https://www.gulfupp.com/do.php?img=66508

قائمة المستخدمين المشار إليهم

صفحة 9 من 13 الأولىالأولى ... 7891011 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 90 من 122

الموضوع: النتاج الفكر ي للكاتب والشاعر/ سعيد مصبح الغافري في الشعر والخواطر والقصص

  1. #81
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    تَـكَـلـَّمَ يـا وَطَــن !! 12/5/2018

    تَـكَـلـَّمَ يا وَطَــن !!


    كتبت هذا النص الشعري على خلفية الندوة الدولية عن العالم العماني الأزدي المهلب بن أبي صفرة والتي أقيمت بمسقط تحت رعاية معالي عبدالعزيز محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشئون الثقافية وذلك في أوائل مايو من هذا العام 2018م وكذلك هذا النص هو رد على كل من يحاول بادعاءاته الإعتداء على تاريخنا وموروثنا الحضاري كأمة عريقة موصولة بالتاريخ منذ آلاف السنين .
    تَـكَـلـَّمَ يا وَطَــن !!

    ولـقـد ثَـمِـلـتُ بكـلِّ حُـبـِّـكَ مَـوْطِـني
    مـا ذَنـْبُ كـأسٍ إِذ بِحـُبـِّكَ مُـتـرَعَـةْ ؟!

    في عُـنـفُـوانِ الكِـبـريـاءِ أنـَا هُـنـا
    مِثـلُ الجـبـالِ الشُّـمِّ أوْ كالأشْــرِعَـةْ !!

    إِنْ جِـئـتَ تـبـحـث عـن عُـمَـانَ وَجـَدَتـَهـا
    شَـمـسُ الشُّـمـُوسِ عـلى الجِـهـَاتِ الأربـَـعـةْ !!

    مِن مـَـغـرِبِ الضـُّوءِ القـَصـِّي حـُدُودُنـَا
    فـإلى المَـشـارِقِ نحـنُ شَـمْـسٌ ساطِـعـَـةْ !!

    وَطـَنٌ بِحـَجـْمِ الكـونِ . قـلـبٌ نــابِـضٌ
    بِـهِ للمَـحـبَّـةِ ألـْفُ بــابٍ مُشْـرَعـَـةْ

    هـذي بُـيـُوتـُكِ يـا بـِلادي . حـَدِّثـي
    إِنـَّا إِذا جــاءَ الضـُّـيـُوفُ لـَـفـي سَـعـَـةْ

    ولـَـنـا المَـكـَارِمُ مِن صَـمِـيِـمِ خِـصَـالـِنـا
    والحـُبُّ نحن ، وغيرنا قد ضيعـَـهْ

    قـالـت لـَـكـُمْ أخـلاقـُنـا وأُعِـيـدُهـا :
    تـَأبـىَ الـرُّجُـوُلـَـةُ أنْ تَـعـيـشَ بـأقـنـِعـَـةْ

    نحـنُ الـوُضـُوحُ إِذا النـَّهـارِ مَـشـَـىَ بِـنـَـا
    لـَسْـنـا الجـَبـَانَ . المُـخـتَـفـي . الرَّعـرَعـَـةْ

    قـُـدتـُـمْ عـلى يَـمـَنـي الحـبـيـبِ حـُـرُوُبـِكُـمْ
    وعـلى العِـراقِ . الشـامِ كنتم زَوْبـَعـَـةْ

    والشَّـرُّ كَـفٌّ ، لـيْـسَ أَوْسَـخَ مِـثـلـُـهُ
    حـاشـا العُـمَـانِـي أنْ يُـلامِـسَ إِصـبـَـعـَـهْ

    واهـاً وواهـاً . صـاحـَهـَـا لـَـهَـبُ الحـَـشَـا
    مِن عُـمْـقِ جُـرحٍ صُـعِّـدَتْ مُـسْـتَـوِجِـعـَـةْ

    جُـرْحٌ بِـقـلـبِ القـُـدْسِ يَـصـرَخ : أُمَّـتـي !!
    فـيُـجِـيـبُ صَـوْتٌ للخِـيَـانـَةِ أنْ : دَعَــهْ !!

    مـاتَ الـرِّجـالُ فـلا يـَـغُـرُّكَ مـا تَـرَىَ
    شَـنـَـبٌ غَـلِـيـظٌ أوْ لِـحـىً مُـتـَـرَبـِّـعـَـةْ !!

    سَـيـَـظـلُّ دَمٌّ للعُـرُوُبـَـةِ فـائِـراً
    وعـلى الثُّـغُـورِ مُـرابِـطُـونَ هُـنـا مَـعـَـهْ

    يـا أحـمْـقَ الحـمْـقـىَ . أَغَـرَّكَ أَنـَّـنـا
    إِمـا سَـكَـتـنـا خِـلْـتَ ذلِـكَ ضَـعـضَـعـَـةْ ؟!

    نحـنُ الكِـبـارُ وإِنْ صَـمَـتـنـا رِفْـعـَـةً

    إِنَّ الحَـديثَ مَـعَ الصِّـغـارِ لـَمَـضْـيَـعـَـةْ

    والصَّـمْـتُ أَغْـمـادُ السُّـيُـوفِ ، فحـاذِرِوا
    مـا بـَـعـدَ سَـلِّ سُـيـُوفِـنـا بـالمَـعـمَـعـَـةْ

    مـا رَوَّعَ التـاريخُ ذِكْـرُ مُـهـَـلـَّبٍ
    لـكـنَّ خَـلـْطـاً بـالحـَـقـائِـقِ رَوَّعـَـهْ

    نَـمْ يـا مُـهـَـلـَّبَ في ضَـرِيـحِـكَ آمِـنـاً
    مـا أنـتَ مَـن تَـخـشـىَ نـَـقِـيـقَ الضُّـفْـدَعَـةْ

    نحـنُ الـذيـنَ هُـمُ هُـمُ . مـا هَـمَّـنـا
    نَـبـْحُ الكِـلابِ ومَـن نَـراهُـمُ إِمَّـعـَـةْ

    " رَوَّاسُـنـا " حَـسَـمَ القَـضِـيَّـةَ . فـاسْـكُـتُـوا.
    لـنـا ذا المُـهَـلـَّبُ والأَدِلـَّـةُ مُـقْـنِـعـَـةْ

    يـا مَـن أتَـيـتَ لِـنَـهْـبِ جـارِكَ عُـنـوَةً
    إِقْـنـعْ بِـبَـعـرِكَ . ذاكَ ما إنْ تَـجْـمَـعـَـهْ

    مَنْ أَنـتَ ؟! يـا أشْـقـىَ الـرُّعـاةِ لِـتَـدَّعـي
    مـا لـيسَ مُـلـكَـكَ والحقائق مُـوجـعـَـهْ !!

