بسم الله و الحمد لله وصلى الله وسلم على رسوله و آلة ومن والاه , وبعد :
• حكم التعزية وحكمتها
فإن من نعمة الله وإحسانه إلينا ان شرع لنا ديناً حثنا على معالي الامور ومكارم الاخلاق فكان من محاسن الاسلام
مشروعية العزاء وهو مواساة ذوي الميت وتسليتهم وحثهم على الصبر و الاحتساب , كذلك الدعاء للميت و الترحم
عليه و الاستغفار له .
وقد نص الفقهاء – رحمهم الله – على استحباب تعزية المصاب في قولهم : (( وتسن تعزية المصاب بالميت )) وهذا
الامر دائر بين تأكيد الاستحباب فيكون سنة مؤكدة وبين الاستحباب وقد يكون واجباً إذا ترتب عليه صلة رحم او دفع
القطيعة فتجب لهذا الاعتبار .
• صفة العزاء و التعازي
وصفة العزاء لم تأت الشريعة السمحاء بصيغة محدده فيه يجوز مجاوزتها الى غيرها ! ولهذا لعزاء الميت صور و أحوال :
- 1.منها الدعاء للميت بالمغفرة والدعاء للحي بجبرالمصاب وحسن العزاء , وأفضل ذلك ما جاءت به السنة حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (( لله ما اخذ وله ما اعطى , وكل شئ عنده بأجل مسمى )) وحث ذوي الميت على الصبر و الاحتساب حيث بهذا امر النبي ابنته لما مات فقيدها بقولة (( مرها فلتصبر ولتحتسب )) – متفق عليه –
ولو قال ما نص عليه العلماء (( أحسن الله عزائكم وجبرمصابكم وغفر لميتكم )) ونحوها من الألفاظ و الاداعية المناسبة .
2.ومنها مواساة أهل الميت وتسليتهم بصنع طعامهم وما يتعلق بذلك من تهيئة حوائجهم و الاصل في هذا ان النبي لما بلغة موت ابن عمه جعفر بن ابي طالب شهيداَ بمعركة مؤته قال لاهله (( اصنعوا لال جعفر طعاماً , فقد أتاهم ما يشغلهم )) فهذا أمر مناط بعلته و سببه
3. ومنها تسليتهم بالانس معهم وحثهم على الصبر و الاحتساب و تخفيف مصاب فقدعزيز عليهم بالكلام الطيب و القصص المناسب من احوال الانبياء و الصالحين من سلف المؤمنين لما فقدوا أحبتهم و ايضاً تذكيرهم بمصاب الامة بمن هو أعلى قدراً و أعظم أثر : نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث تهون كل مصيبة عند ذكر المصيبة بفقده – بأبي هو وأمي –
4.ومنها رعاية اطفالهم و صغارهم بضمهم الى اولادك و اهلك حتى تخف المصيبة عن اهلهم حيث الاولاد الصغار كثيراً ما لا يدركون الموت وفقد ابيهم و امهم او قريبهم فرعاية هولاء الصغار من جنس تعزية و تسلية اهل الميت بفيدهم .
5.ومنها لو كان المعزي كافراً كجار او قريب يحثهم على الصبر و الاحتساب و الدعاء للحى والميت كقولك له (( أسن الله عزائكم وجبر مصابكم و هداكم وفتح على قلوبكم )) دون الترحم على ميته !!!
حكمة ومشروعيتها
تظهر الحكم العظيمة و المنافع الجليلة من مشروعيتها ومنها
1.اظهار سماحة الاسلام و مظاهر محاسنه بهذه المواساة
2.تكاتف المسلمين بعضهم مع البعض
3.التخفيف على المعزيين ومصيبتهم و تفقد جوائجهم و ادخال الانس و السرور عليهم في هذه الظروف العصيبة عليهم .
4.تجديد الدعاء لميتهم ان كان مسلماً بالرحمة و المغفرة و تكفير الذنوب ومحو السيئات
هل للعزاء وقت محدد؟
العزاء في الواقع ليس له وقت محدد به و انما هومناط بوجود المصيبة فيبقى العزاء مع وجود المصيبة كما نص على ذلك العلماء – رحمهم الله –
وانما الممنوع
الحداد على الميت بترك الزينة و التنظف و حسن الثياب فوق ثلاثة ايام الا للزوجة على زوجها في مدة عدتها عليه عدة وفاة اربعة اشهر و عشرا .
