بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيْمِ
إنهَُّ البُطءُ في اكتسابِ المعرفةِ، أو اكتسابُها بطريقةٍ غيرِ صحيحةٍ . وكُلُّ مجتمع ٍلديه تعريفٌ معينٌ للغباءِ، فهناك من يرى أن التَّعَجُل َفي اتخاذِ القراراتِ هو الغباءُ! ، وهناك من يرى أن َّوضع الأمورَ في غيرِ موضِعها الصحيحُ هو الغباءُ بعينهِ . ويمكن أنْ نحصلَ على خلاصةٍ وهي : أنَّ الغباءَ تعبيرٌ عن عمليةٍ عقليةٍ معينةٍ، ولكن مع اختلافِ تلكَ التعاريفِ فإنها تجتمعُ في عنصرينِ مهمينِ هما: القصورُ في عمليةِ الفهمِ، والفشلُ في تنفيذِ العمل أوْ الاستنتاجاتِ الخاطئةِ .
والواقعُ أنَّ القدراتِ العقليةِ بوجهٍ عامٍ في المجتمعاتِ العربيةِ أوْ ِالمحافظةِ لا تُقدّم أيَّ استثناءات، فهي تضعكِ بين اختيارين
: إمَّا أنَّكَ شيءٌوإمَّا أنَّكَ لا شيءٌ، وإمَّا أنْ تكون متميزًا وتشغلُ مكانةً بين صفوة ِالمجتمع، وإمَّا أن يُدرج اسمكَ في سجل
" ذوي الإمكانات العقليةِ المحدودةِ ". وخشية ًمن أن يقع النَّاسُ في الاختيار السلبي الذي يجلبُ لهم الخجلَ، تكونت لديهم قيمٌ معينةٌ أصبحتْ ْجزءًا من منظومتهم الفكريةِ و صار الغباءُ سمةً للأشخاصِ الذين لايحسنونَ المعرفةَ أو ْالعملَ أو ْالاستنتاج . ومن هنا يمكن الحديث عن الشعور بالخجل من الغباءِفي المجتمعات التي تربط الغباءبعدم معرفةِالشيءِأو العجزِ عن فهمهِ؛ فإذا كان الغباءو العجز عن تنفيذ عملٍ معين، مثل إرسال رسالة إيميل، فإن الشخص العاجز عن ذلك يوصفُ بالغباء لأنَّه لم يعرف معلومةً أو مهارةً،أو حتى لايحسنُ التمييزَ ومع سيادة الخجل في تلك المجتمعات يسودُ ادِّعاءُ الفهمِ وإنكار الجهلِ خشيةَ أن يوصفَ الشخصُ بالغباء، ووسط هذه الثقافة يبرز" الكذبُ والافتراءُ "على أنَّه سلوكٌ احترازي يحاولُ فيه المرءُ وقايةَ نفسه من الوقوع في الغباء، فيدعي مثلا أنَّه يفهم في " كُلِّ " شيءٍ،! ويعرف ُ "كُلَّ " شيءٍ، ! وتجدهُ يتكلمُ عن نفسه أكثر َمن كلامهِ عن الموضوعِ ، ولهذا يمكننا تفسير ظواهر في مجتمعنا مثل:
الجزم القطعي بالمعرفة!، والمجتمع خلق هذا النوعُ من السُّلوكِ الذي يقومُ به بعض أفراده، ثم إن تكراره يولد نوعًا من النَّمطية التي يمكن أن تجد لها أتباعًا يعيدون صياغة "الادعاءات " بأشكال جديدة. ولو تأملنا الأمر لوجدنا أن بعض الناس لايفرقون بين الأمور التي يستطيعون فعلها رغم أنها أمور بإمكانهم تأديتها، وبين تلك التي لا يمكنهم فعلها ؛ فمنذ القدم، كل ما عرفه " نيوتن ، وشكسبير ، وآنشتاين ، وغيرهم . ولم يستطيعوا قوله يمكن أن يملأ العديدَ من المؤلفات. فالعلماء والفنَّانون لا يشعرون بالحرج عندما يعلنون عن سخافاتهم أمامَ الملأِ، على حين أننَّا نتصرَّفُ بغرابة ونشعرُ بالكثيرِ من الأحراج إذا سُئلنا عن إحدى الإعاقات التي لدينا ، أو عن قدراتنا المتواضعة في موضوع ما، فمثلاً، إذا اكتشفت يومًا( ما ) عدم قدرتك على تمييز الحق من الباطل ، كموضوعِ صدامِ بنِ حُسينٍ، فيمكن أن تجعلَ هذا ذريعة لعدم قولكَ الحقَ في المستقبل، وتُلقي باللوم على مناظريكَ، ولكنَّ الحقيقةَ هي أن َّكرهكَ لمناظركَ ، أوعدم مقدرتكِ على الفهمِ أو لجهلكِ بأمورٍ لايستطيعُ عقلكِ تداركها هي سببٌ وراء ذلك. ولأن َّالله وضع" قوانين العدلِ والميزانَ " لنقلبَ فيها البصرَ بتدبرٍ وحكمةٍ ولكنَّ الناس يبدون اهتمامًا للأشياء المحببة إلى قلوبهم وهي الظهورُ بصورةِ البصيرِ في كُلِّ شيءٍ . وليس المقصود هنا بعض المهارات: كالتذوق الأدبي، أوالمرافعات الدفاعية، أوالمكر، والخداع، ولكن المقصود هو القدرات المكتسبة بفعل الظروف، لإكمال المكانة الاجتماعية المرموقة . وليست للعلم والمعرفة !حتى صار عدم القدرة على تطعيم وتلبيس الحقائقِ بمثابة الدونِيَّةِ. ولكن، ماذا لو كان المرء جيدًا في«لا شيء» من المعارف، ولكنه ماهرٌ في الادعاء بامتلاكها فقط؟ ! ولو كان في مجتمع ينظر إلى الشخص من خلال انجازه كانجازات صدام حسين الواهيةِ! لا نكشفَ أمره ُووجد النبَّذ َوربما شعر بَالخجل،ِ ولكنَّهُ حينما يكون في مجتمع تكون السيادة والغلبة فيه للصوت الأعلى،أو لصاحبِ السُّوطِ الأقوى فلن يشعر إلاَّ بالفخر بما يصحُّ أو بمن يثني عليه.
ختاماً : اتفقتْ العربُ على ألاَّ يتفقوا !