مرثية في الفقيه العلامة الشيخ/ سعيد الخروصي رحمة الله عليه، لصاحبتها أمة ربها/ بثينة الشيدي
1. كأسٌ لعزريلَ تعلو ثمّ تحتجبُ
بينَ العوالمِ كالقسطاس تنتصبُ
2. كأسٌ لعزريلَ هامَ العارفونَ بها
إنْ يغفَلِ القلْبُ مفتونٌ بها الركَبُ
3. مهرولينَ إليها لا لِلذّتها؛
هيَ الحقيقةُ إنّا عندها الكذِبُ....
4. مُسافرينَ وإن حطّت رواحلنا
مغيبينً وإن خُطّتْ لنا الغِيَبُ
5. مكَثَّرينَ من القطرِ الذيْ همستْ
بهِ الجفونُ إذا جئنا وإنْ ذهبوا
6. شيخَ الندامى، ودربٌ أنتَ سالكها
إلى الكؤوس؛ِ فلا خوفٌ ولا رهَبُ
7. شيخٌ تفتّقَ نهرُ العلمِ من فمِهِ
وأزهرَ الوردُ والنسرينُ والعنبُ
8. بمَ العزاءُ وأنتَ الشمسُ راقدةٌ
ببرزخٍ حفّهُ الأملاكُ والسحبُ
9. نادوا عليكَ: (سعيدٌ) فاستجبتَ لهم
والنار فُي الطرْسِ والأحبارِ تلتهبُ
10. يا (ابنَ الخروصيِّ) يا (حِبرَ الملوكِ) ويا
(صِنوَ الإمامةِ) من للمجدِ يُنتخَبُ
11. خلّفْتَ (كندةَ) في (نزوى) تذوب على
(نَخْلٍ) فتحنو عليها ثمّ تنتحِبُ
12. وأختهنّ (البريمي) قضّ مضجعها
ماضيكَ فيها لحكمِ الفصلِ تنتسبُ
13. وذي (سمائلُ) ما قدْ هضَّ عارضها
(آلُ المسيَّب) إذ قرباكَ والحسبُ
14. منْ للـ(خليليِّ) يُحيي عزَّ سيرتِهِ
بقولِ نحرير، لا شكٌّ ولا ريَبُ؟
15. فأي مرثيةٍ يأتي بِها قلمي
جبَّارُ مدِّ عروضيْ مسَّهُ الرَّهبُ!
16. لا أسمعُ الريحَ مدَّت بيضَ أشرعةٍ
لهُ كأنَ سفيني لفَّه التعبُ
17. على القراطيسِ ما أطْلقتُ خالجَةً
إلّا ويقْطُفها في مهْدِهَا الوصبُ
18. شهيدةً في عِراكٍ لا دماءَ بهِ
ولا فراديسَ عندَ العرشِ تُرْتقَبُ
19. أنفاسُها كلما في مولِدٍ خُنِقَتْ
أسُحُّ عجزي دموعَ الحبْرِ تنسكبُ
20. تخضرُ في ورقَاتي خَيرُ عاطفةٍ
نمت صفوفَ نخيلٍ طلعُها الأدَبُ
21. يا سعْفةَ الروحَ هلّا يستطيلُِ لهُ
ظلَّانِ: غيمًا، وكرسيًّا لهُ يُهَبُ
22. غيمًا يطفّئُ من حرِّ المصابِ أسیً
ومقعدًا عندَ خلدِ اللهِ يَنتصِبُ
23. يا مُنبتًا من بياضِ الكفِّ منزِلَه
بينَ القلوبِ شموسًا ليسَ تَحتجبُ
24. أنَرتها في غموضِ الدهر سُنبلةً
تميْرُنا حينما جَدَّتْ بنا الخُطُبُ
25. آويتَ أحرفَ شعريْ وهيَ شاردةٌ
كضوءِ موسى وحيدًا حينَ ينقلبُ
26. فكنتَ كالنايِ ما ضمَّتهُ حنجرةٌ
إلَّا وغازلها من كونها العَجَبُ
27. أطلقتَ منكَ يمينًا حينما نطقتْ
قد شدَّنا منكَ في أشعارنا حسَبُ
28. مِنْ فُرْطِ جودِك سكرى كلُّ قافيةٍ
كأنه لم تكن للشعرِ تنتسبُ
29. نحن الذين بكينا منكَ مرتبةً
لها المهابةُ أُمٌّ والجلالُ أَبُ!
30. ها أنتَ ملحمةٌ حارَ الرثاءُ بها
يخبو البيانُ إذا ما الحزنُ يلتهبُ
31. اليومَ أَمْسَكْتَ طِرسي كي أطرِّزَهُ
قولًا بليغًا بماء ٍأصلهُ الذهبُ
32. كَفَايَ جَفَّت ولا روحٌ بمحبرتي
فاهنأْ بمجدكَ إذ حارتْ بهِ الكُتُبُ!!!
رد مع اقتباس
