السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غلطة كبيرة
عبد الله المغلوث Abdullah_Almogluth

كنت أعمل قبل سنوات مسؤولا عن مشروع صغير يعمل معي فيه أربعة أشخاص. المدة الزمنية قصيرة والمتطلبات كثيرة. أثناء مرحلة حرجة في تنفيذ المشروع فاجأني أحد زملائي الأربعة بطلب إجازة دون سابق إنذار لمدة يومين دون أن يبدي الأسباب. المشكلة أن من طلب الإجازة زميل كفء ونحتاج إلى خبراته المتميزة في هذه المرحلة الحرجة في كل لحظة. سألته عن سبب الإجازة الطارئة ولا سيما أن الجهة التي نعمل لها أشعرتنا بإيقاف الإجازات لمدة شهرين حتى ننتهي من هذا المشروع. أجابني بأنه سيذهب إلى الرياض برا من الخبر لأمر عاجل. قلت له يكفيك يوم واحد لو ذهبت بالطائرة ، ومستعد أن أرتب لك الحجوزات بنفسي. رفض مساعدتي مشيرا إلى أنه يحتاج إلى يومين كاملين ويفضل أن يذهب بالسيارة. احترمت قراره ووافقت على إجازته لكن كتبت له رسالة إلكترونية (إيميل) قلت فيه: "لم يرق لي أسلوبك. توقعتك أكثر مرونة وتعاونا". لم يرد على إيميلي بل جاء إلى مكتبي وذرف حزنه قائلا: "ما دمت متضايقا من تصرفي سأبوح لك. زوجتي مشلولة ولا تستطيع السفر بالطائرة. وضعها الصحي الحالي يتطلب استلقاءها في المقعد الخلفي. اتفقت مع أخيها أن يسافر معها إلى الرياض لكنه اعتذر في اللحظة الأخيرة بسبب ظرف. ولا أريد أن تخسر هذا الموعد فحرصت أن أرافقها رغم ظروف عملنا. هل ارتحت الآن؟".قلت له: "لم أرتح بل تضاعف ضيقي لأني شعرت أني تجاوزت حدودي معك بإلحاح غير مبرر". نكأت جرحا غائرا في روحه عبر عنه بكلمات أشبه بالرماد الذي يطلي الحرائق: "أقدرك يا عبدالله. لكن لم أرغب أن أفشي وضع زوجتي خارج دائرتنا. لا أحب أن ينظر أحد إليّ أو إلى زوجتي بنظرة شفقة".كان هذا الموقف درسا لي لأقدر ظروف الآخرين ولا أعرضهم للإحراج بحثا عن إجابة من الحري أن تظل مختبئة في الصدور.علينا أن نمنح الآخرين مساحة لا نقترب منها ليس في هذا الموقف فحسب، وإنما في جميع التفاصيل.تلقيت منذ فترة رسالة من سيدة انفصلت عن زوجها كتبت فيها: "أسوأ سؤال أواجهه بشكل يومي: لماذا انفصلت؟".ينبغي أن نقمع فضولنا ونقدر الآخرين باحترام قراراتهم ونقلع عن غلطاتنا المتكررة.