    كُـفـوا ادَّعـاءً واخـتِـلاقـاً أجـوَفـاً
    مَـشَـىَ بـالـوَقـاحَـةِ والـدَّنـاءَةِ والضَّـعـَـةْ

    " نـَـقْـصُ الهُـوِيَّـةِ " داؤُكُـمْ . شَـخَّـصـتُـهُ
    مَـرَضٌ عُـضـالٌ لـيـسَ يُـشْـفـىَ مَـوْضِـعـَـهْ

    كُـنْ عِـندَ قَـدْرِكَ . مـا يَـراكَ مُـهَـلـَّـبٌ
    إِلاَّ كَـقَـزْمٍ مـا تَـجـاوزَ إِصـبـَـعـَـهْ

    كُـنْ عِـندَ قَـدْرِكَ . يـا وَلِـيِـداً لـَمْ تَـزَلْ
    مِن فُـرْطِ جُـوعِـكَ تَـسـتَـحِـثُّ المـرضـعـَـةْ

    طـاولـْتَ مَجـداً قد تَـعـاظَـمَ رَقْـمُـهُ
    فـاقـنـعْ بـصِـفْـرِكَ يـا عَـدِيِـمَ المَـنْـفـَـعـَـةْ

    هـيـْـهـاتَ يـَرقـىَ مَـن مَـضَىَ في مَـكْـرِهِ
    دَهْـراً يُحـاوِلُ أنْ يُحَـقِّـقَ مَـطـمَـعـَـهْ

    الأربـعـونَ مِنَ ( القُـرونِ ) جُـذُوُرِنـا
    وهُـبـابُـكُـمْ أَنـتـمْ ( عُـقُـودٌ ) أَربَـعـَـةْ

    لا شـيءَ أَنـتُـم في حِـسـابِ حَـضـارَةٍ
    مُـدت بأقصىَ عـزمها مُـسْـتوْسِعـَـةْ

    آثـارُكُـمْ مِن أين ؟! قُـولـوا . صـارِحُـوا .
    مـالـي أراهـا كَـمـا السِّـمـالِ مُـرَقَّـعـَـةْ

    صِـفْـرٌ أراكُـمُ عِـندَ ذِكْـرِ بِـلادِنـا
    والصِّـفْـرُ دوْمـاً لـيسَ مِـثـل الأربـعـَـةْ

    لا شَـعـبَ فِـيكُـمُ كيْ أقـولُ هُـوِيَّـةٌ .
    لا إِرْثَ أُبْـصِـرُ هـاهُـنـا كي أسْـمَـعـَـهْ !!

    أخـلاطُ أقــوامٍ . فـأيـنَ نَـقـاءَكُـمْ ؟!
    هـاتُـوا لِـعَـقـلـِـيَ حُـجَّـةً كـيْ أُقـنِـعـَـهْ !!

    لا تَـسْـرُقُـوا التـاريخَ . هذا حَـدُّكُـمْ .
    وَطَـني وأعـرِفُ وَجْـهَـهُ وأَنـا مَـعـَـهْ

    سَـأَزِيدُكُـمْ بَـيـتـاً بِـشِـعـرِيَ عَـلَّـهُ
    يَـهْـوي عـلى رَأْسِ الظَّـلـُـوُمِ ويصـرَعـَـهْ :

    مَنْ لـيسَ يَمْـلِـكُ أَيَّ أصـلٍ ؛ طَـبْـعُـهُ
    نَـهْــبُ الشُّـعُـوبِ ، وواجِـبٌ أنْ نَـردَعـَـهْ !!
    شِـعـر : سـعيد مصبح الغافري
    2018 / 05 / 10م
    على بحر الكامل
    ____________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



    •   Alt 

       

  2. #82
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    إيـفـيـن !! 1/7/2018

    إيـفـيـن



    حـرفُـكِ هـذي المـرة
    نـايٌ مُـكـتـئـبٌ وحـزيـن !!
    كَـدَمـاتُ الـدمـعِ عـلـى خَـدِّكِ
    تـرتـدُّ غـيـومـاً فـي عـيـنـي
    وفـجـيـعـةَ سُــــؤلٍ مًُـنـهَـطِـلٍ :
    ــ مـا لـكِ تَـبْـكـيـن ؟!
    قـولـي يـا عُـمْـري ..
    مَـن طـيَّـرَ عـصـفـورَ الضِّـحـكـةِ
    مِـن زَهْـرِ الشـفـتـيـن ؟!
    مَـن جَـرَّحَ بـالـدمـعِ القـاسـي
    وَرْدَ الخـديـن ؟!
    مَـن أفـزَعَ نَـجْـمـاتً نَـشْـوىَ ؟!
    إِعـتـادتْ تـرقُـصُ بـأمـانٍ
    فـي أجـمـلِ عـيـنـيـن !!
    وهـذي الـرِّيـحُ الثـمْـلـىَ
    الصـارت نَـوْحـاً مِـن آه
    مَـن أعـطـاهـا ــ بِـربِّـكِ ــ إِذْنـاً
    لـدخُـوُلِ القـلـبِ ؟!
    وكـيـفَ ؟! ومِـن أيـن ؟!
    مَـن سَـرَقَ صَـلاةَ الصُّـبْـحِ مِنَ الأجـراسِ ؟!
    وغَـيَّـرَ نُـوتـاتَ الـوقـتَ المُـبـتَـهِـجَ
    إلى لـحـنٍ مِن حُـزنٍ بـاكٍ وأنـيـن
    تـعـالي رفـيـقـةُ عُـمـري
    تـعـالي إيـفـيـن
    هذا العـالـمُ قَـطْـعـاً لا يُـشـبِـهُـنـا !!
    لـنـهـربَ مِـنـهُ
    ومِن قَـرَفِ الأخـبـارِ الســوداء
    ومَـرأىَ البُـؤْسِ المُـفـتـرِشِ عـلى الطُّـرُقـاتِ
    ويـومـيـاتِ ضـيـاعِ الأحــلام
    وصُـوَرِ المَـسَـخِ الســادي
    لأصـنـامِ العـصـرِ وتُـجَّـارِ الـدِّيـن !!



    تـعـالي إيـفـيـن
    هـاتـي يـداكِ
    ودَعـيـنـا نـلـوذُ إِلـىَ أقـرب نـهْـرٍ أو بَـحـرٍ
    أو شـجْـرَةِ تـيـن !!
    دَعـيـنـا هُـنـاكَ بـكـلِّ بَـراءَتِـنـا الأولـىَ
    نُـسـابِـقُ رَكْـضَ المـوجِ الحـافـي
    وعلى وَجْـهِ الضِّـحـكِ نَـطُـشُّ المـاءَ
    وحـيـنـاً نَـغـرَقُ
    في أعـمَـقِ لُـجَّـةِ بَـوْحٍ تجـمـعُ قـلـبـيـن !!
    تـعـالي نَـتَـفَـيّـأُ ظِـلاًّ مِن حُـبٍّ
    نحـضـنُ ألحـانـاً
    نـمـضـي دَنـدنـةً في مَـغـنـىَ
    نـكـتُـبُ أشـعـاراً
    نـسـرحُ في ذِكـرىَ
    نُـكـمِـلُ آخِـرَ رَسْــمٍ لـطـفُـولـتِـنـا
    كـان عـلى طِـيـن !!



    تـعـالي إيـفـيـن
    تـعـالي ..
    لأضـامِـيـمِ حَـنـاني
    لأمـانِ يَـدَيَّ
    تـعـالي ..
    ودعـيـنـا نَـتَـمـازجُ . نَـتَـمـاهـىَ
    روحـاً
    نـبـضـاً
    إِحـسـاسـاً
    تَـوْقــاً
    لُـغَـةً مِن ضُـوءِ الـرُّوح
    لا أحـداً يَـفـهـمُ أحـرُفِـهـا
    إِلاَّنـا نحـنُ الإِثـنـيـن !!
    شِـعـر / سـعـيد مصـبح الغـافـري
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ



    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  3. #83
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    إنـَّـا للشِّعر !! 25/6/2018

    إنـَّـا للشِّـعـرِ !!



