4- شعر الرثاء
يعد شعر الرثاء من فنون الشعر الموروثة والتقليدية والشاعر يرثي أصحابه ويبكيهم ويصور هول الفجيعة التي ألمت بهم ويتحدث عن صفات المرثي، وأحيانا يؤبن المتوفى بذكر أفعاله أو بذكر صفاته وحزن الكائنات والليل عليه .
وينقسم شعر الرثاء في هذه الفترة الى نوعين من الشعر شعر يتوجه بالرثاء الى الأهل والأحبة والأصدقاء وشعر يتوجه الى قادة الأمة ورجالها العظام الذين فقدوا في فترة كفاحهم ضد الاستعمار والتخلف .
وخير من يمثل الشعراء العمانيين في مجال الرثاء في هذه الفترة الشاعر عبدالله الطائي،حيث ينقسم شعره في الرثاء الى قسمين أساسيين ، الأول يختص برثاء أهله وأقربائه ، والثاني يختص برثاء الشخصيات الوطنية العمانية والقومية العربية التي كانت تقود النضال من أجل الحرية والتحرر.
ومن قصائد القسم الأول الخاص برثاء الأقرباء ، قصيدة في رثاء أمه وقد توفيت وهو في الغربة فأضافت وفاتها جرحا الى جروحه الكثيرة ، ويصف الشاعر يوم وفاتها بأنه اليوم الذي ضعفت فيه مقاومته الى حد بعيد ويتمنى إن يسمح له لكي يزور قبرها في مسقط فيقول :
اليوم لانت يا زمان قناتي
ولكم صمدت لأعنف الهزات
أصبحت أرجو أن أشاهد قبرها
ولو أنني أرضيت كل عداتي
فأطوف مسقط لائذا متحاميا
الموت يدفعني لمحو شكاتي
أمي لقد ملك القضاء سهامه
فاتاك منها قاتل النبلات
لكن موتك قد ألان تجلدي
وأضاعني حتى زهدت حياتي
اليوم أشعر بالمصائب جمعت
والنفس تغرق في دجى الظلمات
يا قلب حسبك حسرة وتخاذلا
فاصمد على المكروه والعقبات
ويكاد يكون الشاعر عبدالله الطائي شاعرا رثائيا لكثرة ما كتب من قصائد رثائية وخصوصا وهو يرثي شهداء عمان وكذلك
بعض أحبته الذين أنكبه فيهم الموت وهو في ديار الغربة فعمقت هذه الأحداث جروحه وأضافت الى هموما الشخصية هموما جديدة ، ولهذا فإن رثائياته تكاد تنطق بحزنه وبصدق مشاعره ويتجلده وهو حتى في رثائه يربط بين كل هذه المآسي ويعكسها في النهاية على حالة البلاد في تلك الفترة .
ويرسل الشاعر مرثاة أخرى الى المرحوم الشيخ أحمد بن سعيد الكندي وكان خال الشاعر عبدالله الطائي وأحد أساتذته في
نفس الوقت وقد رعاه في طفولته وشبابه ، فيقول فيها:
بكيتك حتى كدت بالدمع أشرق
وروحي من بين الجوانح تزهق
ففقدك أذوى في الحياة شبابها
وكنت لها زهوا به يترقرق
رفعنا بك الأعناق في كل بلدة
فقد عشت رمزا بالمفاخر ينطق
وكنت لنا العنوان في كل مسلك
معالمه رأي وخلق وموثق
ونلاحظ على قصائد الرثاء الخاصة صدق الشاعر وانطلاق في التعبير عن أحزانه وآلامه التي طالما رماه بها الدهر، ومن
شدة صدق الشاعر ومعاناته لفقد أحبته فإننا نكاد نستشعر حزنه ودموعه التي تتساقط على وجناته وهو يرثيهم بكل حرقة وانكسار.
ويسلك الشاعر بدر بن هلال البوسعيدي منهجا جديدا في موضوع الرثاء، فلم تحد قصائد الرثاء لديه مخصومة لذوي الجاه
والسلطان وأصحاب المناصب مثلما فعل في قصائد المدح ، فقد تنوع رثاؤه ما بين شخصيات دينية وبعض القادة التاريخيين