طال انتظارها ... تخيل ..حلم ..خطوة أولى في طريق الامل .. قد تكون مرحلة فاصلة .. طموح.. لم تكن غاية .. أو مجرد احدى معلقات الجدران.. تأخرت تلك كثيرا.. ربما لانشغالات ما.. للغياب الطويل .. أطفال كبرت في غربة كئيبة .. لم تعرف تلك الطفلة أبيها كثيرا .. لم يكن لها كما كانت تتمنى.. أفكارشاردة .. عيون تترقب ..مواعيد مجهولة .. وأذان أدمنت أصوات الطائرات .. ونعيق مركبات..وازعاج عربات..وسكة قطار الليل.. تنتظر دقات الساعة.. بطيئة جدا .. في عيون سئمت الوقت والانتظار.. تتبع خطوات متئدة .. تترقب صبح مساء .. أشباح الليل ساكنة صدور وانامل.. بعيدون جدا رغم القرب من المسار.. يسكنون اركان الجسد .. التراب عالق في الروح ..خالد في الأحشاء.. صباح ذا لون آخر .. شهادة بلون الشمس .. وبحجم السماء.. في طريق العودة .. بدأ الامر بطيئا.. صعبا .. تنحدر السيارة بحذر .. ليست كعادتها.. كلمات تلملم بعضها .. أوراق تترتب .. ومواعيد حزينة .. الوقت مقدس.. المكان مقدس .. كل شيء.. لم يلتفت الى تلك الوصية.. ظل سبق الى هناك منذ سنين .. مصير وقدر محتوم .. لا يحبذ الخروج مبكرا كالاخرين .. تأخر كالعادة .. انها تلك الطفلة .. تمقت الانتظار.. وتخيل الحلم .. وموعد الرحلة الى الوادي العتيق .. وآخر مع أحلامها الصغيرة .. مقتنعة بالعودة قبل الغروب ..وهي لا تعلم .. قبل فوات الاوان .. شقيقها ينتظر ايضا .. توسد حقيبته.. ينظرالصغير من ثقب الباب ..خفت مصباح الغرفة في هدوء ممل.. خروج من هناك..لم يكن مبكرا..الشمس في كبد السماء .. تحمل تذكارا اشيء ما .. الروح معلقة..في برواز اطفال ..على طاولة بالية.. وصمت الجدران.. كان الوداع الاخير .. والنظرة الاخيرة .. الى نافذة المستقبل.. عودة الى السلم الضيق.. كان الانتظار .. واقف كالشبح .. اتشح بسواد بغيض .. ترمقه العيون .. والقلوب .. ظلال سوداء مبعثرة على رواق الممر.. ضمه تحت رداء أسود.. نتنة رائحته.. مشؤوم.. سافر الى هناك .. مدينة اشباح .. اختصر الزمن .. الى عالم مجنون .. واغصان ذابلة .. وعواء يتردد صداه من الاتجاهات الاربعة.. حل الظلام قبل موعده .. وطارت خفافيش الظلام القبيحة ..حملت الجنازة على أكتاف بغيضة .. وصلت الى مدفنها .. تعالى الهرج والعواء وصفير الريح .. انقطع آخر خيط .. عيون زرقاء .. تألم الذاكرة .. قصة بشعة ... روائح مزعجة .. الظلام يملأ المكان .. وألم الصبر .. مزعجة الالوان والاصوات الصاخبة .. نسيج العنكبوت يتناثر في كل مكان .. مل ودفاتر الذاكرة ... لا فرق بين الليل والنهار .. لم تطلع الشمس ..عتمة سرمدية.. قد تكون غائبة عن المشهد.. المآذن صامتة.. عواصف الشتاء .. وموجة الصقيع تغمر الجسد المسجى على نعش القدر ... رياح صفيرها يصم الاذان .. رياح مجنونة .. وزخات مطر وبرد يطوق أذان الليل .. اخيرا ..... لم تفقه تلك الطفلة المبررات والاعذار .. مصرة على مطالبها .. شعرت بنبرة صوت مكسور... أسئلة حائرة .. ووجوه شاحبة.. تتذكر أحلامها .. صباح العيد .. وجبين أم ثكلى .. وخنجرمكسور المقبض.. حفل الميلاد .. والفصول الاربعة .. ورحلة الخريف .. والشاطيء الحزين .. وآذان الفجر .. لا تزال صامتة لحد الالم .. سئمت طفولتها وحيدة .. كانت هناك تبكي كثيرا .. لا يعرف له سببا.. سنوات عديدة .. غامضة .. ضربت موعدا اخيرا .. خشيت ان تتأخر..خشيت جفاف الوادي .. مخططات المدينة .. سقوط فنجان الشاي.. السفر خلف السحاب .. أوراق مبعثرة لدرجة الفوضى .. ذاكرة محطمة تتناثر تحت أقدام مكبولة بالانتظار والصمت ..أشلاء أموات تتراقص.. اصوات مجهدة.. ابواب صامتة .. فتات خبز جاف .. جدران عفنة.. مزهرة من الدموع .. تذكارات منحوتة.. تشققات .. بصمات الم .. ورهاب اسود .. ذات المكان .. ذات الزمان .. ذات الوجوه الكئيبة .. مرهقة تلك الذاكرة .. مشتاقة دعاء ام ثكلى.. وتمتمات طفل رضيع.. غارق في النوم ..ودموع غياب .. وصدى استغاثات.. . ناصر الضامريذاكرة منهكة