. كل عمل تريد أن تصنع له واقعاً في حياتك لا بد أن تسبقه رغبة عارمة في تكوينه، وكل الأشياء التي تأتي بـاردة ما تلبث أن تمـوت مع الأيـام ! وعاداتك الإيجابية التي تريد أن تكونها، أو عاداتك السلبية التي تريد أن تتخلص منها؛ هي كذلـك وقف على رغبتكالجادة أولاً وأخيراً!.ـ لا يمكن أن تدخر من راتبك شـيئاً لمهمات الحياة القادمة حتى تتكون لديك تلك الرغبة الملحة التي تدفعك لإخراج جزء فيـه للادخار رغـم حاجتك الملحـة إليه،وتضحي من أجل ذلك.ـ ولا يمكن أن تغير سـلوكك في تعاملك مع أقاربك وأرحامـك وأصدقائك ما لم تأخذ تلـك الرغبة حقها منقلبك ومشاعرك.ـ ولا يمكن أن تتحول من حالتـك الغضبية إلى حالة الهدوء والصبر إلا بتلك الرغبة التي تمكنك من ذلك.ـ وقل مثل ذلـك لأولئك المتشـائمين؛ لا يمكن أن يغيروا واقعهم البائس وحال التشاؤم الذي يلازمهم إلا خلال رغبة جادة تغير عليهم في كل حين، وتبعث لديهم شوقاً كبيراً لتغيير تلك الحال.ـ وقل مثل ذلك في مسألة القراءة وتكوينها في حياتك وجعلها عادة يومية في يومك وليلتك، ما لم تشـعر بقبح الجهل ستظل حلما يراودك وأملاً يشـغل بالك، ولكن - لا واقع لها في يومك وليلتك.كثيرون يرون نجاحات الآخرين، ويشتاقون إليها،ويجدون في نفوسهم حنيناً للحاق بهم، ولكن رغبتهم إلى تلك النجاحـات لم تخالط بشاشـة قلوبهـم، فتعود في النهايات أشبه ما تكون بالذكرى!..كما قال ابـن الجـوزي المال وهو يتحـدث عن أثرالمواعظ، فقال: هي أشـبه ما تكون بالسياط على ظهر سامعها، إذا بردت نسي ألمها ولم يبق منها شيء.• كل رغبة لا تتحول في حياة صاحبها إلى هدف يجالد من أجله، ويتوقف إجلالاً لزمنه، ويقطع منه في ذات اليوم جزءاً من مسافته؛ لا يمكن أن يهنأ بشيء منها ولو طال الطريق!.إذا أردت أن تقيس هذه الرغبـة التي تختلج في قلبك ومشـاعرك، فانظر لواقعك منها؛ فإن تحولت إلى أهداف تناضل من أجلها وتكتـب حظك منها كل يوم، فاعلم أنها الرغبة التي ترد بك إلى أشـواقك ولو بعد حين، وإذا بنيت تلك الأماني في قلبك، ولم تخرج في صورة عمل، فلا قيمة لها في واقعك ولو طال بهـا الحنين إلى الحياة، وقد قـال الله تعالـي: « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾ [الرعد: 11 ].وقوله تعالى: «حتى يغيروا » شـرط في الحياة المبهجة التي تنتظرها، وما لم تدفعك رغبـة عارمة لتلك الأماني سنظل تراوح في مكانك دون شيء.. علمتنا الحياة يـا صاحبي: أن الأمانـي التي تطرق قلوبنا يشـوق؛ ندفع أرواحنا من أجلها حتى تصبح ربيعاً مورقاً مع الأيام!.