https://www.gulfupp.com/do.php?img=66508

قائمة المستخدمين المشار إليهم

النتائج 1 إلى 10 من 49

الموضوع: كل يوم قصة من قصص الأنبياء

مشاهدة المواضيع

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #22
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)



    حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون،


    لقد مات فرعون مصر,, غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل.
    ورغم موته،
    فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل.
    من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف
    أن تمر على نفوس الناس مر الكرام.
    لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله.
    هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل.

    كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم،

    أثناء سير موسى بقومه جاءه التكليف الرباني بأن يتجه هو وقومه إلى جبل الطور
    ليتلقي التوراة والتعاليم التي سيتبعونها ,,

    وهنا يستعجل موسى لقاء ربه فيسبق بني إسرائيل ويأمرهم أن يلحقوا به

    وما أن سبق حتى تكاسل بنو إسرائيل
    وتوقفوا عن السير وقرروا أن ينتظروا مكانهم حتى يعود إليهم موسى ..

    انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام،

    وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون وجنده.

    والمهمة الثانية هي السير بهم إلى الديار المقدسة.
    لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى،
    مهمة الخلافة في الأرض بدين الله.

    وكان الاختبار الأول أكبر دليل على ذلك.

    فأثناء سيرهم مروا على قوماً يعبدون صنماً،
    فاهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم،
    وطلبوا من موسى أن يجعل لهم وثنا يعبدوه.

    يقول المولى عز وجل :

    ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا

    يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)

    إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)

    وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141
    )

    فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه.
    من أجل هذه الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه.
    وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى لتهيأتها للموقف الهائل العظيم.
    فاستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام.

    قال الله تعالى :

    «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً

    وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ

    وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)

    وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ

    قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ

    قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي

    فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا

    وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ

    قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)



    كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها أربعين ليلة.

    يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود؛
    وينعزل فيها عن شواغل الأرض؛
    فتصفو روحه وتتقوى عزيمته.

    "فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛

    قال المفسرون: فصامها موسى -عليه السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة،
    فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين".

    كان موسى بصومه -أربعين ليلة- يقترب من ربه أكثر.

    وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر.

    فطلب موسى أن يرى الله.

    ونحن لا نعرف أي مشاعر كانت تجيش في قلب موسى عليه الصلاة والسلام حين سأل ربه الرؤية.
    أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل.

    فما بالك بالحب الإلهي،
    وهو أصل الحب؟ إن عمق إحساس موسى بربه، وحبه لخالقه،
    واندفاعه الذي لم يزل يميز شخصيته. دفعه هذا كله إلى أن يسأل الله الرؤية.

    وجاءه رد الحق عز وجل:

    (( قَالَ لَن تَرَانِي ))

    غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى.
    موقف اندفاع يبرره الحب
    ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى.
    أفهمه أنه لن يراه، لأن لا أحدا من الخلق يصمد لنور الله.
    أمره أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه.

    قال تعالى:
    ((وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا))

    لا يصمد لنور الله أحد. فدكّ الجبل،
    وصار مسوّى في الأرض.

    وسقط موسى مغشيا عليه غائبا عن وعيه.

    فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدرك.
    وتبت إليك عن تجاوزي للمدى في سؤالك!

    وأنا أول المؤمنين بك وبعظمتك.

    ثم تتداركه رحمة ربه من جديد. فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى.
    بشرى الاصطفاء.

    مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص.

    قال تعالى:

    (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)

    إذا إن الله سبحانه وتعالى يحدثنا أنه فضل بعض النبيين على بعض،

    ورفع درجات بعضهم على البعض.

    غير أن هذا التفضيل ينبغي أن يكون منطقة محرمة علينا، ولنقف نحن في موقع الإيمان بجميع الأنبياء لا نتعداه.

    ولنؤد نحوهم فروض الاحترام على حد سواء.

    لا ينبغي أن يخوض الخاطئون في درجات المعصومين المختارين من الله.

    ليس من الأدب أن نفاضل نحن بين الأنبياء. الأولى أن نؤمن بهم جميعا.

