أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
يُعد عقد البيع من أكثر العقود الرضائية انتشارًا؛ وذلك نظرا للتطور الكبير في مجال التجارة والصناعة حول العالم، إلا أن الكثير من العقود تكون نهايتها البطلان لأنه يجب أن يكون المبيع معلوما عند المشتري علما نافيا للجهالة الفاحشة، وذلك ببيان أحواله وأوصافه وإلا جاز للمشتري طلب إبطال البيع.وتجنبا لهذا الأمر ظهرت البيوع بشرط التجربة والمذاق، والتي تهدف إلى التقليل من حالات إبطال العقد.وهذا ما سنتطرق إليه في هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” حول أحكام البيع بشرط التجربة أو المذاق وفقا للقانون العماني.
تعريفه:
البيع بشرط التجربة هو البيع الذي يحتفظ فيه المشتري بحق تجربة المبيع قبل شرائه نهائيا، إما لغرض التأكد من صلاحية المبيع للغرض المقصود، أو للتأكد من ملاءمته لحاجته الشخصية.
وتكمن أهمية هذا البيع في أنه يمكّن المشتري من العلم بالشيء المبيع علما نافيا للجهالة قبل إبرام العقد.
ومن أمثلة هذا البيع هو بيع الإلكترونيات والسيارات، فمثلا شراء السيارة يتطلب التأكد من صلاحيتها ومدى ملاءمتها للغرض الذي تم شراؤها من أجله. والبيع بشرط التذوق من أمثلته تذوق الأطعمة والمشروبات بحيث لا يمكن أن يقرر المشتري ما إذا كانت الوجبة هي التي يرغب بشرائها إلا بتذوقها.التكييف القانوني للبيع بشرط التجربة والتذوق:
الأصل أن البيع بشرط التجربة والمذاق يُعدّ معلقا على شرط واقف هو قبول المشتري للمبيع بعد تجربته، فينتج العقد آثاره القانونية بأثر رجعي من تاريخ إبرام العقد، إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ.
أحكام البيع بشرط التجربة والتذوق:نص المشرع في قانون المعاملات المدنية على أحكام البيع بشرط التجربة في المواد من (360) إلى (366)، ونص في المادة (367) على: “تسري أحكام البيع بشرط التجربة على البيع بشرط المذاق.” وعليه سنعرض أحكام البيعين حسب الآتي:
– يلتزم البائع بتمكين المشتري من التجربة والتذوق.
– يلتزم المشتري بتجربة أو تذوق الشيء المبيع وإبلاغ البائع بقبوله أو رفضه خلال المدة المحددة للتجربة أو التذوق.
– يلتزم الطرفان بتحديد مدة معلومة للتجربة والتذوق، وإن سكتا عن تحديد المدة نصت المادة (360/1) من قانون المعاملات المدنية العماني على أنه: “… فإن سكت المتعاقدان عن تحديدها في العقد حملت على المدة المعتادة.”، أما قانون التجارة فنص في المادة (96) أنه: “… فإن لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها البائع،” وعليه فإن قانون المعاملات المدنية خالف قانون التجارة في أنه إذا لم يتم تحديد المدة بين طرفي العقد فتحدد المدة حسب المدة المعتادة في تلك المنطقة وأما قانون التجارة أسند مهمة تحديد المدة إلى البائع في حالة لم يتفق الطرفان على مدة في العقد.
– يعد مضي المدة دون رد من المشتري بمثابة قبول منه؛ وذلك أن القانون ألزم المشتري في حالة الرفض إعلام البائع وإلا عدّ سكوته قبولا وأصبح البيع ملزما إذا كان في يد المشتري. وأكدت ذلك المادة (362/2) من قانون المعاملات المدنية والتجارية بنصها على أن: “إذا انقضت مدة التجربة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا ولزم البيع إذا كان المبيع في يده.”فمثلا لو اشترى شخص سيارة من شخص آخر واتفقا على أن يجربها خلال مدة أسبوعين، ومضت المدة دون رد من المشتري بالقبول او الرفض يعد سكوته قبولا وفقا للقانون ويلزم بإتمام البيع.– إذا هلك المبيع بعد تسلمه في يد المشتري خلال مدة التجربة أو التذوق، يلزم المشتري بأداء الثمن المسمى للبائع. وإذا هلك قبل تسلمه في يد البائع وبغير سبب من المشتري يكون الضمان في هذه الحالة على البائع.والسبب في أن المشتري هو من يضمن المبيع بعد تسلمه سواء هلك بسببه أو بسبب أجنبي لا يد له فيه (قوة قاهرة)؛ أن يد المشتري تكون يد ضمان وذلك لأنه حائز المبيع بقصد تملكه وبالتالي هو من يقع على عاتقه الهلاك.– لا يجوز للمشتري أن يستعمل المبيع في مدة التجربة أو التذوق إلا بقدر ما تتطلبه التجربة والتذوق على الوجه المتعارف عليه، فإذا زاد في الاستعمال زيادة لا يقصد منها التجربة لزم البيع.– البيع بشرط التجربة أو المذاق كجميع البيوع الأخرى تلزم لقيامها توافر أركان البيع ولكن ماذا لو فقد المشتري أهليته خلال مدة التجربة أو التذوق؟الجواب هو أن إذا فقد المشتري أهليته قبل أن يجيز البيع، وجب على الولي أو الوصي أو القيم اختيار ما هو في صالحه. ونصت على ذلك المادة (364) من قانون المعاملات المدنية.
– إذا توفي المشتري خلال فترة التجربة أو المذاق قبل ممارسة خياره للموافقة على البيع أو رفضه، فيجب علينا التمييز بين حالتين:
1- وإذا كان لدى المشتري دائن أحاط دينه على ماله، ينقل خيار الموافقة أو الرفض إلى الدائن.
2- وإذا لم يكن للمشتري دائن، فإن خيار الموافقة على البيع أو رفضه ينتقل إلى الورثة، وتكمن المشكلة في حالة إذا أراد بعض الورثة الموافقة على البيع في حين يريد البعض الآخر رفضه، بالتالي يلزم في هذه الحالة الرفض. أما إذا اتفق الجميع على رد أو إجازة الشيء المبيع لزم ما تفقوا به.