    هجمت عـلـيَّ قصيدة من القصائد فجأة وبدون سابق إنذار . لم يتم أمر هذا الهجوم الضاري في البيت كما هي عادة بعض القصائد أحيانا معي عندما أكون في عز نومي أو مضطجعا على سريري . ولا كان عند طاولة حرائقي وجنون ما أكتب . ولا وأنا جالس على كرسي الإسترخاء الهزاز بجوار النافذة أتكلم مع الورود والعصافير واليمام البري و أتأمل شفق الأفق البرتقالي المشخبط ببعض أهداب الغيوم الرقيقة . أو وأنا أنصت مستمتعا للأغاني العذبة الشجية المنسابة مثل شلال ناعم من نافذة بيت جارتنا التي لا تحب سلطنة مزاجها إلا على أغاني الزمن الجميل والفن الذي يلامس أدق أدق مشاعرك . يعني من حسن حظي أنها طلعت من نفس ذوقي تقريبا . ولا كذلك حين أكون عند البحر أو في أحضان الطبيعة أو فوق جبل أو في مكتبي بالعمل .
    حصل الهجوم في مكان آخر ، لا جدران ولا نوافذ فيه ولا كراس ولا استرخاء ولا يحزنون .
    ورغم معرفتي ويقيني بأن لا وقت ولا مكان محدد لمجيء القصيدة ، وأنها ابنة مزاجها ؛ إلا أنها هذه المرة تملعنت عـلـيَّ واختارت أحرج وقت وألعن مكان للهجوم . الشارع العام السريع . يا للهول !! كيف أرد عني الآن هجمة هذا الشيطان وأنا وسط هذا الأوتوستراد المميت ؟!
    الشِّعر يهاجمني ويلاحقني بلا تراجع مثل دبابير مجنونة خرجت من عشها هائجة شرسة ولديها تعطش مسعور للسع واللدغ والعض وكل ما يمكن أن تتصوروه في عالم الإفتراس .
    بدأ عقلي يتشوش . لثوان أقع فيما يشبه الدوار أو فقدان الوعي . وهي الحالة التي أحسها دائما مع كل هبطة إلهام تنزل على أم رأسي وقلبي . الكلمات تنسكب بروائحها وألوانها و أصواتها وجنونها . هكذا من غير إحم ولا دستور . أدخل في عوالم غريبة . أبصر أشياء . صور . ألوان . أنوار وأسمع أصواتا تحادثني وتهمس لي بكلام غرائبي لأول مرة أسمعه .
    السيارة بدأت تترنح كالمسطول ذات اليمين وذات الشمال . أوشك أن أفقد سيطرتي عليها وأنا واقع في ارتباكي وحيرتي وفي غمرة الانخطاف الكلي . أيهما يجب أن أسيطر عليه الآن : الشِّعر ؟! أم السيارة ؟! الروح ؟! أم الجماد ؟! الحي ؟! أم الميت ؟! الباقي ؟! أم الزائل ؟!
    حياتي بالنسبة لي وحتى آخر لحظة بعمري هي وقف للشِّعر ، أما موتي أو ما أظن أنه كذلك فهو لا أكثر من عبور للصراط الأول الموضوع بين ضفة الدنيا وضفة الأبدية المقابلة . وهو - أي الموت - لا شيء مقارنة بالشِّعر الذي أحس أنه امتداد أزلي لي في الزمن والوجود مثل مدادة ياسمين بيتنا التي تحبها وترعاها والدتي بحنو حتى إنها تتمنى لو أنها تتخطى الجدار والشبابيك والسطوح وتصل بمعراجها إلى السماء وتكهرب بعطرها كل الملائكة وكل من يسكن هناك من أحباب الله !!
    حرائق الشِّعر تشتعل بي وتتزنر بنيرانها الملونة حول خصر مشاعري ولا مفر من هذه النار التي ليس فيها بردا ولا سلاما منذ اكتويت بجمرها والتسعت بألسنتها ذات ميلاد لا ينسى . أين أهرب ؟! هل أقفز من نافذة السيارة وأصرخ وسط الشارع مثل مجانين نيويورك و سكارى لندن : أنقذوني. إني أتنفس تحت النار . إني أغرق . أغرق . أغرق ...
    والسيارات تعبر من جانبي بأعين مستغربة مندهشة ، والتي ورائي تزعق بي وتلكزني بأصواتها وتطلب مني أن أتحرك . وبسبب بطء سرعتي ، ازدحم الشارع فجأة ، وبدأت الناس تتذمر ، وهاهي على وشك أن تفقد صبرها وتنفجر في وجه هذا السائق الغريب الأطوار الذي يمشي بدون عقل ولا ( سعاية ) كما يقولون في لهجتنا . ألتفت خلفي مذعورا . فعلا الشارع بسببي بالكاد يتحرك . أبيات القصيدة تتراقص أمامي مثل حسناوات الهند على مروج كشمير . وفمي يغرق بالشعر . انعطفت مع أول فرصة إنفساح واتتني ودخلت في الحارة الأولى التي يمين الشارع . تعجبني الحوائر اليمنى للشوارع وخاصة الشوارع السريعة . حارة اليمين هادئة ومسالمة وفي حالها . لا يهمها من ينطلق بسرعة 200 ولا من يزحف كالسلحفاة ويسوق على راحته مستمتعا بسماع علي بحر أو ناني .



    وفجأة بعد دخولي في الحارة اليمنى للشارع تنفست سيارات الحارة اليسرى الصعداء وانطلقت وراحت تصرخ في وجهي ببوقاتها وسائقيها الملوحين لي بأيديهم المستنكرة وأصواتهم التي لم تخل من العبارات والملافظ القاسية والغاضبة التي " تمردغت " بسياط ألسنتها اللاهبة آخر " مردغة " :
    â–* يلعن هذا الشباب اللي بذا الزمن !!
    â–* جيل ضايع بلا عقل !!
    â–* سكران مية مية !!
    â–* اااااييييييه إنتبه ف الشارع !!
    â–* يلعن شكلك !!
    الشتيمة الأخيرة جعلتني أتشكك في شكلي . فنظرت للمرآة . " كِـشـَّـة الشَّـعـر " الجيفارية كما هي . الوجه الحليق كما هو . الشنب الخفيف لم يسقط . وخيل إلي كأني سمعت صوت صديقة مقربة أعرفها تهمس مشجعة :
    â™، سيبك منهم . أنت وسيم !!
    وضحكت . من حسن حظي بذاك الوقت لم تكن تتواجد أي دورية شرطة وإلا رحت فيها ولن تنفعني ساعتها لا قصيدة ولا عصيدة ولا إلهام ولا شاهين .
    خرجت من الشارع متلبسا بحرائق قصيدتي . بحثت كالمصاب بحالة إدمان ويبحث عن أي " بودرة شم " ليسكن بها هذا الألم الفظيع الذي ينهش ويهرش جسده . القصيدة لا تتوقف . تشاكسني بحضورها وتصر مثل الضرة العنيدة الراكبة رأسها :
    â™، يا أنا. يا هذي السيارة .
    وجدت الدفتر الصغير . " دفتر الطوارئ " كما أسميه ورحت أكتب بسرعة وبلهاث كل ما أقدر على المساك به من جمر الكلمات المتطايرة . الأبيات تنهال عـلـيَّ وتلسعني بنارها من كل جهات الوحي . الوحي الشعري الذي يجعلني أتصفد عرقا وقلبي يخفق بشدة فرحا وسعيدا بمطر النار ..
    أختي المستعجلة عاودت تتصل بي ومؤكد أنها ملت من وقفة الإنتظار أمام المبنى الحكومي والناس رايحة جاية . تكره أختي كره العمى هذا الإستئناء وسط الزحام والعيون " المبققة " التي لا تدع خلق الله لحالها .
    _ حاضر . جاي . مسافة السكة .
    _ شو مسافة السكة و هلأ الساعة عدت النص ؟!
    سلمتها حاجتها ورجعت فورا .. حتى إنني نسيت في غمرة الحالة التي أنا فيها أن أطلب منها أن تسلم على أولادها وعمتها . السيارة مولية بمقدمتها شطر الشرق . لكن أنى لي أن أعود إلى البيت ومازلت أحترق بقصيدتي ومازال جوع نارها يصرخ من قعره المشتعل : هل من مزيد ؟! والله وحده العالم متى ستكتفي ؟!
    في مكان بعيد ومنعزل وهادىء إرتميت مثل كاهن هندي في قلب نار الكلمات . كان كل بيت شِـعـري أكتبه على الورق هو في الحقيقة صرخة تخرج من أعماقي حارة ساخنة متوهجة فأضعها كما أضع الورود على السطور صرخة تلو صرخة غير مبال أنني أكتب وارسم بحبر وألوان النار ، وأنني أكتوي وأحترق بكل ما في قاع الجمر الملتهب بعقلي أو بقلبي أو أوراقي، لا ثمة فرق .
    أندهش وأنا أتأمل أبيات القصيدة التي مازالت تزفر بدخان حرائقها أنني اشتعلت بكل هذا الأجيج وأنني خرجت من هذه الحرائق وأنا غير مصدق أنني مازلت بينكم حيا أرزق رغم شياطين الشِّعر التي ما فتأت تهددنني وتتوعدني بحرائق شِـعـرية جديدة وعذاب شِـعـري جديد . ولا أمل في أي نجاة أو خلاص طالما أنني من أهل نار الشِّعر . والحمدلله أن لا أمل في أي نجاة أو خلاص من هذه النار ، مادام كل شيء يأتي باسم الشِّعر وروح الشِّعر ونار الشِّعر . وإنا للشِّعر .
    بقلمي / سعيد مصبح الغافري ______________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  4. #84
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    شـيءٌ مـن المـَـطـَـر !!1/8/2018

    شـيءٌ مـن المـَـطـَـر !!