    ثم يبين الله تعالى مضمون اللوح الذي كتبه الله له

    (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ)

    ففيها كل شيء يختص بموضوع الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة

    لإصلاح حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد


    ******************************************


    عندما خرج بني إسرائيل من مصر كان معهم ذهب

    هذا الذهب كانوا قد استعاروه من المصريين
    وخرجوا به قبل أن يردوه

    فأمرهم هارون أن يلقوا هذا الذهب
    لأنه ليس من حقهم

    وكان فيهم رجل يدعى السامري،

    كان فيه خبث ونفاق وتظاهر بالإيمان ولكن قلبه لم يكن مؤمنا بالله جل وعلا،

    يقال انه لما رأى الملائكة عندما أغرق فرعون،

    رأى فرس الملائكة فأخذ من أثره على الأرض واحتفظ به،

    فجائهم السامري

    فقال:أين الذهب، كي أخلصكم منه،

    وأخذ الذهب وصنع منه عجل له خوار

    أي يصدر صوتا كلما دخل الهواء من فتحات صنعها له

    وما أن رأى بني إسرائيل العجل حتى انبهروا به

    وقالوا هذا إلهنا

    وبدأوا يعبدون العجل

    فقال لهم هارون:

    اتقو الله، ماذا تفعلون،

    وأخذوا يطوفون حول هذا العجل،

    عابدين إياه من دون الله جل وعلا،

    قال هارون : إن ربكم الرحمن!

    فاتبعوني وأطيعوا أمري،

    فهددوه، وكادوا أن يقتلوه،

    قالوا: اذهب، فإنا لن نبرح وسنظل عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى،





    وحاول هارون منعهم ولكنهم هددوه بالقتل إن لم يتوقف عن نهيهم ,
    فانتظر هارون رجوع موسى


    ثم يقول الله عز وجل :


    (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ

    أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ

    وَكَانُوا ظَالِمِينَ

    وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا

    قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

    وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا

    قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي

    أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ و

    َأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ

    قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ))


    وقد أخبر الله سبحانه وتعالى موسى من قبل ما حل ببني إسرائيل بقوله :

    (( وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى ))

    (( قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ))

    فقال تعالى لموسى :

    ))قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ))

    فغضب موسى غضباً شديداً وجعل يسرع إلى قومه ،

    وكان بيده الألواح، كان فيها هدى ورحمة، لقوم يؤمنون،

    و لما رجع موسى ورأى المشهد وما هو عليه

    اشتد غضبه وفقد السيطرة على نفسه،

    فألقى الألواح وأخذ برأس أخيه ولحيته يجره إليه ،

    "قال موسى وهو غضبان لأخيه هارون :

    يا هارون! ألم أُأَمرك عليهم، ألم أقل لك أن تهديهم،

    فرد عليه هارون كما ورد في الآية بأن اليهود استضعفوه وكادوا يقتلونه؛

    وقال: يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي،

    إنهم هددوني، وكادوا أن يقتلوني،

    وإني خشيت أن تقول قد فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي،
    فلا تشمت بي الأعداء، ثم تركه موسى،

    فذهب موسى واسقط العجل فصهره ، ثم نفره في البحر،


    قال تعالى :

    (( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا
    قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))

    فلما رأو القوم ما حل بالعجل الذي إتخذوه الهاً إستغفرا الله وقالوا لئن لم يرحمنا الله ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين .

    وواجه موسى بعدها السامري،

    فقال: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ

    قال :

    (( قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ))


    فاعترف، فحكم عليه موسى إن لك في الحياة أن لا تمس أحدا ولا يمسك أحد،
    وإن جزاءك عند ربك،

    وانظر إلى الهك الذي عبدت الناس إياه، ماذا حل به

    وكانت عقوبته هي عزلته عن مجتمعه والأمر بقطيعته وهجرانه

    وتلك أشدُّ وقعاً على قلبه من قتله،

    ذلك لأنَّه كما يظهر من سلوكه انَّه كان يطمح في التميُّز والوجاهة بين بني أسرائيل فإذا به يجد نفسه منبوذاً مستحقَراً بينهم.

    من قوله تعالى: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ (8)

    انَّ عزلة السامري كانت شاملة بحيث لا يقربه من أحد، فهو محرومٌ من تمام صور الإقتراب منه والمخالطة له،

    فلا يُؤاكل ولا يُباع ولا يُزوَّج ولا يُكلَّم ولا يأويه من أحد في دارٍ أو ظلال.



    وأما ما فعله موسى مع أخيه هارون فلم يكن عقوبة إذ لم يكن هارون مستحقاً للعقوبة ،

    نعم ما فعله كان إنسياقاً مع الغضب الذي انتابه مما إجترحه بنو أسرائيل لذلك ألقى ألواح التوراة ،

    فكان كلُّ ذلك مخالفاً لما هو الأولى ولم يكن معصية،

    وعذره فيما فعل انَّ الأمر الذي شاهده كان عظيماً شديداً على قلبه ،

    فنفَّس عن ذلك بتلويم أحبِّ الناس إليه وأقربهم إلى قلبه كما يفعل المحبّون

    إذا انتابهم خطب جليل لذلك حين هدأ الغضبُ عن موسى ناجى ربه بقوله



    (( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))


