
– تم تصميم المبنى بطريقة تشعر الموظف وكأنه يجلس في الهواء الطلق من خلال اختلافات في درجة الحرارة والتيارات الهوائية. ولا تبعد أي مساحة عمل أكثر من 7 أمتار عن النافذة، ولكنها في نفس الوقت مصممة لكي تحجب الأصوات الخارجية مثل أصوات السيارات على الطرق السريعة أو القطارات القريبة.
طريقة جديدة للعمل
– يعمل لدى “ديلويت” حوالي 2500 عامل يتقاسمون 1000 مكتب، ويطلق على هذا المفهوم “هوت ديسكينج” ومن المفترض أنه يشجع الموظفين على إقامة علاقات جديدة، ويمنحهم فرصة للتفاعل فيما بينهم.
– يتم استخدام المكاتب فقط عندما تكون هناك حاجة إليها، حيث إن بعض الغرف في “ذا إيدج” تحتوي فقط على كرسي ومصباح (من دون مكتب)، وهو مكان يبدو مثالياً لإجراء مكالمة هاتفية.
– هناك أيضاً غرف للعب وتناول القهوة تحتوي على آلات إسبريسو تذكرك بنوع القهوة المفضل لديك، ويمكن لأي شخص يملك جوالاً ذكياً أو كومبيوتر محمولا أن يصله لاسلكياً بأي من الشاشات المسطحة الضخمة المنتشرة في أرجاء المبنى.
التحكم في كل شيء
– تقوم “ديلويت” بجمع بيانات حول كيفية تفاعل موظفيها مع “ذا إيدج”، حيث توجد هناك لوحات مركزية تراقب كل شيء بداية من استخدام الطاقة ووصولاً إلى الموعد الذي تحتاج فيه آلات صنع القهوة أن يتم إعادة تعبئتها.
– في الأيام التي يتوقع فيها النظام حضور عدد أقل من الموظفين، قد يتم إغلاق قسم كامل، وبذلك توفر الشركة في تكاليف التدفئة والتبريد والإضاءة والتنظيف.
– كانت فلسفة “ديلويت” حين أقدمت على تشييد “ذا إيدج” هي أن أي استثمار يمكن أن يغطي تكلفته في غضون 10 سنوات يستحق المحاولة، ورغم رفضها الكشف عن التكلفة قال “إيرك أوبيلز” كبير موظفي قسم المعلومات لدى الشركة في هولندا إن الأمر قد يستغرق 8.3 عام قبل أن تسترد “ديلويت” القيمة الأصلية لاستثمارها.
أنابيب طويلة زرقاء– جُهز مبني ” ذا إيدج ” بشبكة واسعة من نوعين مختلفين من الأنابيب، أحدها يحمل بيانات (كابلات الإنترنت) والآخر يحمل الماء، وخلف كل لوح بالسقف توجد لفائف ضخمة من الأنابيب الزرقاء الرقيقة التي توفر المياه لأغراض التدفئة التبريد.
– خلال أشهر الصيف يتم ضخ المياه الدافئة إلى خزان يقع على عمق 400 قدم تحت المبنى، وتبقى هناك معزولة حتي حلول فصل الشتاء لتتم إعادة امتصاصها من أجل استخدامها لأغراض التدفئة، ولذلك يعتبر النظام الذي طور خصيصا لـ “ذا إيدج” هو أكثر خزانات الطاقة الحرارية كفاءة في العالم.
الطاقة الشمسية
اعتماد كلي– الجدارالجنوبي للمبنى عبارة رقاقات من الألواح الشمسية والنوافذ التي تساعد على تنظيم الحرارة وتقلل كذلك من الحاجة إلى الظل على الرغم من تعرضها المباشر للشمس، ويستخدم “ذا إيدج” طاقة تقل بحوالي 70% عن تلك التي قد يحتاج إليها أي مبنى مماثل.
– توجد أجهزة استشعار بكل لوحة شمسية توفر تقارير مفصلة حول درجة الحرارة والرطوبة، ووجدت دراسة أجرتها “ديلويت” أنه في حين أن أقل من ربع الموظفين هم الذين يستخدمون تطبيق تعديل الحرارة إلا إن ثلاثة أرباعهم يقولون إنهم يحبون ذلك
دور الروبوت
تخرج أجهزة الربوت في الليل في دوريات لحراسة المبنى، وفي حال أطلق الإنذار يقوم الجهاز الآلي المجهز بكاميرا بتحديد الجاني بسرعة، وهو ما يسمح لطاقم الأمن بالتأكد ما إذا كان إنذاراً كاذبا أو لا.
– من أجل عملية تنظيف أكثر كفاءة، ترسل أجهزة الاستشعار الموجودة بالأسقف الضوئية في نهاية كل يوم بيانات حول المناطق التي شهدت أكبر قدر من الحركة، لكي يقوم عمال التنظيف بمساعدة الروبوتات المسؤولة عن التنظيف بالتركيز على تلك المناطق.