على سطحها أرنو لا أحب القيود أبداً أحب المرح ،والضحك ،واللعب لا أريد شيئا يعكر صفو حياتي لعبتي ،وأنا وجميع أقراني نلعب ،ونكره العواصف الهوجاء؛ منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض أكرمه الله عن سائر المخلوقات ،وسخر له الأرض وما حملت لخدمته وتوفير احتياجاته من صغره وحتى يبلغ المشيب ،ومع تقدم العصور تسارعت الأيام وانقضت السنون وتكاثر بني البشر ،هناك من أستعبد ونبذ وعذب وحرم من طيبات ما اُحل له ،ومن ضمنهم الطفل ولم يكن هناك من يسعفهم فهم لا حول لهم ولا قوه ،ومع تسارع الأيام مجدداً وظهور الإسلام كفل الطفل وحفظ حقوقه وحماه مما يهلكه ويعذبه ،ومضت السنين ووصولاً إلى عهدنا الحالي ،فعقدت المؤتمرات و المنظمات التي أيضاً تكفل حق الطفل وتجعل له حقوقا يجب أتباعها .
هكذا هم وهكذا خلقوا بأرواح عفوية تحب المرح ولا غير المرح تحب ، يحتاج إلى الحرية فهي دواءه وحرمانه منها داء ينتشر على بساتين عمره ويفنيها ،يحتاج الأمان فهو يعني لهم حياة وأمل وأحلام وألوان ربيعية ، سماء بيضاء وماء زلال وعيون متلألئة وبدونه فإن حياته تصبح فناء ويأس وكوابيس وأشباح رمادية ، سماء عاصفة ومياه معكرة وعيون ذابلة ؛ كم قتّلوا كم عذّبوا كم تشردوا وباتوا يترددون على طرقات مظلمة ،سفنهم بلا أشرعة ممزقة مقطعة ،و يظنون أن لا منفعة من وجودهم لا منفعة ،ربطت أفواههم بحبال الخوف والرهبة لديهم أحلام ولكن لا منفعة لا منفعة.
لذلك ولدّت الأذهان حلول لتلك المشاكل ،وعُقدت مؤتمرات للحد منها ولحماية الطفل من حياة بلا حياة ، طفل صغير تختلج في أعماقه كلمات مبعثرة وأحلام كبيرة لذلك وضع له في صلاحيات الحرية مواثيق وجُعلت له حقوق اتُفق عليها ،كما يجب للطفل أن يحصل على أبسط حقوقه مثلما أتى في المادة 7 من بنود اتفاقية حقوق الطفل : يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما .
تلك هي أبسط حقوقه فلا يجوز أن يحرم منها ولا من حقوقه الأخرى ، يريدها ليحيا فقط ليحيا فإن حرم منها ضاع في متاهات التعثر وإن تعثر تأخر ،و تأثر ،وتغير ،وتحجر ,وتكبر ,وتجبر ثم مات المستقبل ،وكما نعلم فإن شريان حياة الطفل هي الحرية وجاءت المادة 13 لتؤكد ضرورة إعطاءه الحرية لإبداعاته وأفكاره :
يكون للطفل الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو بأية وسيلة أخرى يختارها الطفل .
إذاً هي من حقه فلا يجوز حرمانه منها ، هو طفل من حقه أن يحيا ويحيا كطائر يعانق السحاب ،ويطفق العباب ،ويكشف الأسباب لكل ما يراه ، هو طفل يرى الأشياء عكس ما نراها يرى الحياة جميلة نقية مثالية حرة ، لو راح إلى صحراء لرأها جنة أشواكها أزهار رمالها بحار ،وخلفها أسرار يحاول استكشافها ، طفل بلا حرية كالشجر بلا أغصان ،كالطير بلا جُنحان ،كالبحر بلا شطأن ،كالكون بلا إنسان فتصور ذلك ، هو عجينة إن أحببتها شكلتها رتبتها كونتها وبذلك أنشأتها لبناء المستقبل إذا أقبل ،وكما علّمنا طـه الأمين أنه كان رحيماً بالأطفال ، يقول أنس ابن مالك رضي الله عنه : { ما رأيت أحدا كان أرحم بالأطفال من رسول الله صلى الله عليه سلم } وبلا شك أن لرحمته صلى الله عليه وسلم أسباب إيجابية على حياة الطفل بما لا يخفى علينا نحن الراشدين ، فبالرحمة تولد المحبة وبها تنتج الحرية فلو حرم من الحياة والحرية والأمان وبات يتعرض للأذى والتعذيب ، وحرم من الإنسانية بجعله يعمل ويضيع في طرق الشوارع لبيع الجرائد وغيرها ، فإنه ميت لا محالة ستموت إنسانيته قبل كل شي وتتلاشى رحمته وعفويته ورأفته لتكون بقايا توحش وغضب وانهيار سيضيع في متاهات الضياع بكل تأكيد ، علينا أن نمسكه من كلتا يديه لا لنصّفده ولكن لنشعره بالأمان ،علينا أن ندافع عنه ونسعفه هو طفل مع طفل وطفل وأطفال يحتاجون الحياة والحرية بكل معانيها مع دحض وتفنيد جميع معوقات بناء شخصيته وكمالها .
فالطفل وقود للمستقبل إنه طاقة وذخيرة ، وقبل كل هذا فإنه روح والروح غالية فحرام فناءها في تعذيب وتشريد ، ومع أوامر خالقنا ،وتوصيات رسولنا ،وتعاليم إسلامنا ،ومع اتفاقيات المنظمات العالمية ،وما تمليه علينا انفسنا الطاهرة ،وتعاوننا أسرياً ،واجتماعياً ،وإقليمياً ،ودولياً معاً لنحمي حقوق الطفل من الانتهاك معاً نساعده ونطوره ليحيا المستقبل كما يليق به كإنسان .



بّـقْلِـمِـيٌـ : حٍلِـمِـ يٌـرُتْجِيٌـ اٌلِـتْحٍقْقْ