    أما بني إسرائيل فكانت عقوبتهم الموت

    حكم الله عليهم أن يتوبوا إليه ويقتل بعضهم بعضا،

    فأصدر موسى القرار على بني إسرائيل بأن يقتلوا أنفسهم أي أن من لم يعبدوا العجل يقتلوا من عبدوه


    قال تعالى :

    (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ))

    (( إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ))


    هذه صفة توبته تعالى على بني إسرائيل من عبادة العجل ،

    قال الحسن البصري ، رحمه الله ، في قوله تعالى : (

    وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )

    فقال ذلك حين وقع في قلوبهم من شأن عبادتهم العجل ما وقع

    حين قال الله تعالى :
    ((ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا ))



    قال : فذلك حين يقول موسى : ( يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )

    وقال : فتوبوا إلى بارئكم أي إلى خالقكم .

    تنبيه على عظم جرمهم ، أي : فتوبوا إلى الذي خلقكم وقد عبدتم معه غيره .


    وقيل : إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من ولد ووالد فيقتله بالسيف ،

    ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن .

    فتاب أولئك الذين كانوا خفي على موسى وهارون ما اطلع الله من ذنوبهم ،

    فاعترفوا بها ، وفعلوا ما أمروا به فغفر الله تعالى للقاتل والمقتول .


    : فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم


    قال : أمر موسى قومه - من أمر ربه عز وجل - أن يقتلوا أنفسهم

    قال : واحتبى الذين عبدوا العجل فجلسوا ، وقام الذين لم يعكفوا على العجل ،

    فأخذوا الخناجر بأيديهم ، وأصابتهم ظلة شديدة ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ،

    فانجلت الظلة عنهم ، وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل ،

    كل من قتل منهم كانت له توبة ، وكل من بقي كانت له توبة .





    فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم ، فكان من قتل منهم من الفريقين شهيدا ، ومن بقي مكفرا عنه ؛
    فذلك قوله : ( فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم )

    وقيل لما أمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها ، برزوا ومعهم موسى ،
    فاضطربوا بالسيوف ، وتطاعنوا بالخناجر ، وموسى رافع يديه ،
    حتى إذا أفنوا بعضهم ،
    قالوا : يا نبي الله ، ادع الله لنا .
    وأخذوا بعضديه يسندون يديه ، فلم يزل أمرهم على ذلك ،
    حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم ،
    بعضهم عن بعض ، فألقوا السلاح ،
    وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم ،
    فأوحى الله ، جل ثناؤه ، إلى موسى :
    ما يحزنك ؟ أما من قتل منكم فحي عندي يرزقون ، وأما من بقي فقد قبلت توبته .
    فسر بذلك موسى ، وبنو إسرائيل .


    فأخذ يبحث عن الألواح التي رماها، فردها اليه، ففيها هدى للناس.

    يقول الله تعالى :

    (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)

    وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ

    قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ

    أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)

    وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ

    فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)

    الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ

    وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ

    فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)



    لما ذهب الغضب عن موسى أخذ الألواح وقوله تعالى:" في نسختها "

    اختلف المفسرون فيه وكثير منهم يقول المراد أن الألواح تكسرت فأعطاه الله تعالى نسخة أخرى بدلا عن التي تكسرت ،

    وهذا المعنى هو الذي مجده في الكتاب الكقدس عند النصارى، ومنهم من يقول لم تتكسر والمراد الألواح ذاتها.





    ثم يبدأ موسى عليه السلام رحلة جديدة


    اختار موسى من بين بني إسرائيل سبعين رجلاً هؤلاء هم صفوة بني إسرائيل

    فأخذهم موسى وذهب بهم للقاء ربه ليستغفروه وعندما وصلوا وصعدوا على الجبل

    ارتج الجبل من غضب الله فبدأوا يستغفرون الله وبدأوا يستغفروا لقومهم وهم يقولون

    إنا هدنا أي تبنا وعدنا ولذلك سمو بيهودا

    كما ذكر بن مسعود رحمه الله أنهم سموا باليهود لأنهم استغفروا ربهم بقولهم '' إنا هودنا ''

    فاستقر الجبل وبدأ موسى يكلم ربه وإذا بهؤلاء السبعين " الصفوة ''

    تخيلوا هذا حال أفضل من فيهم يقولون لموسى بعد أن رأوا كل هذه المعجزات
    لن نؤمن لك إيمان كامل حتى نرى الله جهرة .