    دَوْزَنـْتُ لـحـنَ المُـفـرداتِ وكُـنْـتـَـنـي
    في كُـلِّ بَـيـتٍ صـادِحٍ مـا أمْـتـَـعـَهْ !!
    عـفـوًا فـلـولا مَـن أُحِـبُّ وسِـحـرَهـا
    مـا صِـغـتُ مِن وَهَـجِ المـشـاعِـرِ أروَعـَـهْ
    فالشِّـعـرُ في أصـلِ الأُصُـولِ حـبـيـبـتي
    هي مُـبـتـداهُ ومُـنـتـهـاهُ ومَـرجَـعـَـهْ
    سعيد


    وفي كل بتلة ورد أراك
    وفي كل همس خفيف شذاك
    فوا عجبي إذ تمر النساء
    ولا تبصر العين وجها سواك
    سعيد


    وظلك يا نخلتي السامقة
    ما زال سجادة للصلاة
    ودربا رؤوما لكل الحفاة
    وسقفا به يحتمي العابرون
    إذا انسكبت شمس تموز جهرا
    بوابل أمطارها الحارقة
    سعيد


    سَيعودُ يَطرُقُ بالحنينِ على النوافذِ كالمَطَرْ
    لا تـرفضي هذا الإِياب صديقتي
    لا تـرفضي دَمْعَ الرجاءِ بناظريهِ إذا انحدرْ
    ولتقبليهِ بكلِّ عـفـوكِ إن أتىَ كي يعتذِرْ
    مهما تصاعَدَ بالغُـرور ..
    ما ذا سوى مَحْـضُ غُـبـارٍ من بَـشَـرْ !!
    سعيد


    الحنين يهز أطراف الستاير
    والنوافذ طالعت يم الطريق
    نايمة بالليل إعيون الشوارع
    ليت لو قلبي ينام ولا يفيق
    سعيد


    نزحتُ إليكَ شظايا بلادٍ
    ووجهاً مُدَمىَّ من الياسمين
    نزحتُ إليكَ ضياعاً وتيهاً
    على متنِ ريحٍ وتسآلِ أين
    نزحتُ إليكَ جوازَ اغترابٍ
    بما قد تبقىَ هنا من سنين
    أنا وطنٌ ضيَّعتهُ الحروبُ
    وأهلي بكل جهاتِ الحنين
    فخُذني إليكَ سُـنُـونُوَّةً
    رجـتكَ ملاذاً إلى بعضِ حين
    سعيد


    صَـبْـرُكَ بـاللهِ أيَـا قـلـبـًا
    قد عـانىَ كَـثـيـرَ الحِـرمـانِ
    لـَمْ تَـبْـقَ سَـمَـاءٌ لـَمْ يَـعـبُـرْ
    تَـعـرِفُـهُ جَـمِـيـعُ الأوطـانِ
    مُغـتَـرِبـًا أرضـًا ووُجُـوُهـًا
    لا قـلـبـًا يَـلـقىَ لإِنـسـانِ
    لا وَصْـلاً يَـرجـو . لا أَمَـلاً
    بـالتِّـيـهِ أضَـاعَ العـنـوانِ
    يـا حِـبْـراً يـكـتُـبُ أوجـاعي
    يـا نَـزْفـًا مِن ذا الشِّـريـانِ
    حَـسْـبـي أشـعـارٌ أنـثُـرُهـا
    كـوُرودٍ في كُـلِّ مَـكَـانِ
    حَـسْـبـي اوراقٌ أكـتُـبُـهـا
    إِنْ مُـتُّ سَـيَـبـقىَ دَيْـواني
    سـعيد


    .... وحديثها الشامي
    أشهى ما أحب من النبيذ
    إذا التقينا وامتزجنا في شراب
    ولفلها بالوجنتين
    هو ذا بياضك يا دمشق
    على خدود حبيبتي
    يهب العيون بسحره
    كالضوء في ألق الصباح
    إذا تغانج واستذاب
    سعيد


    يا عيون الليل خليني انام
    غطني بالرمش يا أحلى عيون
    يا شعر . يا بوح . يا شوق وهيام
    إن رحل ذا الليل بعيونك أكون
    سعيد


    قُـلْ للمـلـيحـةِ مَـن قـامـت تُـسـابِـقُـهُـمْ
    إِنِّـي أراكِ بـهـذا العِــزِّ أوطــانـا !!
    فـوقَ الصـوافِـنِ مِـثلِ الشُّــهْــبِ مــارِقــةٌ
    والـرِّيحُ خَـلـفَـكِ والـرُّكـبـانُ حَـيـرانـا
    للعــاديـاتِ بـنَـبْـضِ العَـزْمِ مُـصـبِـحَـةً
    الله أكـبـرْ . كـمْ للخـيـلِ فُـرسـانـا !!
    سـعيد


    نَـضِـجَـتْ كُـرُوُمُ العُـنْـبِ في عَـنَّـابِـهـا
    فَحَـلاَ نَـبِـيذُ المُـلـتـقىَ بالكـاسِ
    ذا ثَـوْبـُهـا ؟! أمْ أنَّ مـا أبـصَــرتُــهُ
    أبـيـاتُ شِــعـرٍ زُيِّـنـتْ بِـجِـنَـاسِ ؟!
    سـعيد


    وَجْــهٌ عِـراقـيُّ الصَّــبَـاح
    لا بَـعـدَ حُـسْــنُـكِ يـا ( هُـدَىَ ) حُـسْـنٌ
    إِذا ذَكَـروا مِــلاَح !!
    سعيد


    موج من الشوق يرفعني ويخفضني
    حي وتحتي أبصر هول منزلقي
    الحب بحر عميق . لا تمازحه
    فالموج يطوي إلى الأعماق بالغرق
    سعيد


    هذا الذي أعـطـاني وَعْـدًا بالمَـجـيء
    ليـَصـطَـفِـلْ
    لـي ألـفُ من ألـقـىَ سُــواهُ إذا خَـذَلْ
    لـن أســتَـئِـنَّ سَــرابَـهُ
    وَرْدٌ أنـا
    ما زالَ في وَهَـجِ الشـبـابِ المُـقـتَـبِـلْ
    قَـلـبٌ أنـا
    مازالَ يَخْـتَـزِنُ المُـنـىَ
    وبَـيَـادِرٌ مِن ألـفِ حُـلْـمٍ شــاسِــعٍ
    ونُـبُـوَءَةٌ قـالـتْ : سَـتَـلـقِـيـنَ الذي
    بـهِ كُـلُّ حُـبُّـكِ يَـكـتـَمِـلْ
    هِـيَ كِـلْـمَـةٌ .
    إِسـتـيـقـظـتْ بَـرقـاً بـلـيـلِ مَـشـاعِـري
    كـي تُـهْـدِني وَهَـجَ الصِّـراطَ إلـىَ القــرار
    هِـيَ كِـلـْمَـةٌ . لا لـَفَّ فِـيـهـا ولا دَوَار :
    غُـرْ مِـن حـيـاتـيَ . لـم تَـكُـن
    للـعُـمِـرِ حُـلـمـًا أو بَـطَـلْ .
    سـعيد


