" الصحفي الجزائري محمد يعقوب "
عن سلطنة عمان

صديق عماني أخذني مع زميل أميركي في جولة في العاصمة مسقط؛ بدأنا من الساحل حيث الفنادق الحديثة المتراصة في نظام وفن، مروراً بالطرق المشقوقة وسط الجبال المخضرة، وعطفاً على وسط المدينة، وأخيراً إلى الميناء حيث السوق القديم، وسور «اللواتية»، وعدد من الإخوة الشيعة يحتفلون بمولد الإمام الحسين بأهازيج هادئة، وصولاً إلى مسجد «الرسول الأعظم»، من دون أن تلمح شرطياً واحداً لإقرار الأمن، الذي تحسه في كل بقعة وكل آن. سألني الزميل الأميركي سؤالاً مباشراً: [color="#000000"]«من أين أتى العمانيون بهذا الرشد؟».[/color]

لا أعرف من أين أتى العمانيون بهذا «الرشد» حقاً، لكن هذا السؤال قادني إلى محاولة تحليل قدرة هذا البلد الملحوظة على اجتراح التقدم المسؤول والمحسوب من دون إثارة ضجيج أو افتعال شهرة وطلب رواج.

يبدو أن تلك السلطنة المفرطة في القدم والتاريخ المعز، والتي حصلت على استقلالها منذ منتصف القرن السابع عشر، قررت منذ خرجت إلى العالم في سبعينيات القرن الفائت أن تحتفظ بعوامل البقاء ولا تدلل عليه، وأن تنحو نحو التنمية ولا تتباهى بها، وأن تلعب أدواراً خليجية وقومية إيجابية وبناءة ولا تروج لها، وأن تكتفي من كل هذا الجهد بعائد تعرف قدره وحدها... الأمان والسلام واليسر وتفادي المخاطرة والمباهاة الفارغة.