    فغضب الله عليهم وأنزل عليهم الصاعقة فماتوا جميعاً

    ولكن موسى بدأ يتذلل لربه ليحييهم مرة أخرى

    فهؤلاء هم أفضل من في بني إسرائيل فأحياهم الله من جديد

    وعاد موسى ومن معه إلى بني إسرائيل واستكمل بهم المسير وأثناء سيرهم

    نفذ طعامهم وشرابهم

    فأرسل الله عليهم غمامة من السماء تظلهم وأنزل عليهم المن

    وهو سائل كالعسل جميل الطعم والرائحة وأنزل عليهم أيضاً السلوى

    وهي نوع من أنواع الطيور كالسمان لذيذة الطعم

    ثم ضرب لهم موسى الأرض ففجر لهم إثنتي عشرة عينا علي عدد قبائل بني إسرائيل

    لتشرب كل قبيلة من عين وعلى الرغم من أن الله أنزل عليهم أشهى الطعام

    إلا أنه لم يعجبهم وذهبوا لموسى

    ليدعو لهم الله أن ينبت لهم الفول والبصل والثوم والعدس فكان رد موسى عليهم :

    '' اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير '' .

    قال تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

    فلم يشكروا نعم الله بل لم يعترفوا بها؛ إذ كلما جاءتهم نعمة لم يقنعوا بها واحتقروها أو طمعوا في غيرها،

    قال تعالى :

    ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا

    قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ

    وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)

    ثم جاء التكليف الجديد لموسى...

    ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ )

    يعني: أرض بيت المقدس التي كانت مقدسة بمساكنة من مضى من الأنبياء. ثم تلوثت بمساكنة الأعداء من جبابرة الكنعانيين.

    فأراد تطهيرها بإخراجهم وإسكان قومه التي كتب الله لكم

    أي: التي وعدكموها على لسان أبيكم إبراهيم، بأن تكون ميراثا لولده بعد أن جعلها مهاجره

    ولا ترتدوا على أدباركم أي: لا تنكصوا على أعقابكم مدبرين من خوف الجبابرة

    جبنا وهلعا فتنقلبوا خاسرين أي: فترجعوا مغبونين بالعقوبة.

    أرسل الله إلى موسى أن يأخذ بني إسرائيل ويدخل بهم الأرض المقدسة ليحاربوا هؤلاء الجبارين
    الذين يعيشون فيها ويبدأ موسى في تنفيذ تكليف ربه
    وأمر بني إسرائيل أن يتجهوا نحو بيت المقدس ليدخلوه ويحاربوا من فيه
    وهنا يأتي الرد الجاحد

    '' قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ''

    لما طلب موسى عليه الصلاة والسلام من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم،
    وحذرهم من عاقبة الفرار من الزحف بالخسران،
    فما كان منهم إلى أن رجعوا على أعقابهم،
    وامتنعوا عن نصرة الحق،

    فعاقبهم الله بالتيه في الصحراء أربعين سنة، مقابل فسقهم، وسخريتهم،


    قال الله تعالى:

    "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ
    وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ،

    قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ،

    قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ،

    قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ،

    قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ،

    قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ " .

    قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ الله تعالى، مشجعين لقومهم، منهضين لهم على قتال عدوهم واحتلال بلادهم.

    أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا
    بالتوفيق، وكلمة الحق

    في هذا الموطن المحتاج إلى مثل كلامهم، وأنعم عليهم بالصبر واليقين.

    ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ}

    أي: ليس بينكم وبين نصركم عليهم إلا أن تجزموا عليهم،

    وتدخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه عليهم فإنهم سينهزمون،

    ثم أمَرَاهم بعدة هي أقوى العدد، وهي التوكل على الله

    فقالا: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ}

    فإن في التوكل على الله -وخصوصا في هذا الموطن- تيسيرا للأمر، ونصرا على الأعداء.

    ودل هذا على وجوب التوكل، وعلى أنه بحسب إيمان العبد يكون توكله، فلم ينجع فيهم هذا الكلام، ولا نفع فيهم الملام،



    ( قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )[13]،

    أي: إن من عقوبتهم أن يتيهون في واد سيناء
    وأن حرم الله عليهم دخول هذه الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم، مدة أربعين سنة، وبتلك المدة يتيهون في الأرض،
    لا يهتدون إلى طريق ولا يبقون مطمئنين، فكانوا كلما سلكوا طريق عادوا إلى المكان
    الذي كانوا فيه ظلوا على ذلك أربعين سنة وهذه عقوبة دنيوية.

    بقي موسى عليه السلام في فترة التيه يدعو ويأمر قومه بالمعروف وينهاهم عن المنكر،
    وحصلت عدة معجزات منها قصة البقرة،


    ما الذي حدث أثناء التيه وما قصة الرجل الصالح ؟!



    هذا ما سنعرفه في القصة التالية

    تابعو معنا

    ****
    ***
    **
    *
    *

    الصور المرفقة الصور المرفقة
    • نوع الملف: jpg 267.jpg‏ (96.6 كيلوبايت, 13 مشاهدات)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م