بقلمي -
ما بين الترحيب بالانضمام الى المجموعه ومغادرتها عشرة اشهر بالضبط.. ما زلت اذكر اول رسالة كتبها المشرف على المجموعة مرحبا بي وبانضمامي إليهم.. رحب بي البعض وتساءل البعض الآخر عن من اكون!! ذكرهم بي قائلا : هذا زميلنا فلان ألا تذكرونه ؟ كان رئيس فصلنا لعدة سنوات... رد أحدهم : الحكمدار .. اهلا بك شرفت المجموعه.. أينك يا ولد ؟ اختفيت عن دنيانا كثيرا... بالمناسبة كلمة ( حكمدار) كان يطلقها علي أحد المعلمين المصريين يقصد بها (أي رئيس الفصل)
بقيت في هذه المجموعه الخاملة لفترة عشرة اشهر احاول ان اشارك فيها بكل جديد او مثير مع ملاحظتي ان القليلين فقط هم من يتفاعل او يشارك بأي شي والبعض متخصص في ( الصباحيات) فقط.. ينشر صباح الخير ولا يعود الا في صباح الغد وهكذا.. البعض الآخر لا يستطيع ان يستوعب أي دعابة وتجده دائم التجهم الظاهر على كلامه الذي يكتبه لنا الى جانب اسداء النصائح المتكررة للآخرين.. البعض الآخر ايضا متخصص في اخبار الحوادث والامراض والوفيات.. وهكذا استمرت الامور..
بعد ثلاثة أشهر من مغادرتي هذه المجموعه قابلت بالصدفة أحد اعضاء هذه المجموعه حادثني بإهتمام كبير اسعدني كثيرا ثم سألني لم لم تعد تشارك بأي شيء في مجموعتنا ؟ ابتسمت قليلا ثم قلت له : ألم تلاحظ أني غادرت مجموعتكم هذه منذ عدة أشهر ؟ رد علي مستغربا : اعتذر منك لأني لم ألاحظ ذلك.. في الحقيقة انا ايضا لا أشارك بشي لانشغالي الدائم.. ثم سألني بشيء من الجدية : لم غادرت المجموعه ؟ هل ضايقك أحدهم ؟ سألته : في الأصل ما الهدف الرئيسي من إنشاءها ؟ قال : كي نلتقي ونعيد ذكريات زمان فأنت تعلم أن المجموعه فقط لزملاء الدراسة.. ايام المرحلة الابتدائية والاعدادية ،أيامنا الحلوة ، أيام الصبا.
قلت له : في الحقيقة ان الفكرة طيبة ولكن هل تظن ان إسترجاع تلك الفترة من حياتنا يكون بإنشاء مجموعة واتس اب ؟ قال بكل حماس : نعم.. لم لا ؟ سألته بشيء من الخبث : اذن لم لا تشارك الا قليلا جدا في هذه المجموعه ؟ قال : اخبرتك اني كثير المشاغل.
قلت له : ربما ولكن لا أرى أن هذا هو السبب الحقيقي. قال مستغربا : اذن ماذا ؟ قلت له : لأننا لم نعد أولئك الصبية الصغار ، اصبحنا على مشارف الخمسين من اعمارنا.. كل شي تغير فينا.. مفاهيم الحياة تغيرت لدى كل منا.. مشاغل الدنيا.. لم يتبقى اي شيء منا سوى أسماءنا وحتى اسماءنا لم تبقى لنا كما هي.. فلم يعد راشد راشدا ولا علي عليا ولا سالم سالما انما اصبح كل منا ينادى بكنيته.. أبا فلان وأبا فلان.. فما الذي ستستطيع هذه المجموعة ان تفعله لنا والدنيا اخذت كل واحد منا الى جهة مختلفه عن الآخرين ؟ وان عدنا كأسماء هل ستعود ارواحنا تلك ايضا ؟ هل لاحظت اننا مجرد لقاء لم نستطع تحقيقه رغم مطالبة البعض بعمل لقاء في بيت احدنا ؟
لكل زمان ظروفه التي تختلف عن ظروف الأزمنة الأخرى.. فهل نستطيع ان نبقى نحن كما كنا صغارا ؟ مستحيل.
خليفه سالم