تتزايد وتيرة الارتباك والتوتر، وموجة انهيار المعنويات في صفوف تنظيم داعش، تزامناً مع تقدم القوات الكردية المشتركة وفصائل الجيش الحر المدعومة جواً من غطاء طيران التحالف الدولي..وسجلت الأرقام الميدانية الأخيرة أن الوحدات الكردية استعادت السيطرة على أكثر من 100 قرية بريف مدينة عين العرب على طول امتداد الجهات الثلاث خلال 11 يوماً، لتتجاوز المساحة المحررة أكثر من نصف جغرافية المدينة والريف معاً، ويغدو الاقتراب من خطوط التماس الفاصلة بين الطرفين قبل اجتياح داعش عمق المدينة، متوقفاً على أيام معدودة حسب المصادر الكردية الميدانية.
هذا التقدم اللافت صاحبته نتائج عكسية على ترسانة دفاعات «داعش» من جهة انحسار قواتها في الجبهات الأمامية، وانهيار المنظومة القتالية ونفاد الذخيرة والمؤن، مترافقاً مع إحداث زوبعة من الذعر داخل الحاضنة الاجتماعية المساندة، خوفاً من استمرار القوات الكردية في حملاتها العسكرية صوب المناطق التي تشمل كلاً من جرابلس ..
والشيوخ وصرين وتل أبيض، علماً أن تلك المناطق تحولت في وقت سابق إلى دويلات دينية تتبع نفوذ التنظيم الإرهابي. ومنها كانت تفرض الخناق على المنافذ التي تؤدي إلى عين العرب (كوباني)، وتنطلق منها أيضاً الحملات العسكرية اليومية ضد الأكراد.
فرار المؤيدين
وتبعاً للمعطيات التي برزت خلال اليومين الماضيين، فإن الحالة المتشكلة ستصبح أكثر وضوحاً بناء على الحوادث الجديدة، إذ رصدت كتائب شمس الشمال التي تحارب تحت لواء الجيش الحر، حركة فرار العائلات المؤازرة لنفوذ التنظيم في مدينة صرين الواقعة جنوب مدينة كوباني بنحو 30 كيلومتراً..
وقال شرفان منبج، وهو إعلامي يرافق كتيبة شمس الشمال: «إن نحو 300 سيارة ترجع إلى تنظيم داعش، نقلت عائلات التنظيم والمتورطين معهم صوب سد تشرين الذي يبعد جنوباً عن صرين 20 كيلومتراً».
وفي السياق ذاته، أوضحت مصادر محلية قريبة من مدينة صرين أن مصادمات اندلعت بين ما يسمى بأمير صرين، وهو سوري ينحدر من المدينة نفسها، وبين «المهاجرين» الذين يحاولون الفرار من ساحة القتال، وإخلاء المدينة لبضعة عناصر محلية لا تملك القدرة الدفاعية.
3 آلاف عائلة
وإلى الغرب من مدينة صرين، حيث تقع مدينة الشيوخ المطلة على نهر الفرات، تنوقلت معلومات بين السكان، مفادها أن أكثر من ثلاثة آلاف من سكان الشيوخ يحاولون اجتياز مدخل جسر نهر الفرات، من أجل العبور إلى جرابلس، بسبب سقوط صاروخين أطلقتهما القوات الكردية نحو المدينة، وجابهت عناصر التنظيم هذه الحشود المتدفقة في إطلاق النيران فوقهم، من أجل إعادتهم إلى المدينة عنوة، وهو الأمر الذي أدى إلى سقوط العديد من الجرحى بين المدنيين.
في حين واصلت «داعش» نشر مزاعم بين الأهالي في القرى المحيطة بمدينة تل أبيض الواقعة شرقي كوباني عن حملة انتقام مزعومة ستجري ضدهم من قبل القوات الكردية القادمة، لتستثمر هذه الأجواء المتوترة في فرض تهجير قسري على سكان بعض القرى العربية التي تقع غربي تل أبيض مسافة 25 كيلومتراً، بحجة وقوعها ضمن ساحة الحرب.
ونقلت مصادر متطابقة من داخل مدينة تل أبيض تزايد حالة التشنج في صفوف التنظيم وأبناء العشائر الموالية له في المناطق المحيطة بالمدينة، وأوضحت تلك المصادر قيام التنظيم بحفر وبناء سواتر ترابية عند أطراف المدينة، إضافة إلى قرى خان، وسليب قران، وأحمدية غربي المدينة، حيث تقترب المعارك من تلك القرى.
ضربات موجعة
وفيما كان التوتر لسان حال الحاضنة الاجتماعية، فإن الأوضاع النفسية والانشقاقات الجارية على الجبهات الأمامية من القتال عمّقت من استنزاف قدرات التنظيم، لا سيما مع استهداف الطيران الأردني في ضرب مواقع التنظيم داخل محافظة الرقة على مدى اليومين الماضيين، إذ أفضت هذه الضربات الموجعة عن مقتل 47 عنصراً، وانفجار مستودعين للسلاح، وهو الأمر الذي أثر في خطوط إمداد الأسلحة التي تغذي المقاتلين المرابطين على الجبهات القتالية في كوباني.
فرار إلى تركيا
قال بكر حج عيسى، وهو مصدر مقرب من وحدات حماية الشعب، إن «الكثير من مقاتلي داعش الذين كانوا يحاربون على الجبهة الغربية من مدينة كوباني فروا إلى تركيا، وسلّموا أنفسهم إلى الحرس الحدود التركي». واستطرد: «وحدات حماية الشعب تمكنت من القبض على ثلاثة عناصر وقتل آخرين، أثناء محاولتهم العبور إلى تركيا، في حين استطاع 12 عنصراً من عبور الحدود، وغالبيتهم من أوزبكستان وداغستان وتركمانستان والشيشان».
رد مع اقتباس
