بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه أجمعين


كان معن بن زائدة– رحمه الله - أحد أمراء الخليفة المنصور -أحد خلفاء الدولة العباسية- رحمه الله - و كان مشهوراً بالحلم و الصَّبر .

اجتمع جماعة من الأعراب يتذاكرون فيما بينهم حلم معن وصبره وكونه بعيداً عن الاستفزاز.

فقام أعرابيٌّ و قال : أنا لكم على إغضابه ،قالوا: إن قدرت على إغضابه فلك مائة بعير، فانطلق الأعرابيّ إلى بيته وذهب إلى شاة له فسلخها ثم ارتدى جلدها جاعلاً باطنه ظاهره ثم دخل على معن بصورته القبيحة تلك ، ووقف الأعرابيّ أمام الأمير معنٍ ينظر إليه باستحقار تارة ينظر إلى السَّماء و تارة ينظر إلى الأرض

فأنشد الأعرابيّ للأمير :

أتذكرُ إذ لحِافك جلدُ شاةٍ
وإذ نعلاك من جلدِ البعير


قال الأمير معن : أذكر ذلك ولا أنساه يا أخا العرب

فردَّ الأعرابيّ
فسبحان الذي أعطاك مُلكاً
وعلمك الجلوس على السرير


فقال معن : سبحانه وتعالى

فقال الأعرابيّ :
فلستُ مُسلماً ما عشتُ حيا
على معن بتسليمِ الأمير


فردَّ عليه معن :
إن سلَّمت رددنا عليك السَّلام و إن تركت فلا ضير عليك

فقال الأعرابيّ
سأرحل عن بلادٍ أنت فيها
ولو جار الزمانُ على الفقير


فقال معن : إن أقمت بنا فعلى الرحب والسِّعة وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسَّلامة

فردَّ عليه الأعرابيّ - و قد أعياه حلم معن و صبره -

فجُد لي يا ابن ناقصة بمالٍ
فإنِّي قد عزمت على المسير


فقال معن : أعطوه ألف دينار

فأخذها وقال:
قليــل ما أتيت به وإنِّي
لأطمعُ منك بالمال الكثير
فثن قد أتـاك الملك عفواً
بلا عقـلٍ ولا رأيٍ منير


فقال معن : أعطوه ألفاً أخرى .

فتقدم الأعرابيُّ إليه وقَبَّل يديه ورجليه وقال :
سألتُ الجود أن يُبقيك ذخراً
فما لك في البرية من نظـير
فمنك الجود والإفضال حقاً
وفيض يديك كالبحر الغزير


فقال معن : أعطيناه على هجونا ألفين فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف .

فقال الأعرابيّ : جعلت فداك ما فعلت ذلك إلاَّ لمائة بعير جعلت على إغضابك .

فقال معن : لا خوف عليك ، ثم أمر له بمائتي بعير نصفها للرِّهان والنِّصف الآخر له ؛
فانصرف الأعرابيّ داعياً شاكراً .

هل نحن نتراهن على أخلاق الناس الفاضلة كما تراهن هؤلاء على حلم معن ؟؟
هل أنت حليم ؟؟
ولو أنك كنت مكان معن كيف سيكون ردة فعلك ؟؟؟

منقوول للفائده ..