. «الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِم»
أصيلة الحضرمية
كم آلم الناس خبر وفاة الطفل ذو السابعة أعوام الذي فارق الحياة نهار رمضان الماضي ، بعد أن رجا أمه أن تأذن له بالشرب ، لكنها رفضت وقالت له : لم يتبق على صلاة المغرب سوى سويعات معدودة ، وطلبت منه أن يذهب وينام وسيذهب عنه ما يعاني من شدة العطش و قالت له: سأوقظك عند أذان المغرب ، فانصاع الطفل لأمر والدته بكل براءة ، وقبل أذان المغرب بدقائق حاولت الأم إيقاظ طفلها ولم تفلح ، فقد نام النومة الكبرى.
..........................
من العجيب تفاخر بعض أولياء الأمور في المجالس والتجمعات العائلية بصوم أطفالهم ذو السبعة أو الثمانية أعوام ، ويقللون من شأن الأطفال الذين لا يصومون في ذلك العمر ، ويعاتبون أولياء أمورهم لعدم إجبار أطفالهم على الصوم ، فالبعض يقيس الصيام على تعليم الصبي الصلاة في سن السابعة من العمر وضربه عليها في سن العاشرة لكن قياسهم هذا لا صحة له ؛ لأن قدرة الطفل على الصلاة لا تعني بالضرورة قدرته على الصيام ، فالصيام به مشقة أكبر وهذا أمر ليس بحاجة لإعمال الفكر ؛ بل هو أمر بديهي يدركه الإنسان ، ولا أدري كيف غفلوا أن من شروط وجوب الصيام البلوغ ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ... وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ"
الله عز وجل أعلم وأرأف بحالنا ولم يكلفنا فوق طاقتنا ، فكيف لا يرأف بعض البشر بفلذات أكبادهم ويكلفوهم ما لا يطيقون ، و لا يعني عدم إجبار الأطفال على الصيام عدم تشجيعهم على الصيام ، بل واجب على أولياء الأمور تشجيع أطفالهم على الصيام لساعات معدودة بحيث يزيد عدد الساعات في كل مرة حتى يقوى جسده ويشتد عوده ، لا أن يزجروه عند رغبته في الإفطار ، فكم من أم قالت لطفلها حين طلب منها الإفطار : أنت رجل والرجال عيب يفطروا ، وسيقال عنك أنك لست شجاع ، وكان الواجب عليها أن تزرع في نفسه أن الصيام لله لا ليقال عنه رجل أو شجاع ، كما أن الصيام ليس مدعاة للفخر ، بل هو فرض واجب يؤديه القادر عليه فقط .
منقول