قال “يوسف الكوفي"، وكان قد روى الأشعار والأحاديث: حججتُ ذات سنة، فإذا أنا برجل عند البيت، وهو يقول: اللهم اغفر لي وما أراك تفعل.
فقلت: يا هذا، ما أعجب يأسك من عفو الله.
قال: إن لي ذنباً عظيماً، فقلت: أخبرني، قال: كنت مع يحي بن محمد بالموصل، فأُمِرنا يوم جمعة فاعترضنا المسجد، فنرى أنّا قتلنا ثلاثين ألفًا، ثمَّ نادى مناديه: من علَّقَ سوطه على دارٍ فالدار وما فيها له.
فعلقت سوطي على دار ودخلتها، فإذا فيها رجل وامرأة وابِنان لهما، فقدمتُ الرجل فقتلته، ثم قلت للمرأة: هاتي ما عندك وإلا ألحقت ابنيك به!!
فجاءتني بسبعة دنانير ومتيع، قَالَ: فقلت هاتي ما عندك، فقالت: ما عندي غيرها.
فقدمت أحد ابنيها فقتلته، ثم قلت: هاتي ما عندك وإلا ألحقت الآخر به فلمَّا رأت الجدَّ مني، قالت: أرفُق فإن عندي شيئاً كان أودعنيه أبوهما.
فجائتني بدرعٍ مُذهبةٍ لم أر مثلها فِي حُسنها، فجعلتُ أُقلّبها فإذا عليها مكتوب بالذهب:
إذا جار الأمير وحاجباه
وقاضي الأرض أسرف فِي القضاء،
فويل ثم ويل ثم ويل
لقاضي الأرض من قاضي السماء.
فسقط السَّيفُ من يدي، وارتعدتُ، وخرجت من وجهي إلى حيث ترى.