في نفق شبه مُظلم ،يعيش هنالك متشرد لا مأوى له ،يناهز الاربعين من عمره،
يسكن في مكان عديم التهوية و مُلوث ..مكان غريب يُخيّل إليك وكأنك تدخل إلى عالم آخر غير الذي نسكنه،
في الليل حين يلجأ إلى النوم يضع كراتين ويقوم بصفّها بشكل طولي من غير وساده ،
وسادته هي يده يضعها على خده فينام بعد أن أرهق جسمه النحيل ..
ويحلم دائماً بان يأكل وجبةً تشبعه لساعات ,يود أن يأكل خبز ليست يابسة ويشرب كوباً من الشاي ..
وكل غايته أن يكون له بيت صغير جداً يسكن فيه ويحميه..
في الصباح الباكر يرتدي ملابسه الّرثة وينتعل حذاءً قديماً..
ويذهب للبحث عن الأكل المرمي في قارعة الطريق ,ويذهب بسبب الحاجة للسؤال ليكسب في النهاية عدة ريالات بالكاد تكفيه لقوت يومه ..
يذهب لسؤال الناس ويعطوه مما رزقهم الله, فيأخذ منهم الريالات بيدين مرتجفتين لا ادري لم؟ لعل سببه شده الجوع أو المرض ،أحياناً يرى أُناس يزدروه، والبعض يخافه يتوقعونه معتوه...
و لكن الذي يُحزنه ويقطع قلبه ما يقوله الناس عنه ،بانه مخادع كذاب يريد جمع النقود فحسب, فيصرخون في وجهه كفاك خداعاً شكّلت لنا إزعاجاً..
يقول في نفسه دائماً لولا حاجتي لأجد قوت يومي لما سألت الناس أبدا ,فإن ذلك أكثر ما يؤلمه ..
"فلا تحسبن الموت موت البلى ، فإنما الموت سؤال الرجال ، كلاهما موت ، ولكن ذا أعظم من ذاك لذل السؤال" 1
فرفقاً بهؤلاء المساكين رفقاً ، أحسن إليهم ما استطعت ...
وإن لم تستطع فكُف بلسانك عن أذاهم فان لديهم من الهم ما لديهم ، فلا تزده عليهم.
1-بيت شعري من كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء.