هل سمعت من قبل عن إذاعة“مونت كارلو”؟ هذا مُرجّح.. لكن ماذا تعرف عن تلك المدينة عدا عن اسم إذاعتها الناطقة باللغة العربيّة؟ هل تعرف – مثلاً- أنها تابعة لـ “إمارة موناكو“، التي هي ثاني أصغر دولة مُستقلّة في العالم بعد الفاتيكان، لكنّ سياستها الخارجيّة بين يدي فرنسا؟ وأنها تمثّل مركز الحُكم والأعمال التجاريّة والترفيهيّة في الإمارة؟ وأنها أصبحت مُنتجعًا سياحيًا شهيرًا وملاذا ضريبيًا للشركات بسبب عدم فرض أيّ ضرائب عليها؟ وأنها تُعتبر مدينة ذوي محافظ النقود المنتفخة والحسابات المصرفيّة العالية من الأثرياء والمشاهير الذين يرتادونها لمُشاهدة واختيار أفخم أنواع اليخوت في العالم، وأحدث أنواع السيّارات، وأحدث الأزياء؟
مونت كارلو.. عاصمة موناكو المُدلّلة!
تأسست “مونت كارلو” في عام 1866م، ويعني اسمها بالإيطاليّة “جبل كارلو”، والذي سمّي بهذا الاسم تيمنًا بأمير موناكو “شارل الثالث”. ويقع هذا الجبل على حافة سلسلة جبال الألب البحريّة حيث تقع المدينة المُستلفية على ساحل البحر الأبيض المتوسّط، الأمر الذي يجعل من المدينة بأكملها أرضًا سياحيّة بلا جدال، لكنها من أغلى الأماكن السياحيّة على وجه الأرض، لا سيّما وأن تكلفة العقارات والفنادق بها تبدو مُرتفعة قياسًا بغيرها. وإذا قررت زيارتها بغرض السياحة فعليك أن تجعل ميزانيّتك مفتوحة؛ لأنك ستكون حيرة بشأن ضبط نفقاتك أمام أكثر من مكان تريد زيارته ومشاهدته، وأكثر من شيء قد يدفعك الشغف به لشرائه، بينما لا يستطيع الجميع تحمّل تكاليف ذاك المكان الذي ينفق فيه زوّاره الملايين في مزادات استعراض الثراء والوجاهة. وما أكثر أثرياء العالم الذين يتخذون من “موناكو” وخصوصًا “مونت كارلو” مقرًا لهم ولأعمالهم بسبب جمالها، وحيويّة الحياة فيها، ومنحها سريّة مُعاملات مصرفيّة قصوى وإعفاءًا ضريبيًا يتفوّق على النظام الضريبي الأوروبي. وكثير من هؤلاء يحصلون على جنسيّة البلاد للتمتع بمزاياها الماليّة، لكنّهم في الواقع لا يعيشون على أرضها بصفة مُستديمة.
السياحة في مونت كارلو:
قد يكون اكتشاف المدينة بحرًا بزورق “كاتامارون” من أجمل المُغامرات السياحيّة، وذلك بركوب هذا القارب الذي يحتوي على نافذتين تمكّنان الإنسان من الرؤية تحت الماء، مما يُساعد راكبيه على اكتشاف الطبيعة في عوالم البحار بطريقة غير مُعتادة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الزوارق قادر على حمل 120 شخصًا على متنه في الرحلة الواحدة، ويكلّف الشخص البالغ الواحد قرابة 18 يورو، بينما يُدفع لأجل الأطفال بين صن 3 سنوات و 18 عامًا 8 يورو. وكم يكون السائح سعيد الحظ إذا نزل في مكان قريب من ساحة “غريمالدي”، حيث يسعه الجلوس في الهواء الطلق، ومُشاهدة اليخوت المُبحرة من الميناء، إضافة إلى رؤية الكائنات الحريّة المتنوّعة والفريدة من نوعها. كما يُمكن ركوب القطار السياحي “أزور إكسبريس” الذي يقوم بجولة يوميّة لأشهر المعالم السياحيّة في المدينة، وعلى رأسها القصور، والمدينة القديمة، والحدائق. وتستغرق تلك الرّحلة التي تكلّف 8 يورو تقريبًا حوالى 30 دقيقة. كما تتميّز “مونت كارلو” باهتمامها الخاص بالحدائق الأنيقة، الأمر الذي يجعل من زيارة حدائقها تجربة قادرة على تثقيف الرّوح والوجدان قبل البصر. ويُمكن للسائح زيارة حديقة “غاردن إكزوتيك” التي تضم أكبر مجموعة من النباتات الشوكيّة في العالم، و “الحديقة اليابانيّة” التي تقدّم أجواء شرقيّة هادئة في قلب الغرب، أو حديقة “الأميرة غريس” التي تحتضن 5000 شجيرة من الورود.
شاطئ اليخوت الشهير في “مونت كارلو”.. مقصد الأثرياء والمشاهير
وقت التسوّق في “مونت كارلو” يبدأ من السّاعة التاسعة صباحًا، وهو يستهوي مُعظم زوّار المدينة التي تُعتبر موطن تُجار المُجوهرات الثمينة ومعارضها؛ مثل: “بلغاري” و “كارتيبيه” و “شوبار”، ومحلات أشهر ماركات الملابس الأنيقة مثل: “كريستيان ديور” و “غوتشي” و “برادا”، الأمر الذي يجعل من فكرة وضع ميزانيّة إجازة في “مونت كارلو” شديدة الصعوبة، لأن السائح سينفق أغلي ما يملك على الشراء، وقد يغدو مدينًا أمام الإغراء الذي يقدمه عرض بعض المحلات خدمة الشراء بواسطة بطاقات الائتمان.
كيف تصل إلى مونت كارلو؟
يمكنك الوصول إليها جوًا بأن تستقل طائرة من بلدك إلى مطار “نيس” الفرنسي، ومن هناك تتوجه إلى منطقة خدمة انتظار الطائرات المروحيّة “الهليكوبتر” لتستقل إحداها فتصل بسُرعة وأمان.. أمّا إذا كنت من هوارة ركوب القطارات فيمكنك ركوب قطار السرعة الذي يربط بين باريس و مونت كارلو، ويقطع المسافة بينهما في ست ساعات ونصف. وهناك إمكانيّة للذهاب إلى مونت كارلو بسيّارة أجرة أو حافلة من مدينة “نيس” الفرنسيّة بأسعار معقولة، وهذه الحافلات تتوقف عند مُعظم الفنادق هناك.
جميع الفنادق في “مونت كارلو” من فئة الخمسة نجوم والأربعة نجوم، والعاملون فيها يُقدّرون النّزلاء ويتعاملون معهم وفق مبادئ الجودة والفخامة. منها فندق “فورمونت مونت كارلو” وهو قريب من الشاطئ وقصر الأمير، وفندق “قصر الميناء” القريب جدًا من المطار، وفندق “لو ميرديان بيتش بلازا” القريب من الحديقة اليابانيّة، والذي له شاطئ خاص به يتيح لنُزلائه رياضة الغوص. أمّا “هوتيل دي باريس” فيوفر لنزلائه صحيفة مجّانيّة طوال أيّام الأسبوع.
مشهد ليلي لمدينة الأثرياء
رد مع اقتباس
