كانت كئيبة ومثقلة بالهموم.فقد وجدت نفسها بين ليلة وضحاها هي وأطفالها بلا مأوى بعد انفصال زوجها عنها..فقد آثرالاخير ان يتخلى عنها ليعيش قصة حب جديدة مكللة بالزواج من أقرب صديقاتها
لم تكن كبيرة بل كانت شابة يافعة غدرت بها الظروف وسلبت منها أحلامها..لم تكن تجد من يخفف عنهاسوى أختها المقربة التي تحاول جاهدة ان تخفف عنها وترسم لها لوحات رائعة من الاحلام التى تنتظرها حين يكبر أبنائها .أستأجرت منزل شبه متهالك وقررت العيش على راتب الضمان حتى تجد وسيلة توفر لها العيش الكريم ..هالات الحزن والضيق التي لازمتها وهي ترى من كان بالامس زوجا لها وبات طليقها بعد ان غررت به زميلتها المقربة .كانت تشكو لأختها كم هي مكلفة الحياة بوجود 3 افواه وكيف اثقل كاهلها إيجار المنزل.أردت اختها ان تخفف عنها شيئا من ما تجد وأخبرتها أنها ذاهبة لحفل زفاف أحدى صديقاتها
وطلبت منهاأن ترافقها الى حفل الزفاف حتى تخرج من هذا الجو السوداوي المقيت
فكرت الام قليلا لكن. تفكيرها لم يطل فرفضت العرض بالرغم من أنها في أشد الحاجة لهكذا خروج حتى تشعر بشيء من الهدوء.....لكنها وافقت بعد الحاح أختها المستميت فقررت ان تضع ابنائها في المنزل وتقفل عليهم في الغرفة كي تضمن عدم خروجهم او دخول غريب عليهم , وبالفعل اتفقتا على الذهاب في تمام الساعة التاسعة..أقفلت باب الغرفة على أبنائها الذي كان أكبرهم ذو التاسعة ربيعاً ظناً منها أنهم سيلعبون إلى ان يداعب النعاس اجفانهم..أعتقدت بأن هذا الوضع الافضل والأئمن لهم.ذهبت الام وهي توصيهم ان لا يصدروا ضجيجا وان ينتبه الاخ الاكبر على اخوته..كانت أعينهم تراقبها من خلف قضبان النافذة وصغيرهم يبكي وينتحب وكأنه يعلم بأنه لن يراها مرة أخرى .ذهبت تاركة خلفهم اطفالها على أمل أن تجدهم نائمين عند عودتها لكنها لم تكن تعلم بأن نومتهم ستكون أبدية...ظلوا يلعبون امام التلفاز .فجاة اخرج اوسطهم قداحة من درج الطاولة(كانت تستخدمها الام لاشعال الشمع عند أنطفاء تيار الكهرباء)أشعل النار في أحدى الوسائد.اشتعلت النار ودب الذعر في قلوب الاطفال حاول اكبرهم إخماد الحريق فأخذ الوساده المشتعلة واخذ يضربها على الارض في محاولة منها لاخماد السنه اللهب لكن قطع الاسفنج الصغيرة تناثرت في كل مكان مشكلة بؤر جديدة للحريق..خرج الوضع عنالسيطرة..الغرفة موصدة من الخارج..الام غائبة بدون اي احساس بالمسؤلية.تلك الادخنةالسوداء بدأت تخنق حناجرهم الصغيرة ,,لم يجدوا ملاذاً سوى تلك النافذة علهم يستطيعوا أرتشاف شيئا من الهواء من بين قضبانها أو ان يتسلل صراخهم الى أذان احد ما فيهب لنجدتهم ..لكن القدر قد قال كلمته.. فبدات الغرفة بالاشتعال عن بكرة أبيها
شاهد أحد المارة ألسنة الدخان الاسود تتصاعد الى السماء فهرع لقرع الباب..تجمهر الجيران الذين لا يعلمون عن هذه الزائرة الجديدة شيئا سوى انها حلت ضيفة على هذة الحلة قبل مدة قصيرة ..كانت الدعوات والصلوات تملأ الارجاء بأن يكون سكان المنزل بخير.قاموا بكسر الباب .هالهم منظر الاطفال الثلاثة الذين التصقت اجسامهم بقضبان النافذة وهم يحاولون الفرار من السنه اللهب حتى تفحمت اجسامهم الصغيرة
شرعوا في اخماد الحريق لحين وصول عربة الدفاع المدني وسيارات الاطفاء...بعد منتصف الليل عادت الام من حفلة الزفاف وهي بكامل زينتها وأناقتها لتصدم من ذلك التجمهر أمام البيت وتلك الادخنة التى لازالت تبث حزنها للسماء
ركضت صارخة تسأل عن صغارها لتتلقاها الجموع الغاضبة..منهم من يبصق بوجهها ومنهم من يحثو التراب على رأسها أرادت ...ان تراهم لكن لم يسمح رجال الدفاع لها بذلك فحالة الجثث في تفحم تام..توالت صرخاتها للتبدد سكون الليل يوم لا ينفع الندم
ليلة شهدت رحيل تلك الارواح إلى بارئهم ورحيل عقل الام الذي آثر الرحيل مع تلك الاجساد البالية
لتعيش جسدا بلا عقل واما بلا صغار