أنا ، من أنا يا ترى في الوجود؟
|
وما هو شأني، وما موضعي؟ |
أنا قطرة لمعت في الضحى |
قليلا على ضفّة المشرع |
سيأتي عليها المساء فتغدو |
كأن لم ترقرق ولم تلمع |
أنا نغمة وقّعتها الحياة |
لمن قد يعي ولمن لا يعي |
سيمشي عليها السكوت فتمسي |
كأن لم تمرّ على مسمع |
أنا شيخ راكض مسرع |
مع الزمن الراكض المسرع |
سيرخى عليه الستار ويخفي |
كأن لم يجدّ ولم يهطع |
أنا موجة دفعتها الحياة |
إلى أوسع فإلى أوسع |
ستنحلّ في الشطّ عمّا قليل |
كأن لم تدّفع ولم تدفع |
فيا قلب لا تغترر بالشباب ، |
ويا نفس بالخلد لا تطمعي |
فإنّ الكهولة تمضي كما |
تولّى الشباب ولم يرجع |
ولكنّ فيها جمالا بديعا |
وفيها حنين إلى الأبدع |
ومن لا يرى الحسن في ما يراه |
فما هو بالرجل الألمعي |
بني وطني من أنا في الوجود |
وما هو شأني وما موضعي؟ |
أنا أنتم إن ضحكتم لأمر |
ضحكت ، وأدمعكم أدمعي |
ومطرب أرواحكم مطربي |
وموجع أكبادكم موجعي |
أما نحن من مصدر واحد؟ |
ألسنا جميعا إلى موجع؟ |
رفعتم مقامي وأعليتموه |
لما قد صنعت ولم أصنع |
أحقّ بإكرامكم طائر |
يغرّد في الرّوض والبلقع |
وأولى به كوكب طالع |
على سهّد وعلى هجّع |
أنا واحد منكم ، يا نجوم |
بلادي ، متى تسطعوا أسطع |
فمن قام يمدحني بينكم |
فقد تمدح الكفّ بالإصبع |
وما الغيث غير الخضمّ، وليس |
الغدير سوى السحب الهمّع |
فلولاكم لم أكن بالخطيب |
ولا الشاعر الساحر المبدع |
أنا الآن في سكرة لا أعي |
فيا ليتني دائما لا أعي |
فذي ليلة بجميع الزمان |
إذا كان في الدهر من أجمع |
فيا أيّها الليل باللّه قف ، |
ويا لأيّها الصبح لا تطلع |
إذا كنت قد بنت عن مربعي |
فإنّي وجدت بكم مربعي |
يمينا سأحمل في أضلعي |
هواكم ما بقيت أضلعي |
وأشكركم بلسان النسائم |
والروض والجدول المترع |
فلا عذر للطير إمّا رلأى |
جمال الربيع ولم يسجع |
إذا لم أكن معكم في غد |
فإنّي سأمضي وأنتم معي
|