أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
باتت وسائل التواصل الاجتماعي تشكل أهمية كبيرة في جميع مجالات الحياة، كما أنها أضحت جزءً لا يتجزأ من عمل المؤسسات في ظل التطور الرقمي الذي نواكبه في عصرنا الحالي. ورغم أن هذه الوسائل الإلكترونية جاءت لخدمة الإنسان وسهلت عليه الكثير من أمور الحياة اليومية، إلا أن البعض أساء استخدامها مما سبب الضرر للآخرين.
إن إفراد قانون خاص لمكافحة الجرائم الإلكترونية أصبح ضرورة ملحة لجميع الدول، وهذا ما أولته السلطنة اهتمامًا، حيث قامت بسن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الذي صدر بالمرسوم السلطاني رقم 12/ 2011.
وفي هذه الزاوية عبر “أثير” سنتناول أبرز جرائم تقنية المعلومات التي نص عليها المشرع العماني والعقوبات الواردة بشأنها.
نظم المشرع العماني جرائم تقنية المعلومات في سبعة فصول، وخصص الفصل الثالث لجريمة إساءة استخدام وسائل تقنية المعلومات وذلك بمعاقبة كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو بيع أو شراء أو استيراد أو توزيع أو عرض أو إتاحة برامج أو أدوات أو أجهزة مصممة أو مكيفة لأغراض ارتكاب جرائم تقنية المعلومات أو كلمات سر أو رموز تستخدم لدخول نظام معلوماتي، أو حاز أدوات أو برامج مما ذكر، وذلك بقصد استخدامها في ارتكاب جرائم تقنية المعلومات، وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال عماني ولا تزيد على خمسة عشر ألف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ومن أبرز جرائم تقنية المعلومات:
1- الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد وذلك عن طريق التقاط صور أو نشر أخبار أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بها ولو كانت صحيحة. ويعاقب الفاعل بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين من يقوم بهذا العمل باستخدام وسائل تقنية المعلومات.
2- التعدي على الغير بالسب أو القذف باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات، والقذف يكون بأن يسند القاذف إلى الشخص واقعة من شأنها أن تجعله محلا للازدراء، والسب بأن يوجه إليه ألفاظا تمس شرفه أو كرامته. وجاء في النظام الأساسي المادة (35) أن: “حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون.” وعليه لا يمكن التعدي على الشخص بالسب أو القذف في برامج التواصل الاجتماعي كتويتر أو الفيسبوك أو أي برنامج آخر تحت مظلة التعبير عن الرأي؛ وذلك أن التعبير عن الرأي يجب أن يكون في حدود القانون.
ويعاقب الفاعل بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.
3- جريمة التهديد أو الابتزاز التي تقع على أي شخص لحمله على القيام بفعل أو امتناع ولو كان هذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعا، ويعاقب الفاعل بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ونلاحظ أن المشرع شدد العقوبة إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور مخلة بالشرف أو الاعتبار وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال عماني ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عماني.
4- الجرائم التي تمس القيم الدينية أو النظام العام، سواء عن طريق الإنتاج أو النشر أو التوزيع أو الشراء أو الحيازة، ومثال الجرائم التي تمس النظام العام جريمة انتهاك المتعقدات الدينية، ونص النظام الأساسي للدولة على ضرورة مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة. ويعاقب الفاعل بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وخلاصة القول بأن العديد من الناس أصبحوا يعبرون عمّا في داخلهم في برامج التواصل الاجتماعي دون مراعاة للقانون والآداب العامة وما قد يلحقهم من مسؤولية جزائية عن إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونلاحظ أن المشرع اهتم بتنظيم جرائم تقنية المعلومات إذ وضع تشريعا خاصا بها. ومن واجب الجميع الحذر في استخدام هذه الوسائل وذلك تجنبا لما قد يلحقهم من مسؤولية جرّاء ما يقومون بنشره أو ترويجه.