أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
تتنوع أسباب كسب الملكية وتتفرع في القانون، وقد نظم المشرع العماني أسباب كسب الملكية في الفصل الثاني من الكتاب الثالث في المواد من (851) إلى (946) من قانون المعاملات المدنية العُماني، وتتمثل هذه الأسباب على الترتيب في: إحراز المباحات، الضمان، الميراث، الوصية، الاتصال بالعقار، العقد، الشفعة، الحيازة.
وفي هذه الزاوية عبر “أثير” سنسلط الضوء على الشفعة، وتحديدا الإجراءات القانونية للأخذ بها.
تعريف الشفعة والحكمة من تقريرها:
الشفعة كما ذكرنا أنها سبب من أسباب كسب الملكية وهي مستمدة من الفقه الإسلامي. وقد ثبتت الشفعة بالسنة والإجماع؛ إذ ورد العديد من الأحاديث مخبرة عنها، منها حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم “قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة” -رواه مسلم والبخاري-
والحكمة من تقرير الشفعة تتمثل في دفع الضرر عن الشريك؛ لأنه ربما يشتري نصيبا شريكه فيه عدو له، أو ذو أخلاق سيئة فيحدث بسبب ذلك التباغض، ويتأذى الجار، وفي ثبوت الشفعة دفع للأذى والضرر.
عرفت المادة (903) من قانون المعاملات المدنية الشفعة بأنها: “حق تملك المبيع أو بعضه الذي تجري فيه الشفعة جبرا على المشتري بما قام عليه من الثمن والنفقات.” وتثبت الشفعة للشريك في المبيع نفسه، وهو من يملك حصة شائعة في المبيع، والخليط في حق المبيع وهو من يشترك في العقار المبيع بحق ارتفاق خاص كحق الطريق الخاص.
إجراءات الشفعة:
نصت المادة (916) من القانون سابق الذكر على أن: “يثبت الملك للشفيع في البيع بحكم نهائي من المحكمة أو بتسلمه من المشتري بالتراضي وذلك مع مراعاة قواعد التسجيل.”
وعليه فإن إجراءات الشفعة إما رضائية أو قضائية. وتكون رضائية في حالة إذا سلم المشتري بحق الشفيع في الشفعة فيثبت الملك للشفيع بالتراضي وذلك مع مراعاة قواعد التسجيل.
وتكون قضائية في حالة لم يسلم المشتري بحق الشفيع في الشفعة، وعليه فيحق للشفيع رفع دعوى قضائية طبقا للمادة (914) من القانون ذاته التي تنص على أنه: “على من يريد الأخذ بالشفعة أن يرفع الدعوى على المشتري خلال ثلاثين يوما من تاريخ علمه بتمام البيع، وإذا أخرها بدون عذر مقبول سقط حقه في الشفعة.”
وعليه فإنه طبقا لهذه المادة يتعين للشفيع رفع دعواه على المشتري وليس البائع خلال ثلاثين يومًا من تاريخ علمه بتمام البيع، أي بمجرد تراضي البائع والمشتري وليس تاريخ تسجيله، وإذا أخر الشفيع رفع الدعوى بدون عذر شرعي يسقط حقه في الشفعة، أما إذا أخرها بعذر شرعي يجوز له رفعها بعد مدة الثلاثين يوما، وذلك بعد أن يثبت هذا العذر، ويفهم من ذلك أن مدة الثلاثين يومًا هي مدة تقادم تقبل الوقف والانقطاع.
ما المحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة؟
نصت المادة (45) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية على” في الدعاوى العينية العقارية ودعاوى الحيازة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعا في دوائر محاكم متعددة.
وفي الدعاوى الشخصية العقارية يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه.”
وبناء عليه فإن المحكمة التي يقع في دائرتها العقار المشفوع فيه هي المختصة بنظر دعوى الشفعة.
ما الحالات التي لا تُسمع دعوى الشفعة فيها؟
وردت الحالات التي لا تسمع فيها دعوى الشفعة حصرا في المادة (913) من قانون المعاملات المدنية وهي كالآتي:
١ – إذا باع الأب لأجنبي ما للولد فيه شفعة.
٢ – إذا باع الولد لأبيه.
٣ – إذا باع أحد الزوجين للآخر.
٤ – إذا نزل الشفيع عن حقه في الشفعة صراحة أو دلالة بعد وقوع البيع.
هل إيداع الشفيع الثمن الحقيقي للعقار شرطا لقبول دعوى الشفعة؟
لم ينص القانون العماني صراحة على أن إيداع الثمن الحقيقي للعقار يعد شرطا لقبول دعوى الشفعة، وأكدت مبادئ المحكمة العليا ذلك بقولها أن: “وضع ثمن البيع بخزانة المحكمة ليس من شرط الشفعة.” – الطعن 1204/2014م جلسة يوم الاثنين 27/ أبريل/ 2014م –
وبعد أن تفصل المحكمة في النزاع المتعلق بالثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه، تمهل الشفيع شهرا لدفع ما تطلب منه دفعه وإلا بطلت شفعته وذلك عملا بالمادة (915) من قانون المعاملات المدنية العماني.
وأخيرا يمكن القول بأن الشفعة تسقط في ثلاث حالات نستخلصها من النصوص المنظمة لقواعد الشفعة وهي:
1. التنازل عن الشفعة صراحة أو ضمنا، المادة (913/4) ق.م.م.
2. رفع دعوى الشفعة بعد الثلاثين يوما المقررة قانونا لرفع دعوى الشفعة بدون عذر شرعي، المادة (914) ق.م.م.
3. عدم دفع الشفيع للثمن الحقيقي للعقار المشفوع بعد شهر من تحديد المحكمة للثمن الحقيقي، المادة (915) ق.م.م.