أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
تُعدّ جرائم الشيكات من الموضوعات التي تُتناوَل بصورة متكررة ومستمرة في المحاكم، وقبل الحديث عن بعض أحكامها سنتطرق إلى تعريف الشيك، الذي عرّفه الفقه بأنه: صك محرر من قبل شخص “الساحب” يأمر فيه مصرفا وهو “المسحوب عليه” بأن يدفع مبلغًا من النقود عند الاطلاع لمصلحة شخص ثالث هو المستفيد، أو لمصلحة الشخص الذي سوف يعيّنه المستفيد أو الحامل”.
وقد صدرت تشريعات جزائية بعقوبة ارتجاع الشيك بدون رصيد؛ حمايةً للتعامل بالشيك، وحفاظًا على حقوق الناس، واستقرارًا للمعاملات حتى تسود الثقة بين المتعاملين، ومنها:
● المادة (356) من قانون الجزاء العماني: ( يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن (100) ريال عماني و لا تزيد على (500) ريال عماني كل من ارتكب أحد الأفعال الآتية:-
أ/ أعطى شيكا قابلا للصرف لا يقابله رصيد قائم، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك ، أو كان الحساب مغلقا.
ب/ سحب بعد إعطاء الشيك كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته.
ج/ أمر المسحوب عليه بعدم صرف الشيك.
د/ حرر الشيك أو وقع عليه بصورة تمنع صرفه.
هـ/ ظهر لغيره أو سلمه شيكا مستحق الدفع لحامله وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف.
وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة بناء على طلب ذوي الشأن بإلزام المحكوم عليه في الجريمة بدفع قيمة الشيك والمصروفات التي تحملها المستفيد.
● المادة (357) من القاتون ذاته:-” يعاقب مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (500) ريال عماني ولا تزيد على (1000) ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تسلم شيكا أو حمل الغير على تسلمه وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو غير قابل للصرف”.
● المادة (358) من القانون ذاته :-” يعاقب المسحوب عليه بغرامة لا تقل عن (500) ريال عماني ولا تزيد على (1000) ريال عماني ، إذا قرر بسوء نية عدم وجود رصيد قائم و قابل للسحب، أو وجود مقابل أقل من الرصيد الموجود لديه ، أو امتنع عن دفع الشيك دون سبب مشروع”.
● المادة (359) من القانون ذاته:-” تكون الملاحقة في الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل بناءً على شكوى المجني عليه، وتنقضي الدعوى بالسداد قبل رفعها إلى المحكمة أو يوقف تنفيذ الحكم بالتنازل”.
ويتضح من سياق النصوص السابقة:
1- قانون الجزاء العماني لا يعترف بأن الشيك ضمان، وبمجرد توقيع الشيك يصبح مستحق الأداء وتتوفر له الحماية الجزائية.
2- قانون الجزاء العماني تفادى مسألة التحايل في تعمد توقيع الشيك بطريقة تمنع صرفه، وجعلها من ضمن جرائم الشيكات.
3- قانون الجزاء العماني نصّ على معاقبة المسحوب عليه (البنك) بغرامة لا تزيد على ألف ريال في حالة إذا قرر عدم وجود رصيد أو امتنع عن دفع الشيك دون سبب مشروع.
4- جريمة الشيك بدون رصيد تُعدّ من جرائم الشكوى، ويلزم تقديمها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ومرتكبها للشرطة أو الادعاء العام، وإلا حفظت الشكوى لتقديمها بعد فوات الميعاد من قبل الادعاء العام.
5- يجب أن تقدم الشكوى من المجنى عليه أو وكيله وكالة خاصة، ولا يجوز توكيل شخص وكالة عامة.
6- تنقضي الدعوى بمجرد أن يتنازل المجني عليه ولا يوجد حق عام، وبمجرد سداد قيمة الشيك تنقضي الدعوى العمومية.
والآن جاء قانون تبسيط إجراءات التقاضي الصادر بالمرسوم السلطاني 125/2020 مكملًا لقانون الإجراءات الجزائية بشأن جريمة الشيك، وحدد بعض المواعيد التي يجب مراعاتها، ورغم أنه لم يتطرق إلى أحكام جديدة بشأن الشيك، إلا أنه أضاف بعض التفصيلات في إجراءات التقاضي بشأنها، وقام بتقليص عدة مواعيد من إجراءات التقاضي في هذه الدعوى، نُلخِّصها للقارئ الكريم عبر “أثير” في الآتي:
أولا : المادة 23 : المحكمة المختصة يجب أن تحكم في الدعوى العمومية المتعلقة بجريمة الشيك خلال 30 يومًا فقط، ويمكن تمديدها في عدة حالات، وهي:
1. إذا كانت غير صالحة للحكم فيها.
2. إذا طعن بالتزوير
3 . إذا تم الادعاء بسرقة الشيك
واشترطت المادة على المحكمة عدم جواز إحالة الشق المدني للمحكمة المختصة إذا حكمت بإدانة المتهم، بمعنى آخر؛ يجب على المحكمة الجزائية الفصل في الشق المدني ( في ذات الحكم الصادر بشأن الدعوى العمومية) وهذا فقط في حالة الحكم بالإدانة.
ثانيًا: المادة 24 من قانون تبسيط إجراءات التقاضي صرّحت بجواز تقديم المعارضة خلال 10 أيام من العلم بالحكم الغيابي، ويجب أن يتم تحديد موعد جلسة لها خلال 10 أيام، بينما نص قانون الإجراءات الجزائية على جواز رفع المعارضة خلال أسبوعين من العلم بالحكم.
ثالثًا: وفقًا للمادة 25 من قانون تبسيط إجراءات التقاضي: إذا حكمت المحكمة في جنحة الشيك فإن عليها إيداع الحكم موقعًا من القاضي وأمين السر خلال ميعاد ( 7 أيام) سواء صدر في حكم حضوري أو في معارضة حكم غيابي. ويبطل إذا انتهى هذا الميعاد، ويستثنى هذا في حالة:
١.صدر الحكم بعدم القبول
٢. أو البراءة
واشترط تمديده لمرة واحدة غير قابلة للتجديد.
رابعًا: اختلف قانون تبسيط إجراءات التقاضي عن قانون الإجراءات الجزائية في نقطة أخرى، حيث إن قانون الإجراءات الجزائية حدد 15 يومًا لإيداع نسخة من الحكم وفقًا للمادة 222، بينما أكّد قانون تبسيط إجراءات التقاضي عدم زيادة هذا المعياد عن 7 أيام.
خامسًا: في قانون الإجراءات الجزائية يكون ميعاد الاستئناف في جريمة الشيك خلال 30 يومًا من النطق بالحكم، بينما في قانون تبسيط الإجراءات حُدِّد 15 يومًا من النطق بالحكم حضوريًا أو معتبرًا حضوريًا أو أصبح غير قابل للمعارضة بالنسبة لجميع أطراف القضية ( المحكوم ضده، المجني عليه ) عدا الادعاء العام فله 30 يومًا.
سادسًا: يُنظر الاستئناف خلال 10 أيام من تاريخ تسجيله.
سابعًا: لا يجوز الطعن في المحكمة العليا على الأحكام الصادرة من الاستئناف بمعنى أن الحكم يصبح باتًّا بصورة نهائية.