تقول مديرة مدرسة .
استوقفتني معلمة الصف الأول وأنا أتجول في المدرسة، وقد بدا على ملامحها الضيق والغضب والحيرة!!
المديرة : صباح الخيرالمعلمة : (بحدة تحاول اخفاءها)
مس نادية عندي تلميذ تصرفاته غير طبيعية!! ومستفز، وأنا تعبت معه!!
المديرة : في الصف الأول الإبتدائي؟؟ماهي مشكلته؟
المعلمة: دائماً يمسك بوجوه الطلاب كل ما يحكي معهم !!
وحين يحكي معي يقترب من وجهي كتير؛
أخبرته أن يترك مسافة بينه وبين أي أحد يتعامل معه ؟! ولكن من دون فائدة !!
وبعد نقاش طويل وتفاصيل كثيرة،
استدعيت الطالب، وتحدثت معه لأكثر من عشر دقائق؛ لم يعرني اهتمامه في البداية
ولكن بعد أن عرضت عليه الحلوى
اقترب على استحياء،، ووضع يده على وجهي وابتسم، ثم غادر !شعرت أن لا بد من إستدعاء والديه
فطريقته في التواصل مع من هم في عمره
وحتى مع معلمته مزعجة وغير اعتيادية!!
في اليوم التالي،كنت متأهبة لاستقبال والديه،
لا بد أن الطفل يتعرض للعنف أو ما شابه
حتى لو أنكروا لن أصدقهم بسهولة.إلخ إلخ .. من هذه الأفكار والإستنتاجات
وصل والد الطفل(وبدا على ملامحه القلق من استدعائه)
ووالدته تمسك بيد زوجها بهدوء وثبات الى غرفة الإستقبال،
وفي نفس اللحظة في ممر الإدارة دخل الطفل مسرعا إلى حضن أبيه وأخذ يتحسس وجهه وشعره
(بنفس طريقة الطفل مع زملائه ومعلمته) !قال له الأب : لماذا المدرسة طلبوني؟؟
إنت شو مسوي ؟رد عليه ببراءة : ما أدري واللّه أنا شاطر!
( وخبّأ وجهه بين يدي والده لعله يشعر بالأمان) !
هنا فقط اكتملت لدي الصورة ..
وأدركت كم من الحقائق المهمة لا نراها !!
دخل الوالدان وأنا أحاول أن ألملم أفكاري المشتتة،،
فبادرني بالتحية والسؤال : عسى ما شر؟ إن شاء اللّه مو مغلبكم معاه؟صحيح أنا ضرير لكن أشوفه بقلبي وعقلي كل دقيقة
وأتابع كل حركاته وتصرفاته
أدركت حينها أن الطفل يتعلم التواصل مع من حوله من والده الضرير
وأدركت أنه قد تعلم الحب العميق
من يدي والده ومن ملمس وجهه..!بقلب أثقله الدمع..
ولسان تلعثم قبل أن ينطق،أجبته :
ابنك شاطر ومميز وحبينا نكافئه أمامكم
لإنكم جزء من تميزه !!اللّه يجعله نور للبصر والبصيرة ..!
أخذت أردد في نفسي : كم نحن جهلة حين نحكم على ظاهر ما نراه..ثم تنكشف الحقيقة
فنُصدَم من جهلنا وتسرُّعَنا في الحكم !
اللهم لا تنزع منا الرحمة ،ولا تتركنا نحيا دون الإحساس بها،