العمانية / عرف الانسان العُماني حرفة صناعة وبيع الحلوى العمانية منذ قرون عديدة، فهي حرفة محلية يمتهنها لكسب الرزق وتحسين دخله المادي، وهي من الأكلات المفضلة للعمانيين والأجانب كذلك، تكون حاضرة في المناسبات الرسمية والاجتماعية لازمت الضيافة والكرم العماني الأصيل في مختلف الأزمنة.

والحلوى العمانية تصنع وتسوق كمطلب رئيسي ومهم في عدد من المناسبات منها: عيد الفطر، وعيد الاضحى وفي مناسبة عقد القران ما يعرف محليا ب (الملكة) وأيضا تقدم كأكلة مع سفرة (فواله) للضيوف، واغلب زوار السلطنة من مختلف دول العالم يقومون بشراء الحلوى العمانية ويعودون بها عند مغادرتهم السلطنة الى اسرهم كحرفة وصناعة تمتاز بها السلطنة عن غيرها من دول العالم.

وللحلوى العمانية فوائد صحية، حيث يرى الكثير من كبار الناس أن تناول الحلوى يعود عليهم بفوائد ومنافع صحية، وإن من يقوم بأعمال بدنية يومية كالمزارعين الذين يذهبون مع ساعات النهار الأولى الى حقولهم وبساتينهم الزراعية لحرث الأرض أو جني وحصاد الثمار تمد أجسامهم بالطاقة وتبث فيهم روح الحيوية والنشاط والقوة، فلا يشعرون مع ممارسة عملهم البدني بأي تعب، كذلك الحال بالنسبة لرعاة الأغنام والإبل والصيادين الذين يشقون بقواربهم عباب البحر منذ ساعات الفجرالاولى في رحلة صيد مضنية مع أمواج واهوال البحر.

وكان النواخذة وبحارة السفن العمانيون في الماضي وعبر سفنهم التي تنقل الناس وتشحن البضائع من موانئ السلطنة البحرية الى أبرز مواني دول العالم كالبصرة بجمهورية العراق، والاحمدي والشويخ في دولة الكويت، ودار السلام وممباسا وزنجبار، والهند وبندر عباس، والمنامة بمملكة البحرين يحتفظون بالحلوى فيما يعرف محليًا ب (التغليفة العمانية) المصنوعة من سعف النخيل او صناديق الالمنيوم المعروفة محليا ب (التنك) لعدة أسابيع او شهور، دون ان تصاب بالتعفن، او تنتهي صلاحيتها وتكون صالحة للأكل.

يقول سيف بن سعيد العامري صاحب محل لصناعة وبيع الحلوى العمانية: إن تاريخ صناعة الحلوى العمانية في السلطنة قديم، حيث كانت صناعتها مزدهرة ومشهورة في عهد الملوك الذين حكموا عمان قديمًا قبل أكثر من 700 سنة وكتبوا عنها مجموعة من القصائد الشعرية.

وأضاف العامري لوكالة الأنباء العمانية إن صناعة الحلوى العمانية شهدت الكثير من التحديث والتطوير أبرزها مراجل صنع وطهو الحلوى التي توقد بنار أشجار السمر العماني واستبدلت الان بالغاز الصناعي ، كما ان محلات صناعة الحلوى الان لا بد لها من الحصول على تصاريح رسمية من عدة جهات حكومية ، والذي يعمل بهذا القطاع الصناعي تلزمه البلدية بإجراء فحص طبي شامل بصفة سنوية ، ومن بين التطوير في صناعة الحلوى العمانية: إضافة خلطات ومكونات مختلفة جديدة اليها لم تكن معروفة سابقا كالزعفران وأنواع عديدة من المكسرات والسكر الأحمر والتين واللبان الظفاري وعسل النحل العماني، حيث إن مكونات الحلوى كانت في السابق عبارة عن النشا والسكر الأبيض والزيت والماء .

وللحلوى العمانية مسميات عدة وكل مسمى أو نوع معين يتكون من مكونات وخلطات مختلفة وبأسعار مختلفة، كالحلوى الخاصة، والسلطانية، والصفراء، والسوداء، والطيبة، وحلوى اللبان الظفاري البكر الخاص بالأكل، وتوضع بعد صناعتها في أوانٍ فخارية او بلاستيكية ومعدنية مصنوعة من مادة (الملامين) وتنقش على الاواني رسوم للحلي التقليدية كالخناجر والسيوف وصور للقلاع والحصون وغيرها من المعالم التاريخية والاثرية التي تشتهر بها السلطنة، والهدف منها شد انتباه وجذب المتسوقين لهذه الأواني الجذابة، وإعجابه بالفكرة الجديدة.

وأشار سيف بن سعيد العامري إلى أن صناعة الحلوى العمانية يتطلب جهداً كبيرًا في صناعتها، كما ان كل واحد من صناع الحلوى يعتبر صناعتها سرًا من اسرار المهنة لا يرغب في أن ينقله الى شخص آخر.

يبدأ صناع الحلوى في السلطنة استعداداتهم لصناعة الحلوى أيام الاعياد على مرحلتين الأولى قبل حلول العيد بشهر وهي خاصة بإحضار كل مكونات صناعة الحلوى وبكميات ضخمة، اما المرحلة الثانية فهي متعلقة بصناعة الحلوى وتبدأ قبل العيد بعشرة أيام، حيت يتم صنع ما بين تسعين الى مائة مرجل في اليوم الواحد بواقع فترتين صباحية ومسائية، لان الزبائن ليس فقط من السلطنة وانما حتى من دول عديدة خارج السلطنة، لكن بالرغم من كثرة الطلب عليها في مثل تلك المناسبات الا ان سعرها بقي ثابتا.

جدير بالذكر أن محل العامري للحلوى يعد من بين أقدم صناع الحلوى بمحافظة مسقط حيث يمتلك 13 محلا للحلوى في عدد من محافظات السلطنة، وتأسس المحل عن طريق سعيد بن سالم العامري في عام 1925م في ولاية السيب، وبعد سنوات من تأسيسه سافر العامري الى مملكة البحرين وأسس مصنعا لصناعة الحلوى العمانية بمدينة المنامة ولاقى نجاحًا ملموسًا وبعدها عاد للسلطنة في بدايات السبعينات وأعاد افتتاح محله القديم.