في المنفى....
.......
(ص84, الكاتب والمنفى , عبدالرحمن منيف)


تأمل كتاب ..المنفى .. في نهاية المطاف أستوعب رسالته .. ورسالة الصديق.. أستوعب سر اهداءه.. في ليلة سافر فيها بعيدا ..كسر صمت تلك الجدران العالية .. أمتزجت ألوان الظلام وخيوط الشمس .. كلمات جمعت سحبا مبعثرة في الروح .. تناثرت معها اوراق الخريف .. وسكبت مزن الحب بردا ... اطفأ ظمأ عطش سنين .. أشرقت شمس.. حملت وهج ساطع .. وهياج امواج عاتية .. اختصرت الالم .. لملم ذلك الكتاب شظايا شوق والم .. تناثر في احشاء الجسد والروح .. بين شتات ومنفى وروح غمرها حب وظلام .. بين قهر الغياب و امل العودة.. سفر خارج الحدود .. رهين قمع احزان جسدية.. حرية مقيدة .. محدودة باشياء قد تكون زائفة .. جلابيب فضفاضه .. جسد ضامر.. تتوارى خلفه ستائر وهمية .. كلمات هلامية .. خيار بلا رحمة .. يتنفس بقايا جسد .. لعبة معقدة .. اطراف غير متكافئة .. بؤر ساخنة .. تموج في مواسم الصبر والحرمان .. ومواسم هجرة الطيور ..ومواعيد الحصاد .. وطول المسافات والزمن .. البناء على انقاض ماضي .. اصبح زائفا .. مجرد عبثا ..دائرة بلا نقطة بداية ونهاية .. غناء يشبه العواء ..رقد في (عالم بلا خرائط) .. لطالما سرق المنفى حروف اسمه .. انهكه (سباق المسافات الطويلة ) .. لم تشفع له محطات الرحلة في بغداد .. في بيروت.. ودمشق .. تحت ظلال برج باريس.. وقوس النصر.. يحتسي قهوته في جادة الشانزليزيه .. قبل الغروب .. تقترب منه فاتنة باريسية.. تبحث عن كلأ وماء .. يتذكر مدن الملح .. يترقب طوفان وامواج .. ورياح عاتية.. تصهر تلك المدن العبثية .. يتصاعد لهيب نار من خيمة ذلك البدوي .. يتناثر عبق قهوته .. تعود المياه الى مجرى وادي العيون .. تقف النخيل .. وانا لا ازال ابحث بين امواج المنفى .. وشاطيء هذا الأمل ..اتامل .. اتالم ..بين قهر الرجال .. ودموع الرجال .. وبريق أشياء صغيرة.. تلعب بروحي وجسدي اصداء الامس .. تكسر صمت الجدران .. لا تزال النار خامدة تحت رماد الصبر .. اعود الى اوراق مذكراتي احيانا .. واحيانا اتامل ذلك الكتاب.. هدية الصديق ..الكاتب والمنفى...
بقلمي/ناصر الضامري