عـَصَفـَتْ ، فـَأوقـِدْ أيـُّها الغـَضـَبُ
عبد الرزاق عبد الواحد

أوقـِـدْ ، وَكـُـلُّ دمائـِنــا حـَطـَـبُ * عـَصَفـَتْ ، فـَأوقـِدْ أيـُّها الغـَضـَبُ

أوقـِـدْ ، وأحـْرِقْ كـُـلَّ شـائـِبـَةٍ * فـيـنـا لـِيـَبـقى الخـالـِصُ الـذّهـَبُ

يـَبـقى الـعـراقـيُّـون .. لا دَنـَسٌ * في أرضِهـِم .. وأرا ذِ لٌ جـُـنـُـبُ

يـَتــَحَـكـَّمونَ بـِهـِم، وَيـَحـكـُمُهـُم * في أرضِهـِم فـُرْسٌ ، وهـُم عـَرَبُ!

أهـلي العـراقـيِّـيـن .. ما طـَلـَعَـتْ * شـَمـْسٌ ، وَلا أغـفى لـَهـا هـُـدُ بُ

إلا وَهــُمْ أ لــَـقٌ بـِـبـُـؤبـُـؤِهـــا * تـَغـفـو عـلـَيـهِ حـيــنَ تـَحـتـَجـِبُ !

هـُم سـُومـَرٌ .. هـُم بـابـِلٌ .. أكــَـدٌ * هـُم هـذِهِ الأمـجـَــادُ والـحـَسـَـبُ

آشـُورُ ، مـُذْ عـَرَبـاتـُهُ انطـَلـَقـَتْ * بـِغـُبـارِهـِنَّ الـشـَّمـسُ تـَنـْـتـَـقـِـبُ

وَهـُمـُو نـُبـُوخـَذْ نـُصَّـرَ الــيـَـدُهُ * بـَنـَت الجـَنـَائـِنَ تـَسْبـَحُ الـشـُّهـُبُ

مِن فـَوقـِهـِنَّ..وَهـُم ، وألـفُ وَهـُم * هـُم غـُرَّةُ الـمـَنـصـورِ تـَنـتـَصِـبُ

بـَغـدادُ .. والـتــاريخُ يـَخـشـَعُ إ ذْ * تـَعـلــُو الـمَـنـائـِرُ فـيـهِ والـقـُبـَبُ!

وَهـُمُ الـرَّشــيـدُ بـِكــُلِّ هـَـيْــبَــتـِـهِ * تـَسـعـَى ، وَلا تـَجـتـازُهُ الـسـُّحـُبُ!

والـسِّـنـدبـادُ .. جـَنــاحُ نـَورَسِــهِ * يـَطوي الـبـِحـار..وَقـِصَّةٌ عـَجـَبُ

في كـُلِّ غـامـِضـَةٍ يـَمـُرُّ بـِهـا * شـُغـِلـَتْ بـِهـا الأقـلامُ والـكـُتـُبُ!

وَهـُمُو هـُمُ الـمـَأمـُونُ .. مَجْـلـِسُـهُ * والـعِـلـمُ ، والـشـُّعـَراءُ ، والأدَبُ

بـَـلْ هـُـم عـَـلـيٌّ .. جـَـلَّ مـَرقــَدُهُ * وَهـُمُ الـحـُسَـيـنُ وَآلــُـهُ الـنـُّجـُـبُ

لـَم تـُطـْـلـِع الأيــَّـامُ مـِثــلـَهـُمـا * شـَمْسَـيـنِ..هـذا ابـنٌ ، وَذاكَ أبُ!

أولاءِ أهـلي ..خـَيـرُ مـَن عـَمـَرُوا * أرضاً، وَأعظـَمُ مـَن بـِهـا وَثـَبُـوا

وَهـُمُ الـحَـيـَـاةُ بـِكــُلِّ بـَهْجَـتـِهــا * وَهـُمُ الـشـَّهادَةُ عـِنـدَمـا تـَجـِبُ

والآنَ .. هـا هـُم ، أيـُّهـا الـعَـرَبُ * ها هُم بـِما اغـتِيلـُوا ، بما سُـلـِبُـوا

وَبـِما أهـِيـنـُوا ، واسـتـُهـِيـنَ بـِهـِم * جاعـُوا أشـَدَّ الجـُوع، واغـتـَرَبـُوا

والأرضُ كـُلُّ الأرضِ تـَرفـُضُهُم * حـتى بـِأقـرَبِ أهْـلـِهـِم نـُكـِـبـُوا!

حـتى الـذيـنَ بـِقـِـدْرِهـِم أكـَـلــُوا * حـتى الـذيـنَ بـِكـأسِـهـِم شَـرِبـُوا

حـتى الــذيـنَ دِمــاءُ أكـرَمـِنـــا * غـَصـَّتْ بـِهـا الـوديـانُ والـتـُّـرَبُ

مِن أجْـلـِهـِم ، صارَتْ مَحارِمُـهُـم * يـُعـدَى عـَلــَيـهـا حـَيْـثـُما ذهـَـبـُوا

لــَولا دِمَـشـقُ .. أُجـِلُّ نـَخـوَتـَهـا * عـَن أنْ يـُلامِـسَ نـُبْـلـَهـا عـَـتـَـبُ

أمّـا الـعـراقُ ، فـَمِـلْءَ أعـيـُـنـِكـُم * هـذي الـدِّمـاءُ ، وَهـذِهِ الـخِـرَبُ!

أبـنــاؤهُ حـَطـَـبٌ لـِـكـُـلِّ يـَـدٍ * جاءَتْ مـِن الـمَجهـولِ تـَحـتـَطِـبُ

لا الطـِّفـلُ يَنجُـو..لا الشـَّبابُ نـَجا * لا الأُمَّهاتُ نـَجَـونَ، لا الـشُّـيـُبُ

والآن .. أوقـِـدْ أيـُّـهـا الـغـَضـَبُ * أوقـِـدْ ، وَكــُلُّ ضُلـوعـِنـا حـَطـَبُ

أوقـِدْ ، فـَلا والـلــَّـهِ مـا شـُعـِبـَتْ * رُوحي كـَمـا هـيْ الآنَ تـَنـشـَعـِبُ!

أوقـِـدْ، فـَدَجـلـَةُ والـفــُراتُ هـُمـا * شـَـرَفُ الـعـراقـيـِّيـنَ يـا غـَضـَبُ

قـَد أصبـَحـا وَشـَلاً، وَحـَولـَهـُمـا * دَمـْعُ الـعــراقـيـَّـاتِ يـَنـسـَرِبُ

أوقـِدْ فـَشـَمسُ الحـَقِّ قـد سَطـَعَتْ * وَعـلـى لـَظــاكَ خـيـُولـُهـا تـَـثـِـبُ

هـذا أوانـُـكَ فـاشـتـَعـِـلْ لـَهـَـبــاً * وازحـَفْ مـَعَ الـثــُّـوَّار يا لــَهـَـبُ!

لـَكَ يا عراقَ المَجـدِ كـُـلُّ دَمي * وَدِمـاءُ أهـلي الآنَ تـَصطـَخِـبُ

يـا مـاليءَ الــدُّنـيـا بـِنـَخـْوَتـِهِ * وَبـِجـُودِهِ.. يـُعـطـي وَيـَحـتـَسِـبُ

كـَي لا يـَـرى أحَــدٌ مُروءَ تــَهُ * وَيـَظـَلُّ عـُريــانــاً بـِمـا يـَهـَـبُ!

سـِتـِّيـنَ قـَرنـاً يـا عـراقُ وَلـَم * تـَتعـَبْ ، وَمَن أعطـَيْـتـَهُم تـَعـِبـُوا

فـي كـُلِّ أرضٍ مـِنـكَ مـُشـْتـَجَـرٌ * وَ دَ مٌ مـَعَ الأهْـلِـيـنَ يـَنـسَـكـِبُ

وَأتـَـتـْـكَ نـارُ الأرضِ أجْـمَعِـهـا * والأهـلُ ..لا نـَـبْـعٌ وَلا غـَـرَبُ

والـيَـومَ يـَومُكَ أنـتَ..لا هَطـَلـَتْ * إلا بـِأرضِـكَ هـذهِ الـسُّـحـُبُ

الـيَـومَ يـَومُـكَ يـا عـراقُ ، فـَـقـُـلْ * لـِشَـبـابـِنـا بـِدِمـاكـُمُ اعـتـَصِـبـُوا

لـِتـَكــُنْ دِمــاؤكـُمُـو دُروعَـكـُمُـو * فـَيـَرى عـِدانـا كـَيـفَ نـَحـتـَرِبُ!

الـيـَومَ يـَومُـكَ أنـتَ يـا غـَـضَبُ * الـيـَومَ مـِنـكَ الـمـَوتُ يـَرتـَعِـبُ

بَـلْ أنتَ مَوتُ الـمَوتِ ، يـَفـزَعُ إذ * طـُوفـانُ غـَيظِـكَ مِـنـهُ يـَقـتـَرِبُ

أنـتَ الـعـراقُ .. فـَأيُّ مـَظـلـَـمَـةٍ * جَعَـلـَتـْكَ سَـبْـعَ سِـنيـنَ تـَنـتـَحِـبُ؟

أنـتَ العراقُ ، وَهـا لـَقـَد زَحَـفـَتْ * فـيـكَ الـدِّمـاءُ الآنَ لا الـخـُطـَبُ

لا الدَّمعُ، لا الشَّكوى بَل انتـَفـَضَتْ * رُوحُ الـشـَّـبـابِ بـِكـُلَّ مـا وُهـِبـُوا

شـَرَفـا، وَعـَزمـا صادقـاً، وَدَمـاً * هـُم بـاسمِهم نـَدَبـُوا، وَهـُم نـُدِبـُوا!

فـَلـْيـَسْـمَعِ الـلـَّـيـلُ الـمُحـيـطُ بـِهـِم * أنَّ الــنـَّـهــارَ أتـَى وَلا هـَـرَبُ