سيمفونية للشّعر

(سيمفونية للشعر)

يا شعر.. يا وجع الدفاترِ والرؤى
فـوق الدفاترِ.. أينـع الخذلانُ

كلُ الحروفِ خناجـرُ مزروعـةُ
في خصرِ قافيتي.. فـما الأوزانُ؟

والبـوحُ سـيمفونـيةُ تنتـابها
غـيبوبـةُ فـكريَّـةُ وقِـيانُ

شعري أنا جذرُ بواحاتِ الهوى
وجمـيعُ أشـعارِ الهوى أغـصانُ

والوجدُ من أدبي.. يُطـلُّ برأسه
فكـأن كـل مكـاسبي وجدانُ

بالشِّعر أحذفُ.. أو أخطُّ عوالماً
وبكـبرياءِ قصـيدتي سلـطانُ

إن لم أشيد دنـا الهـوى بأصابعي
فدنـا الهـوى.. وأصابعي بهتانُ

أدمنتُ حورَ الكونِ.. ثم عرفت إذْ
أدمنتُ شعري.. ما هو الإدمانُ!

دعني عـن التأريخِ أروي قصـةً
لم يروها "كسرى" ولا "هـامانُ"

وأجيءُ من مدنِ الفصاحةِ مُسقطاً
بخناجرِ الكلماتِ من بك خـانوا

حربُ الكتابةِ لن تضـع أوزارها
حتى سماسـرة الشفاهِ يُـدانـوا

فقصـائدُ الأعرابِ بـوحُ ما له
بـوحُ.. وبـحرُ ماله شـطآنُ

عامانِ.. والصحراءُ لا تلقي لها
أذناً.. كأن لهمسـها أسـنانُ

ضاعت على نَهـَمِ الشفاه.. فمالها
حـتى على نهَـَمِ الشفاهِ مـكانُ

عيدانها تعزف.. لوجه العزفِ.. لا
تعزف لكـي تتـأوه العـيدانُ





الشعرُ سحرُ.. من أفـانين المنى
في دفـئه تفعيــلة.. وأمــانُ

هو ألف سرب عنادلٍ..ينسابُ في
عفَـويَّة الأطفالِ.. وهو كـيانُ

وهوىً تندَّى في مخيلةِ الهـوى
ورؤىً.. وسبع سنابلٍ.. وحسانُ

ترى يا دهـاة الحرفِ ماذا نبتغي؟
الحـسّ؟.. أين الغارقُ العطشانُ؟

المجد؟.. ما بـالُ الكتابةِ إن همى
لحنُ الوغى.. ماتت بهـا الألحانُ؟

ما بـالُ أبواق الغموضِ بشـعرنا
نُفخت؟.. أيروي غيره الظـمآنُ؟

الشعر؟.. فالشعرُ الحقيـقي الذي
تسرج رؤاه بنـادقُ.. وسـنانُ

يرويه أطفالُ الحجارةِ وحـدهم
وجمـيعنا القــرّاءُ.. والنُّدمـانُ

نخـلع عليه حروفَنا العصماء.. لا
يملك نواصي عـزفه الفـنانُ

(شعر: علي حميد العلوي)