حنين جهة الوطن
... وأنا ببلاد الغربة ، أسقطتني عاصفة التذكر المفاجئة في دوامة من الحنين . فعَـبَـرَت أمام عين أشواقي الكثير من الوجوه الحبيبة والكثير من الأسماء والأماكن والذكريات والصور والأشياء : والداي . أخوتي . أخواتي . أطفال بيتنا . حارتي . جيراني . أصدقائي وبالذات صديقي أحمد ناصر . آه يا أحمد . يا ترى ما آخر أخبارك مع ياسمين ؟!
( اعتدنا معا أن نطلق عليها اسم الشرق لوقوع بلدتها شرق بلدتنا مباشرة ) .
مؤكد أنهما محلقان الآن في سماء حبهما الوليد .
أتذكر وانا الان على نافذة حنين مشرعة جهة الوطن ، عندما أصر صديقي أن يوصلني بسيارته إلى مسقط/المطار ؛ طوال طريق سفرنا لم يكن على لسانه إلا حبيبته ياسمين هذه وحبه الجديد معها والذي لشدة فرحته به أشعرني وكأنه أول مرة يحب فتاة وأول مرة يقع في الحب . أذكر في ذلك اليوم الذي كان اخر يوم لي بالوطن واخر لقاء يجمعني بصديقي أحمد _ أذكر ونحن في الطريق كم كانت هي بين الساعة والأخرى تتصل به لتطمئن علينا . أقصد عليه هو . انا لست طرفا هههههههه .
وبينما كان صديقي يعيش فرحة ميلاد أجمل قصة حب حقيقي مرت بحياته ، كنت أنا في الطريق إلى المجهول ، ينتظرني قدر يختبىء الآن في مكان ما من العالم .
من كل علاقاته ومن كل النساء اللائي مررن بحياته صنعت ياسمين هذه الشابة الجامعية الجميلة فارقا كبيرا وإستثنائيا في قصص حبه بل بأدق تعبير غيرت كل حياته . قلبت مشاعره رأسا على عقب . صنعت منه شخصا آخر بقلب جديد وحب حقيقي جديد وروح جديدة عاشقة وأيام مليئة بالبهجة واللهفة والتوق وبكل جديد حلو وفيه نزق جنون مثير .
في ذلك اليوم الذي كنا فيه نقترب من السيب ؛ صارحني بأنها تطلب منه أن يلتقيها غدا مادام سيبيت الليلة عند أصهاره بالخوض . إنها فرصة لا تعوض وجامعتها التي تدرس فيها ليست بعيدة عن الحي الذي سيبيت فيه .
" هل ستذهب للقائها ؟ " سألته مستوضحا فأجاب متظاهرا بالحيرة : " لا أدري والله يا صديقي . إحتمال كبير نعم . "
وكنت واثقا من حتمية ترجمة " نعم " هذه إلى واقع . إلى شيء أكيد ومؤكد بينهما ؛ فلهفة هاتفيهما التي لم تنقطع نغماتها طوال الطريق كانت تخبرني حقا بأنهما غدا سيلتقيان . وقتها سأكون أنا أخطو أولى خطوات الغربة وسط البرد والمطر وعواصف الحنين.
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
ملحوظة مهمة :
@ هذا المقطع القصير يتبع الرواية التي عاكف حاليا على تأليفها. وكثير مما ورد فيه حقيقي ما عدا الأسماء التي التزمت أن تكون وهمية احتراما لرغبة أصحابها الحقيقيين .
@ العنوان الذي في هذا المقطع القصصي ( حنين جهة الوطن) ليس هو العنوان الأصلي للرواية .
_________________________