الكمان المكسور,,,,,,,,,لم نعلم ماذا كان يريد منا معلم الموسيقى!!!.. حينما دخل الصف فجأة في منتصف الحصة .. كعادته نظر مليا في العيون الصغيرة ..واختار ثلاثة منا..كنت احدهم .. اقتادنا الى غرفة الموسيقى ..طلب منا اختيار الآلة المناسبة .. طبعا آلة الكمان بألوانها وسحر أوتارها جذبتني لاخذها..واختيارها .. كطفل صغير ضممت الكمان الى حضني .. صوته تسلل الى كياني ..عرفت عن كثب اوتاره الاربعة .. ومواضع الاصابع الاربعة .. استوعبت الكمان سريعا .. بهرني شعر الخيل في العصا ..كيف ذاك اللحن الحزين ياتي من تناغم بين الاوتار وشعر الخيل .. لم يشأ ان يفارقني ذلك اليوم ..وفي اليوم التالي كان اللقاء حميميا .. شعرت كأن الكمان .يتحدث ... يتكلم ... يحلق بي الى دنيا من الاحلام والخيال ..يلهب نار الذكرى ..يستفز الدموع بلا رحمة .. استئذنت الاستاذ بحمل الكمان الى المنزل ..لم اتحمل الانتظار حتى لقائه لليوم التالي .. لم يتردد بالموافقة على طلبي .. لم تسعني الفرحة ..حملته بكلتا يدي في صندوقه الجلدي الاسود ... كأن الحافلة بطيئة ذلك اليوم ..وصلت للمنزل بعد عناء طويل ..فتحت الصندوق سريعا ..وضعت الكمان على كتفي الايسر ..وشرعت باللعب على الكمان وعزفها ..تمازج واضح.. لم أكلم احدا ذلك اليوم .. صوت الكمان يملأ غرفتي .. تتراقص الانغام ممزوجة بحماس واضح ..كنت بحاجة الى خلوة مع نفسي.. مع الكمان ..أناجيه ..أحلق مع أنغامه ..كي تصغر المآسي في عيني ..كي تذوب أحزان الطفولة .. وتتوالد الفرحة .. أفتقدتها كثيرا ..كم كنت افتقد اشياء صغيرة وجميلة .. منذ زمن ..كأن الكمان على موعد مع صباح سعيد .. ها أنذا أشعر بالحرية المطلقة .. بالحيوية المفعمة .. بالرغبة في الجنوح الى عالم مكتظ الحب ..والعبث بمتاهات زمن غريب .. رغبة جامحة .. وصرخة مفجعة ..انادي اعطني الكمان وغني .. عطلة نهاية الاسبوع ..الكمان حاضرا في المشهد .. بقوة.. أسرعت باتجاه غرفتي المظلمة ..الكئيبة .. ..صاخبة بالوحدة.. أوقدت مصباحا خافتا .. انفرجت نافذتي الموصدة ..تسلل نور فضي ..تناولت الصندوق الاسود للكمان .. فتحته بتأني مريب ..وضعت الكمان على كتفي ...مسكت العصا..سقط شيء ما.. معقولة؟ ما أرى؟ .الكمان مكسورا ؟....ذهلت ..كسر واضح في العصا ..تمعنت قليلا .. يبدو ان احد ما ..عبث بالكمان وكسر عصاته .. هرعت اسأل .. إجابة غير واضحة المعالم ..أنه الطفل الشقي ...سلطان.. في النهاية كمان مكسور .. ذاب قلبي ألما .. من المشهد المذهل ..الحلم تبدد ..ضاع بلا عودة .. رغبة في الانتقام ..بتكسير كل شيء بالقرب مني .. صراخ بدون صوت ..ألم بلا هوادة .. يأس ..حرمان من الحياة والحرية .. هل يعني نهاية المطاف ...باعتقادي كل شي انتهى؟ ..غربت الشمس بسرعة ملفته .. فتحت النافذة .. تسللت ريح باردة الى غرفة مظلمة .. تملكني شيء من الحزن والكأبة المفرطة ..اتمتم كلمات في نفسي ..اتسائل ... ماذا فعلت ؟ .. هكذا هي قدسية الاخوة؟.. أنهيت مصير الكمان ..بددت حلمي ..بعثرت أمنياتي .. ماذا صنعت ؟ ..حتى أنت يا سلطان ؟؟........بقلمي ناصر الضامري