    لـنـا الحُـبُّ ذا كَـعـبَـةٌ فـتَـعـالي
    نَـحُـجُّ إلىَ البـيـتِ أو نَـعـتَـمِـرْ
    ولا تَـوْبَـةٌ لـو نَـقـولُ نَـتُـوبُ
    وفـوقَ الذُّنـوبِ إِلـهٌ غَـفَــرْ
    سـعيد


    أجيك بشوق واقف لك على بابك
    أبحضن فيك أيامي
    ونبضي من الوله يدوي
    @@@
    أشمك يا عطر ذكراي
    أضمك بكل أثوابك
    وأعيشك غيم من فرحه
    بتهطل والمسا شتوي
    @@@
    مسكت إيدي تبي تودع
    بكيت بلحظة اوداعك
    حقيقي الفراق أصعب
    من الجمره إذا تكوي !!
    بقلمي ونبضي / سعيد مصبح الغافري
    ____________________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  5. #85
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    نـزيــف حـــاد جــدًّا !! 1/8/2018

    نـزيــف حـــاد جــدًّا !!
    كل في هذا العصر الفاجر يزني على طريقته . رجل الدين ( المتأسلم ) يزني بفتاوي خوفه وجبنه وتخريجات هواه وهوى الضالين المفسدين في الأرض ممن يملون عليه أمزجتهم وبأشياء ما نزل الله ولا رسوله بها من سلطان ، ليكون دعما وسندا لهم وخلفية دينية يعتمدون عليها لمواصلة وتبرير الظلم والقهر والطغيان والسادية على كل مسكين وشريف ومستضعف في الأرض وكل عرض وأرض ومال . ومع ذلك رجل الدين " المسيس " هذا لا يتعرض للمساءلة ولا يقام عليه لا حد ولا شد ولا أي عقاب ويظل ذلك النبي التقي اللصيق بكل جمعة ومنبر ومناسبة وحتى غير مناسبة والذي لا ينطق عن الهوى ولا يأتيه الباطل لا من خلفه المليء بالضراط ولا من أمامه المنتصب بالجنس والشهوة !!
    البندقية تزني جهارا عيانا هي الأخرى ولا أحد يحاسبها على كل زنية خاطفة ترتكبها في الشوارع أو خلف المتاريس والجدران المهشمة وزحفات العتمة المريبة مع أصحاب القمصان الكاكية البغيضي السحن والنوايا . ومع ذلك لا تحاكم وتنساها (( لاهاي )) كملف أسود بأوراق من دون كتابة تماما مثل التماثيل المنصوبة في الساحات للجندي المجهول الذي لا تعلم أحارب معك أم ضدك . أكان عدوك أم حليفك !!
    الحاكم يزني ببلده وبأمته ويظل حتى بعد وفاته الفرعون الأكبر الذي يسبح بحمده بكرة وأصيلا وعند أدبار السجود وهو أنجس من ولغة كلب وأقذر من خنزير !!
    الشاعر يزني بشعره ويصبح ذلك المهرج السخيف الذي متى ما طلب منه أن ( يشعر ) ركض متهافتا وصبحنا ومسانا بنفاقه وهو لأجل إذعانه هذا وتمرغه في وحل الذل والاستكانة يقدم على كل حر أبي وتجعل له طنة ورنة وهو مجرد نافخ زمر وطبال جاهز عند الطلب وبأي وضعية تختار له ليرقص رقصة القرود في السيرك . ومع ذلك لا ينتفض غيور حقيقي على الشعر وعلى رسالة الشعر الحقيقية في الحياة ويظل هذا ( الشويعر المأجور ) يعامل كسيد للساحة وصوت الزمان والمكان وهو مجرد ممثل ومهرج وضفدع صغير على برك النفاق والتزلف .
    الفنان هو أيضا أكبر خائن لأمانة صوته وأكبر حمار يستطيع بكل بساطة أن ينفذ فورا جريمة قتل ضد الجمال والذوق وشرف الأغنية بل ومستعد أن ينسف كل ماضيه الفني وتاريخه وشهرته فقط لمجرد أن معتوها سياسيا أمره أن يوجه صوته جهة المعركة بهدف الدعم المعنوي ل ( المعركة المقدسة ) . ومع ذلك لا أحد يرمي بالبيض الفاسد والأحذية على وجه هذا الحمار الناهق الواقف على المسرح يغني غصبا عنه ما طلب منه أسياده أن يغنيه .
    الكاتب يزني بضميره وبقلمه ولا أحد يفضحه ويكشف حقيقته ولا أحد يعري كل خياناته وهو بحق صفر خائن تافه يعلم يقينا أنه سيذهب بكل أوساخ حبره وهراء أوراقه مثل الزبد جفاء ومثل أي غبار دخيل مر على الزمن فداسه الزمن بلا رحمة بأقدام النسيان وأصبح كأن لم يكن !!
    الشباب المودرن المتهافتون على كل جديد من تقاليع الموضة وجنون التصرفات والذين يفترض أن يكونوا بناة أوطانهم وحارسا أمينا على الأخلاق هاهم أمامك . طالع الجيل الذي تتوسم فيه خير أمة أخرجت للناس والذين بهم وبهم وحدهم سنحرر القدس وفلسطين من الصهاينة . طالعهم بناتا واولادا وخذ من رقصة ( كيكي ) آخر تقليعة لتقليد الغرب نموذجا لشبابنا العربي . كيكي التي يتبجحون بها في الشوارع وفي مجالسهم والتي تعني المعنى الجنسي الصريح ذاته الموجه إلى ما بين الفخذين للذكر كان أم الأنثى . فأين العصا لتؤدب هؤلاء ( الصيع ) وتوقفهم عند حدهم ؟! ألا تبا لها من حرية شخصية حين تنزل الشابة في الشارع العام وتنادي على نفسها : انا مزة . انا مرغوبة . أين الفحول ؟! أين الرجال ؟! حد له رغبة ؟! هذا هو جزء بسيط من معنى رقصة كيكي التي حلت بسعارها على شباب وشابات الأمة ومع ذلك يأتيك ديوثا قوادا ويصرخ بوجهك : أنت شخص معقد ومن زمن ديناصوري منقرض . إتفو عليكم من جيل لا خير فيه .
    وكل الشعب بأي بلاد وزمان هو زان بالجهل وبالاتكالية وبالخنوع وبالخوف وبتصديق كل ما يلمع ويزركش وينتفخ أمام عينيه كالطاووس المنتفش الريش . ومع ذلك لا مصلح من دعاة الإصلاح والتنوير فكر كيف يعيد الوعي إلى المجموع ولا أحد شحذ الهمم وجلخ العزائم من أجل بناء الإنسان أولا الذي هو أساس بناء كل وطن يطمح أن يصعد ويكون له كباقي الأوطان مكان تحت الشمس .
    وبعد ..
    فكيف بعد هذا وذاك يستطيع أن يمنعني أحد من التبول على كل هذا العهر المتفشي بكل زناته وقواديه وتافهيه من أمساخ هذا الزمن العفن ؟!
    عن أوطاني العربية أتحدث وعن زمن عربي رديء أتكلم !!
    بقلمي / سعيد مصبح الغافري
    _______________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  6. #86
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    لـنـلـتـقي في قُـرطُـبـَة ! 11/8/ 2018

    لـنـلـتـقي في قُـرطُـبـَة !!