فضل التعزية و الثواب المرتب عليها
وقد جاء في فضل التعزية احاديث و اثار عن النبي صلى الله عليه وسلم و عليه عمل المسلمين فهو سنة مؤكدة
ما§رواه الترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (( من عزى مصاباً فله مثل اجره ))
وما رواه ابن ماجه و غيره عن عمرو§بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (( ما من مؤمن يعزي اخاه بمصيبته الاكساه الله حلل الكرامة يوم القيامة ))
وفي راوياه اخرى عن الطبراني عن§النبي صلى الله عليه وسلم (( من عزى مصاباً كساه الله حلتين من حلل الجنة لا تقوم لهما الدنيا))
وسوى ذلك من فضل التعزية و جزيل ثوابها و حسبك انها سنة النبي صلى الله عليه وسلم قولاً و فعلاً وحالاً وإقراراً
حكم الاجتماع لاجل العزاء
ان موضوع الاجتماع لاجل العزاء ذكر الفقهاء رحمهم الله انه مكروه و ليس عليه عمل السلف وقد حصل لموضوع الاجتماع للتعزية و العزاء توسع كبير في هذه الازمان جنحت به الى التشبه بأعمال الجاهلية في العزاء و الى إبراز مظاهر النياحة و التجزع على الميت .
والذي يتحصل ان الاجتماع على انواع :
1. اجتماع غير مقصود و غيرمرتب له حيث يصير إخوان الميت او ابناؤه عند كبيرهم ليتواسو في مصيبتهم
2. ونوع اخر بترتيب مكان لاجتماع ذوي الميت و اقاربهم و اصهارهم بان يكون الرجال في المكان الفلاني وإعلان ذلك في وسائل الاعلام او اعلان ارقام بيوت كل من الرجال و النساء وتعليقها بالشوارع ..... الخ
وقد توسع بعض الناس في هذا الى استئجار صالات افراح او استرحات فتؤول الى بعض صور الجاهلية القديمة في مظهر النياحه على الميت بضرب الصواوين و الخيام وصف الكراسي وربما عقود الانوار لا ستقبال المعزيين حتى لا يفرق الناظر لهذه المظاهر هل هذا عرس او عزاء .
وهذا هو المحرم و المشدد في نكبره وتحريمه لكونه من مظاهر الجاهليه .
الاداب التي ينبغي ان يرعيها المعزي والمعزى
1. وجوب مراعاة الحالة النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية لذوي الميت فلا يشق عليهم بتكرار المجيء عليهم و الجلوس عندهم فيتجملوا تكاليف ضيافته و طعامه و شرابه .
2. مرعاة حالة الاطفال الصغار : مراعاة نفسياتهم عند مواساتهم وتعزيتهم و اختيار الدعاء المناسب و الحديث اللائق مع ملاحظة انه لا يهيج احزانهم اويذكرهم بميتهم ..... الخ
3. كما ينبغي للمعزيين من ذوي الميت و إقاربة و اصحابه إظهار التجمل بالصبر وحمد الله و الثناء عليه و الاحتساب في ذلك على الله عز و جل والاكثار من الدعاء و الترحم و الاستفغار على الميت و تحليله عما صدر منه و طلب اباحته و تحليله ممن لهم عليه مظالم سواء كانت مالية او بالعرض او سب و شتم و نحوه او الاهم من ذلك المبادرة و المسارعة بإقضاء ديونه قبل الصلاة عليه و تغسيله .
4. كما يجب على الجميع ترك ما لا يليق بحال المصيبة من اللهو و اللعب وكثرة الضحك والمزاح او تعاطي المحرمات من شرب دخان وغيره او لعب الورق بعوض او بدون عوض
اهم المخالفات الشرعية الواقعة في العزاء
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( الميت يعذب ببكاء أهله ))
1. إظهار العزاء بمظهر الفرح من جهة وضع الاماكن المخصصة له او ضرب الخيام و الصواوين لا ستقبال المعزيين فيها
2. استئجار القراء لقراءة أجزاء او سور من القران او وضع تسجيل صوتي لذلك ورفع الصوتبه وكأن القران لم ينزل الا لهذا و مما نراه في بعض وسائل الاعلام المرئية اوالمسموعة عند موت وجيه او عظيم ابدال برامجها الى تلاوات متواصلة للقران او قراءة الختمات .... الخ
3. ومن ذلك إهداء الميت أجر تلاوة القارئين للقران فهذا على الصحيح عمل محدث ليس عليه هدى النبي صلى الله عليه وسلم و لا عمل اصحابه حيث لاينفع الميت من الاعمال الصالحة الا ما ورد فيه نص و التوجيه النبوي وهي (( الحج , العمرة , الصدقة , الصوم عنه , و الدعاء للميت من قريبه .
4. ومن ذلك تكرارالعزاء على الميت بعد اسبوع او الاربعين او بعد سنة بالاجتماع له و تهييج الناس بالمديح و البكاء و النوح على الميت
5. لبس السواد من الرجال و النساء او تعليق مخصوصاً بالحزن او العزاء مما تلقاه المسلمون عن الكفار
6. تعليق صور الموتى ووضع السواد عليها من التشبه المحرم
و الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين