يقول الشيخ ناصر السابعي : ذات مرة جمعت العشاء مع المغرب جمع تقديم في ( جامع روي ) – حيث أكون مسافرا هناك ـ وكنت أنا إمام صلاة العشاء وكان سماحة الشيخ حاضرا ، فلما فرغت أقبل علي ، فسلمت عليه ، فقال لي : " هذه الحالة إن كانت تسوءني من غيرك مرة ، تسوءني منك ومن أمثالك مرات ، أنتم تشجعون الناس على جمع الصلاتين وتوهمون العوام أنه لا بد من الجمع في السفر .." وأنا محتار ماذا أقول ، وإنما أكرر له قولي : " إن شاء الله ، إن شاء الله " ثم قلت له أخيرا :" إن شاء الله لن أعود " فابتسم لي وافترقنا ..
ورغم أن لي بعض العذر في الجمع من جهة الصحة والاشتغال ، لكن ظلّت تلك العبارات تتردد في خاطري ، وجلست أقلّب فكري في الموضوع ، وأراقب حالة الجمع المتكررة في ( جامع روي ) إثر كل صلاة ظهر وكل صلاة مغرب ، فأدركت أن الحالة تورث استياء شديدا .
ثم حرصت ألا أجمع الصلاتين قدر الإمكان ، خاصة في ( جامع روي ) خشية من عدم تحقيق الوعد بعدم العود ، وحرصا على رغبة سماحته في وضع الإنسان نفسه موضع القدوة ، وصرت أكابد متاعبي ومشاغلي مفضلا عدم الجمع أبدا على أية حال مهما كلفني الثمن ، اللهم إلا في حالات الضرورة ، وكانت النتيجة أني ازددت حرصا على صلاة الجماعة حتى في حال الطريق ، وصرت أوقّت للجماعات في السفر لأحدد المسجد الذي ستحضرني فيه الجماعة ، ثم حرصت أن أنصح من يجمع بعدم الجمع ، خاصة من كانت له نظرة من قبل الناس ، وعلى أية حال فقد أصبح الجمع لدي مما لا أحبه لأنه أصبح يعني لدي الكسل وحب الدعة والنفور من العبادة والتشجيع على الإهمال .
وانعكس أثر الاهتمام بعدم الجمع على كثير من سلوكياتي وحفاظي على المواعيد ، وكان لذلك أثر بالغ في تقوية عزيمتي وطاقتي الروحية ، فقد كان ذلك دافعا إلى الإكثار من صلوات النوافل ، والتعلق بالمسجد في أوقات الصلوات الخمس ، وها أنا الآن أشعر بسعادة غامرة بهذا التطور الجيد في حياتي الروحية ، وأكثر من ذلك زاد حبي للشيخ وغبطتي بنصيحته لي ، حيث نما لدي الشعور باقترابه مني واقترابي منه أكثر من ذي قبل .. لا سيما بعد أن ذكرت الحادثة لأكثر من شخص ، فكانوا يقولون لي :" أنت محظوظ بحظوتك لدى الشيخ ، نحن نتمنى أن ننال من إرشاد الشيخ وتقويمه وتسديده وتصحيحه للأخطاء مثل ما نلت ، لأننا نشعر بأنه مثل الوالد الذي يحرص على مصلحة أولاده وتهذيبهم😊✨