    لـنـلـتـقي مُجَـدَّداًّ
    صـديـقـتي المُـقـرَّبـةْ

    بـأيِّ مَـقـْـهـىً رائـعٍ
    يَـضُـمُّـنـا بـقُـرطُـبـَـةْ

    أو شِـئـتِ في غِـرنـاطـةٍ
    جـنـَّتـُنـا المُـسـتـَلـَبـَـةْ

    هـُنـاكَ يحـلـو جـوُّنـا
    وكـأسُـنـا المُـحـبَّـبـَةْ

    ونـادِلٌ يـأتي لـنـا
    يسـألـنـا مـا نـطـلـُبـَهْ

    وضِـحـكَـةٌ خـافِـتـَـةٌ
    بِـوقـتِـنـا مُـؤَوَّبـَـةْ (1)

    وبـَينـنـا قـصـائِـدٌ
    رشِـيـقـةٌ ومُـطـرِبـَـةْ

    وأَعـيُـنٌ بـَرَّاقـَـةٌ
    تـحـكي الذي لـمْ نـكـتـُبـَـهْ

    ووَشـوشـاتٌ حـُـلـوَةٌ
    حـديـثـُهـا مـا أعـذَبـَـهْ !!

    وبـَينـنـا أصـابـِـعٌ
    تـشـابـَكـتْ مُـذَوَّبـَـةْ

    بـِصَـمـتـِـهـا الحـمـيـمُ ذا
    مَشـاعِـرٌ مُـكَـهْـرَبـَـةْ

    تخـيـَّري صـديـقـتي :
    غِـرنـاطـةً أو قُـرطُـبـَـةْ

    صَـدَىً لأمـسٍ عــربـي
    كـانَ هُـنـا . ما أطـيـبـَـهْ !!
    شِـعـر / سـعـيد مصـبح الغـافـري
    (1)
    مُـؤَوَّبـَـةْ :
    آب الشخص إلى بيته .. رجع وعاد إليه بعد غياب وانقطاع
    إياب الشيء : رجوعه . عودته
    ضحكة مُـؤَوَّبـَـةْ : ضحكة تعاد وترجع بين حين وآخر أثناء الحديث والمرح .
    ________________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  7. #87
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    في رمضان فقط !! 6/9/2018

    في رمضان فقط !!


    في رمضان ، وكما الأفاعي التي تغير جلدها في الربيع بعد رحيل الشتاء ، تتغير بعض النفوس . تخلع عنها ثوبها الذي كانت فيه على طبيعتها وبساطتها وروحها المرحة . تصير أكثر تجهمية وعبوسا. أراها شخوصا أخرى بأرواح غريبة غير التي ألفتها وآنستها وارتحت لها . في رمضان تتغير هذه النفوس . تصير أكثر تزمتا بالدين وأكثر من على الظاهر في العبادات والأدعية. ورسائلها الوعظية وحدها صداع يومي أعيش جحيمه ليل نهار . أكلم أحدهم عن الرواية التي صادف انتهائي من قراءتها أواخر شهر رمضان فيحوقل ويهز رأسه ويقطب جبينه ويرد بصوت أشبه بالمتحسف على مفقود فقده :
    @ أستغفر الله . الله يهديك .
    الله يهديني ؟! هل قراءة رواية دليل ضلالة واقتراف معصية و إثم يوجب غضب الله ويوجب علي التوبة . لكأني ضال من الضالين وهو ومن على شاكلته منزه من كل عيب و على هدى وتقوى وصلاح وعصمة. في رمضان فقط تقصر الثياب وتطلق اللحى حتى الصرة وتحمل مسابيح التهجد والتعبد . في رمضان فقط تنتشر رسائل الوعظ والأدعية و ( أرسل إلى 100 شخص لتنال بركة الله ورضاه وجنته ) وإذا لم ترسلها حلت عليك اللعنة والأمراض والفقر ويلاحقك سوء الحظ . في رمضان فقط يتذكر البعض من الميسورين جيوبهم المنتفخة ويبدأون في إرسال شيء من فتات ما يخزنونه إلى الفقراء والجوعى والمحتاجين مع كلمة أو ملاحظة أو تنبيه مرفق ( لا تنسوننا من دعائكم // واذكرونا بالخير بأسامينا والقابنا وألقاب عوائلنا وانجازاتنا ) كمن يعطي شيئا ويطمع في مقابل له . في رمضان فقط تنزل الرحمة وباقي الأشهر بيات شتوي لكل صور الخير والتآلف والإحسان . في رمضان فقط نعرف المسجد والقرآن والدعاء والاستغفار والصدقات الرمزية المتمظهرة على الناس . في رمضان فقط البعض يلبس مسوح الإيمان والورع والتقوى . وها. حاذر أن تمزح معه أو تناقشه في أمر إلا ما يخص فقط هذا الافيون المسمى الدين . في رمضان فقط نتذكر الله . وتترطب ألسنتنا بالأذكار آناء الليل وأطراف النهار . في رمضان فقط تستيقظ الروح التي رقدت لعام كامل تحت أغطية وشراشف المادة والحياة والغفلة والنوم الطويل . في رمضان فقط تنتعش الروحانيات والتدين وتصير بيوت الله عامرة وحية بذكره وقراءة كتابه والصلاة . في رمضان فقط نتذكر الجوع جوع بطوننا التي لا تتذكر جوع المحرومين ولا يهمها إلا جوعها هي وشبعها هي . في رمضان فقط تظهر مهارات ربات البيوت في الطبيخ ويبدأ موسم جرح مشاعر الناس بإستعراض صور عضلات المطابخ وماذا طبخت فلانة وماذا أعدت علانة من وجبات شهية للإفطار في تصرف مؤذ لكل فقير وبائس ومحروم .
    عجيب . عجيب فعلا حال هذه الأمة التي تنام أحد عشر شهرا وتصحو في شهر واحد . وليتها تصحو لشيء يزيدها فعلا قربا من الله وقوة بالله. فالله حسب معرفتي ليس بقالة تفتح في وقت وتغلق في وقت . الله ليس حالة إيمانية مؤقتة تقتضيها مناسبة دينية أو شهر ديني معين بل هو رحلتك التي ينبض بها قلبك وروحك وجوارحك وسائر كيانك من لحظة أن كنت جنينا في بطن أمك فإلى لحظة ميلادك ثم حياتك ثم مماتك ثم بعثك ثم حسابك . هذا هو الله حين تستشعر بوجوده في كل لحظة وحين تفر إليه في كل خلوة. هل جربتم خلوة الليل مع الله ؟ هل جربتم لذة الإحساس بطعم الدمع المتأوه وهو يستغفر ويقر بذنوبه في ليل الصمت والتفكر العميق الذي يكون فيه المرء وحده بكل ضعفه وندمه وألمه وخجله مع ربه ؟ فيعترف له بأدق أدق أسرار معاصيه . هل جربتم ( يا رب . أذنبت وعصيت وعملت كذا وكذا وكذا .. يا رب مالي غيرك . نجني من ظلمة روحي وعذابات قلبي ومتاهة عقلي ) هل جربتم أن تنصتوا لوحدكم فقط لسماع القرآن وللآيات التي فيها كل تندم الروح وتحسف القلب ؟ هل أبكاكم القرآن في الخلوة الفارة إلى الله ؟
    بقلمي / سعيد مصبح الغافري
    ____________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  8. #88
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    شُـكـراً لـشــوقٍ أرجَـعَــكْ !! 10/9/2018

    شُـكـراً لـشــوقٍ أرجَـعَــكْ !!


    شـظـَّيـتَ قـلـبـكَ في المَـدَىَ
    أرأيـتَ غـيـري جَـمَّـعَـكْ ؟!

    ومَـضَـيـتَ آهــاً يـائِـســاً
    لـولايَ حُـزنُـكَ ضَـيَّـعَـكْ !!

    أنـا ذا الوفــاءُ ونَـبْـضُــهُ
    مَـن بـالمحَـبـةِ أوْسَــعَـكْ

    لـكَ كُـلُّ حُُـضـنيَ إِنْ قـَـسـَىَ
    هَـمٌّ عـلـيـكَ وأوْجَـعَـكْ

    فـابـْكِ إذا شِـئـتَ البـُـكـا
    كَـفـِّي سـيـمـسـحُ أدمُـعـَـكْ

    ولـئـِن أتـيـتـني مُـتـعَـبـاً
    خُـذنِـي بـكُـلـيَّ مَخـدَعـَـكْ

    ولـئِـنْ نـَـأَىَ عـنـكَ الصـِّحـا
    بُ وخَـذَّلـوكَ ، أنـا مَـعـَــكْ

    وأنـا بِحــارُكَ في الهـَـوَىَ
    فـامْــدُدْ عـلـيـهـا أشـْرِعـَــكْ

    يـا أحـلـىَ شَـهْـدٍ فـي فـَـمِـي
    يـا عِـطـرَ بـَــوْحٍ ضَـوَّعَــكْ

    نـاديـتـني . يـا حـُـلــْوَهُ
    ذاكَ الصـَّدَىَ إِذْ رَجـَّـعـَــكْ

    خُـذْنـي وذَوِّبْ خـافِـقـاً
    بالأمْـسِ ضَــمَّــكَ . وَدَّعَـكْ

    خُـذْنـي . أنـا مُـشــتـاقَــةٌ
    أنْ تحـتـويـنـي أضْـلُـعَــكْ

    أنـتَ الهـَـنـاءَةُ كُـلُّـهـا
    شُــكْـراً لـشَــوْقٍ أرجَـعَـكْ !!
    شعر / سعيد مصبح الغافري
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  9. #89
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    لا تـقـل شــيـئـاً حـبـيـبـي 23/9/2018

    لا تـقـل شــيـئـاً حـبـيـبـي



    وتواعدت أشواقنا أن نلتقي

    وتعطرت أوراق شعري بألف ألف قصيدة

    كان العبير بها بحبك من يجول

    ثم انطلقت

    وأنا أرتب للكلام مقاعدي

    كالطفل يرسم حالما وجه الفصول

    أنا حائر !!

    ماذا بربك قد أقول ؟!

    وفي فمي

    هذا السعيد المشتهي

    ما ليس يحصى من الكلام

    وفي سماء مشاعري

    ما لا يحد من الهطول

    ماذا أقول ؟!

    وبالأصابع في يدي

    منذ الوداع حبيبتي

    عطش السنابل والحقول

    ماذا أقول إذا التقينا حبيبتي ؟!

    وبيننا منذ افترقنا

    سَـبـعٌ عُـجـافٌ مِن سِـنـين

    وألـفُ شـمـسٍ مِن أُفُـوُلْ

    ماذا أقول ؟!

    ( لا تقل شيئا حبيبي

    هذي تذاكر حبنا

    فارحل معي

    سفرا جديدا بالهوى

    عرضا وطول )

    قالت بلهفة وجهها

    لما التقتني وعانقت كف الحنين

    وأوجزت في قبلة مشتاقة

    كل الذي أنا كنت أنوي أن أقول !!
    شعر / سعيد مصبح الغافري
    _____________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  10. #90
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    قـُـلْ لـلـمـلـيحــــــــــة 28-09-2018

    قـُـلْ لـلـمـلـيحـة



    من عجيب قصيدة (( قل للمليحة )) الجميلة جدا جدا في معانيها واشراقاتها الصوفية العميقة والقصيرة جدا جدا في أبياتها وهي للشاعر الأموي مسكين الدارمي _ من عجيب أمر هذه القصيدة أن تعيش وتظل إلى الآن ترددها الألسن والأسماع ويغنيها المطربون رغم إنه مضى عليها حتى الآن 1300 سنة .

    وأشهر الفنانين الذين غنوها صباح فخري وهيام يونس وناظم الغزالي واميمة الخليل والفنانة الموريتانية ديما أبا وغيرهم كثير .

    وستلاحظ وأنت تسمعها بأصواتهم ذلك الإحساس الصوفي المنبث في ثنايا الكلمات وتلك الرهبة اللطيفة الملامسة للروح بصورة تصعب مقاومة أو إزاحة حضورها الطاغي في النفس وبالأخص مع صوت ديما أبا وناظم الغزالي.

    مع التنبيه لكل القراء والمهتمين بتتبع سير الأدباء والشعراء بأن الشاعر مسكين الدارمي لم يكن قد قال في قصيدته الشهيرة ( قل للمليحة ) إلا ثلاثة أبيات فقط لم تزد ولم تنقص . وهي بهذا العدد الضئيل جدا لا ترقى بالطبع من الناحية الكمية إلى مستوى ( قصيدة ) التي يجب أن يكون عدد أبياتها في حدها الادنى سبعة أو ثمانية أبيات ، وما دون هذين العددين تسمى ( مقطعا شعريا ) .

    لذلك يضطر بعض الشعراء المعاصرين في أي عمل فني يتعاونون فيه مع الفنانين أن يضيفوا من عندهم للأبيات الثلاثة الأصلية التي قالها الدارمي أبياتا أخرى تصل إلى ثلاثة وأربعة وأحيانا خمسة أبيات للضرورة الفنية التي تتطلب أكثر من بيت شعري في النص حتى يقدر أن يغنيه المطرب أو المطربة بنفس أطول بدلا من الدوران الممل بالغناء حول ثلاثة أبيات فقط .
    وبعضهم - اي الشعراء - يقوم بعمل بعض الاضافات والتعديلات على النص الأصلي نفسه وخصوصا في شطر البيت الاخير منه [ لا تقتليهِ بحـقِّ دينِ محمدِ ] حيث يُحـَـوِّرُوُنـَـهُ بحسب توجهاتهم الفكرية أو ما يراه معتقدهم الديني ربما ، كذاك الشاعر الذي جعله بهذه الصيغة :
    لا تقتليه بحق عيسى وأحمد

    وهذه الاقحامات الشعرية المزيدة على النص الأصل من شأنها أن تحدث تشويشا وحيرة لدى الباحث وقد تختلط عليه المعلومات ويتوه ولا يعد يعرف أين شعر الدارمي في كل هذه الفوضى .

    ومن حسن الحظ أن الأبيات الشعرية الثلاثة التي قالها مسكين الدارمي في مليحته جعلها كتاب الأغاني والملحنون عند شروعهم في عمل غنائي مع فنان او فنانة _ جعلوها تأتي دائما في أول الاغنية وليس في آخرها أو وسطها مما قلل كثيرا من التشويش السماعي لدى المتلقي الذي يسمع أغنية ( قل للمليحة ) فيعرف فورا أن الأبيات الثلاثة الأولى التي بالاغنية هي للدارمي وما بعدها من أبيات هي زيادات شعرية من قبل شعراء معاصرين اقحموها للضرورة التي تقتضيها الأغنية .

    وبعد .. فما قصة هذه القصيدة ؟! وما سر اشتهارها وبقائها وصمودها طوال هذه العصور والحقب المديدة من السنين ؟! رغم إن قائلها ليس بتلك الشهرة الأدبية الواسعة التي كانت لاقرانه ممن عاش معهم بنفس العصر الذي كانوا فيه وأعني بهم جرير والفرزدق والاخطل وبشار بن برد وسواهم من عتاة الشعراء العرب في العصر الأموي الذين ملأوا الدنيا صخبا وضجيجا بشعرهم ومواقفهم . كيف تستطيع ثلاثة أبيات فقط أن تعيش ويذكرها ويرددها الناس إلى اليوم منذ 1300 سنة ؟!

    إنها قوة الشعر وسحره ونفاذه الباهر في القلوب والأرواح وقدرته على تجاوز زمنه الذي قيل فيه إلى أزمنة تالية لاحقة أبعد تمتد في الأبدية بنفس ألقها ووهجها وقابليتها على الحياة والعيش والبقاء .

    يعد مسكين الدارمي من بين أشهر شعراء العصر الأموي رغم قلة من يعرفه أو يسمع عنه وبخاصة في عصرنا هذا ( القرن 21 الميلادي ) . وقد عاش بالكوفة في فترة الخلافة الأموية وعصرها الذهبي المزدهر ، وكان شاعرا ظريفا معروفا وسط كبار شعراء عصره ، حتى إن الفرزدق كان يخشى مواجهته ، كما كان من المقربين إلى الخليفة ، الشيء الذي فتح عليه أبواب النعم والعيش الرغيد . وانعكف في أواخر حياته إلى العبادة والصلاة والزهد ، حتى وقع له هذا الحادث الطريف مع ذات الخمار الأسود . فكيف كان ذلك ؟
    قدم أحد التجار إلى المدينة المنورة وبيده سلة فيها خُمر سود .
    والخِـمـار مفرد وجمعه : خُمُرٌ ، خُمْرٌ ، أَخْمِرَةٌ . وهو عبارة عن قماش معين يغطي ويستر كل أو جزء من وجه المرأة . ويأتي على نوعين : نوع رقيق شفاف ممكن أن يشف من خلفه بعض ملامح وجه المرأة وشفتيها وعنقها . ونوع آخر يأتي غليظا ومعتما جدا في نسيجه ولا يمكن أن يشف من خلفه أي شيء من وجه المرأة لشدة كثافته . ولا يقتصر لون خمار المرأة على الأسود فقط وإنما له ألوان عدة أخرى أشهرها الأسود والأبيض والأحمر والأزرق والأصفر والمشمشي ..... إلخ تلبسه المرأة بحسب لون لباس جسدها أو كما يقتضيه الذوق الجمالي العام والظروف . وما يزال هذا الخمار متداولا وشائعا بين النساء الشرقيات المحافظات ( الدول الإسلامية والمجتمع العربي بشكل خاص ) .



    نعود الى صاحبنا التاجر الذي قدم الى سوق المدينة ليبيع الخمر السود للنساء . فلم يجد لها طالبا ولا شاريا ، وظل طوال نهاره يجتهد بكل حيلة لبيع سلعته فلم يبع شيئا ، فجلس مغتما مهموما وضاق صدره لذلك ضيقا شديدا وقد جاء من بلاد بعيدة لبيع بضاعته ويخشى أن يعود بها إلى بلاده خاسرا ، فأشار عليه أحدهم وقال : إذا أردت أن تبيع خُمرك وتربح فيها فاقصد مسكين الدارمي فهو خلاصك .

    وكان الشاعر الأموي مسكين الدارمي مشهورا عنه حتى سن متأخرة من عمره بظرافته وغزله ومجونه وولعه بالنساء الجميلات ، وكان سريع الجواب والبديهة بين أقرانه .
    فقصده التاجر ، فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد ، فأتاه وقص عليه القصة ، فامتنع مسكين الدارمي عن مساعدته بحجة أنه انقطع عن هذه الأمور وزهدها منذ زمن طويل ، فقال له التاجر والحزن يعصر قلبه :
    - أنا رجل غريب ، وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل .
    ورجاه وتوسله حتى أقنعه على مساعدته بطريقته في جلب النساء لشراء بضاعته ، فخرج مسكين الدارمي من المسجد وعمل هذه الأبيات وشَـهـَّـرَهـا بين الناس ، وهي :

    قل للمليحةِ في الخمارِ الأسودِ
    ماذا فعلتِ بناسكٍ متعبدِ

    قد كان شَـمَّـرَ للصلاةِ ثيابهُ
    حتى قعدتِ له ببابِ المسجدِ

    ردي عليه صلاتهُ وصيامهُ
    لا تقتليهِ بحـقِّ دينِ محمدِ



    فكانت هذه الأبيات الثلاثة بمثابة أول إعلان تجاري يظهر في التاريخ ؛ إذ شاع وانتشر بين الناس خبر أن مسكين الدارمي قد ترك الزهد وأمور التعبد وعاد إلى مجونه وعشق فتاة ذات خمار أسود ، فانكبت النساء يتنافسن على شراء الخُمر السود من التاجر ، فباعها الأخير بأضعاف أضعاف قيمتها ، وعاد إلى دياره غانما مبتهجا ، وعاد الشاعر مسكين الدارمي بدوره إلى تعبده ونسكه .

    والحق ولانصاف هذا الشاعر الزاهد ولدفع تهمة عشق صاحبة الخمار الأسود عنه أقول :
    كل قصة ذات الخمار الأسود ( فبركة شعرية ) إن جاز لنا هذا التعبير . وقد اخترع الدارمي هذه القصة من رأسه . حيث في الحقيقة لم تمر أصلا عليه وقت اتفاقه مع التاجر أي امرأة لا ذات خمار أسود ولا أبيض ولا يحزنون وإنما هي أبيات شعرية قالها ارتجالا وتعمد إشاعتها في السوق وبين الناس من أجل الدعاية فقط لبضاعة هذا التاجر الكاسدة والتي ما كادت النساء بالمدينة يسمعن بالقصة و بشعر الدارمي الغاية في الرقة والجمال والجاذبية والغزل المرهف حتى انطلت عليهن هذه الحيلة فأقبلن مسرعات إلى التاجر وتهافتن يشترين خمره السود حتى نفدت كلها بوقت قصير .

    وقد عارض قصيدة ( قل للمليحة ) شعراء عديدون . وهناك شعراء من عصرنا الحالي عارضوها أيضا . ولعل أشهر هذه المعارضات الشعرية التي ردت على هذه القصيدة معارضة الشاعر الحامدي وقصيدته في صاحبة الخمار المشمشي وفيها يقول :

    قل للمليحة في الخمار المشمشي
    كم ذا الدلال عدمت كل محرّش

    يا من غدا قلبي كنرجس طرفها
    في الحب لا صـاحٍ ولا هو منتشي

    هذا الربيع بصحن خدك قد بدا
    لـمُـقـبـِّـلٍ ومُـعـضِّـضٍ ومُخـمّـشِ

    رُدِّي عَلَيهِ صَلاتَهُ وصيامَه
    ُلا تَقتُليهِ بِحَقِّ دِينِ محمد

    وهناك كذلك معارضة الشاعر التنوخي التي قالها في صاحبة الخمار المذهب :

    قل للمليحة في الخمار المذهب
    أفسدت نسك أخي التقي المترهب

    نور الخمار ونور خدك تحته
    عجبا لوجهك كيف لم يتلهب

    وجمعت بين المذهبين فلم يكن
    للحسن عن نهجيهما من مذهب

    وعني كتبت أيضا معارضة بسيطة وإن كانت مرتبطة أساسا بقصة حصلت معي لكن لا بأس من ايرادها هنا بسبيل زيادة امتاعكم وفيها أقول :
    قـل للمليحةِ في الخِـمـارِ الأزرقِ
    فيمَـن أصبتِ بلحظِ عينكِ إِتـقي

    بالسـوقِ صادفَ موتـُهُ لـمـا رَأَىَ
    من كُـلِّ سَـهْـمٍ مِن رموشكِ تـرشُـقي

    رُدِّي سـِهـامِكِ عن فُـؤادٍ مُـرهَـفٍ
    لا تـقـتـلـيني . بحـقِّ دِيِـنِـكِ إِرفِـقي
    سعيد
    وهناك معارضات شعرية أخرى جريئة جدا انتشرت في العصر الأموي والعصر العباسي بشكل خاص والعصور اللاحقة عامة وكلها تدور حول قصيدة الدارمي ( قل للمليحة ) بيد أنني لم أشأ عامدا إدراجها ضمن هذه الأمثلة نظرا لكون الكثير منها رغم جماليته وسحره وقوة ألفاظه والتصاوير الشعرية المبهرة التي فيه إلا أنه يعد بحسب تقديري من الشعر الفاحش . لذلك آثرت مجانبته والاكتفاء بهذين المثالين بقصد الإمتاع والتذوق الشعريين . والله من وراء القصد .
    بقلمي مع تصرف بسيط / سعيد مصبح الغافري
    ___________________________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



صفحة 9 من 13 الأولىالأولى ... 7891011 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م