أثير-المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
تؤكد قوانين السلطنة وإجراءاتها المختلفة أهمية حفظ حقوق المواطنين ورعايتها؛ لذا أُنشِئت المؤسسات الحكومية لتلبية مصالحهم، وتخليص معاملاتهم، ولتحقيق ذلك وُضِعت حقوقٌ وواجبات على الطرفين: الموظف والمُراجِع.
ويتخلل هذه العملية بين الموظفين والمراجعين في بعض الأحيان سلوكيات خاطئة تكون متعمّدة أحيانًا، وهو ما يؤدي إلى عرقلة سير العمل، سواء بالمماطلة أو التسويف أو إيجاد الأعذار الواهية وإدخال اليأس والإحباط في نفس المراجع، بل قد يتطور الأمر إلى أن يتعرض المراجِع أحيانًا للإساءة بالصراخ والإهانة والطرد.
وقد وضع المشرعُ عقوبة قانونية للموظف الذي يعرقل سير العمل سواءً بإساءة معاملة المراجعين أو باستغلال منصبه أو مكانته العملية بتعطيل مصالحهم.
وفي بداية الحديث عن “عرقلة سير العمل” لابد أن نتطرق إلى أمرين مهمين هما: الأول تعمّد عرقلة سير العمل من قبل الموظف المختص؟ واستغلاله لمنصبه في عرقلة سير العمل، والثاني إساءة معاملة المراجعين.
1- القصد في عرقلة سير العمل من قبل الموظف المختص:
إن المشرع عندما وضع القانون قد نص على معاقبة كل موظف قام بتعطيل و عرقلة سير العمل؛ لردع أي موظف تسوّل له نفسه الإخلال بواجباته الوظيفية ، وقد نصت المادة 198 من قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018 على أنه :- (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ، ولا تزيد على سنة ، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني ، ولا تزيد على ألف ريال عماني كل من يوقف العمل من المتعهدين أو القائمين بإدارة مرفق عام وترتب عليه تعطيل أداء الخدمة العامة أو انتظامها).
ويتجلى من هذا النص أن المشرع قد وضع عقوبة لكل موظف قائم بأعمال إدارة مرفق عام وقام بتعطيل أداء الخدمة العامة أو قام بتعطيل انتظامها ، وتكون هذه العقوبة الحبس والغرامة بحيث تختلف تبعًا لاختلاف ملابسات الواقعة وجسامة الضرر ، بحيث لا تقل هذه العقوبة في أي حال من الأحوال عن الحبس ستة أشهر ولا تقل في الغرامة عن خمسمائة ريال عماني ، وبحد أقصى قد تصل عقوبة الحبس لسنة وفي الغرامة لألف ريال عماني.
2- استغلال الموظف لمنصبه في الإساءة للمراجعين وعرقلة سير العمل
نصت في هذا الشأن المادة (194) من قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018 م حيث نصّت على: (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ، ولا تزيد على ثلاث سنوات ، وبغرامة لا تقل عن مائتي ريال عماني ، ولا تزيد علي خمسمائة ريال عماني كل موظف عام استعمل وظيفته أو أخل بواجباتها للإضرار بأحد الأفراد أو لجلب منفعة له أو للغير).
هنا نجد أن القانون قد نص على عقاب كل موظف بالدولة استغل منصبه أو سلطته أو مكانته العملية في الإضرار بالغير أو بمصالحهم وذلك بقصد تحقيق منفعة سواء تعود نتائج المنفعة هذه عليه أو على الغير .
كما نصت المادة 203 من ذات القانون سابق الذكر أيضا على أنه :- (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ، ولا تزيد على ثلاث سنوات ، وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني، ولا تزيد على خمسمائة ريال عماني ، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف عام استعمل القسوة اعتمادا على وظيفته مع أي شخص إذا ترتب على ذلك إيذاؤه أو المساس بشرفه أو كرامته) .
وبما أن الخدمات المقدّمة من الجهات الحكومية بالدولة هي حق مكفول لجميع المراجعين والمواطنين لذلك لا يحق لأي موظف بها أن يستغل مهام وظيفته ومنصبه في إهانة وإيذاء الغير سواء بصورة لفظية أو فعلية أو جسدية ، بل وجب عليه تلبية طلبات كافة المراجعين واحتياجاتهم، وقد نص المشرع في المادة السابقة على معاقبة الموظف الذي يعتمد على منصبه أو مكانته العملية في إيذاء الغير وجعل عقوبة كل من اقترف هذا الفعل السجن لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة مائة ريال أو إحداهما، وقد تصل هذه العقوبة إلى السجن ثلاث سنوات والغرامة خمسمائة ريال عماني، وذلك تبعًا لاختلاف ظروف الواقعة .
– من له الحق في تحريك الدعوى؟
الادعاء العام له الاختصاص الأصيل في تحريك هذه الدعوى كونها عمومية، ولا تتعلق هذه الجرائم بشكوى خاصة من المتضرر، بل يحق لكل من شهد على السلوكيات الواردة أعلاه إبلاغ مأموري الضبط القضائي ، الذين بدورهم يحيلون البلاغ للادعاء العام الذي إما أن يقرر حفظها أو إحالتها للمحكمة المختصة للفصل فيها حسب الوصف والقيد الوارد في قرار الإحالة، مع أحقية المتضرر للمطالبة بالتعويض أمام المحكمة المختصة.