كانت هيَ المرةُ الأولى التي أراكَ بِها في واقعي و ليسَ في خيالي ..
كانت هيَ المرةُ الأولى التي تُلامسُ فيها يدي ..
لِيستفيقَ أمواتُ قلبي .. السعادةُ و الأمل ..
كانت المرةُ الأولى التي همسَ بِها صوتُكَ في أُذني و ليسَ عبرَ سماعة هاتفي ..
و المرةُ الأولى التي واجهَ بِها الأمل .. شبحُ الأسى ..
لم تكُن لوحةً مِن نسجِ خيالي .. و لكنها لوحةٌ مِن نسجِ أحلامي ..
الأحلامُ التي نُصدقُ خِلالها ما يقع ، و كأننا في أمرٍ واقع ..
فَننصدم حينما نستفيقُ مِن نومٍ ثقيل .. لِتتطاير الصورةُ مِن أذهاننا
دونَ أن نُفلحَ في اصطيادِ جُزءاً مِنها .. سِوى جُرعاتُ الأسى ..
ذلكَ حصيلةُ بعضُ أحلامِنا .. !


عبرَ أوراقي أعبرُ حدودَ الحنينِ إلى وطنك ..
و بِقلمي أتسلقُ طوابقَ الأسى لِأصِلَ إليك ..
و بِأحرُفيَ اللاهثة أُرسلُ لكَ نبضاتُ قلبيَ التي لم يشُدُها الحنينُ
يوماً إلا إليك ..
أتحدثُ إليكَ بِلُغةِ الكِتابة ، فَهل عساكَ تُصغي إليَ ؟!
و تُنهي قيودَ الغياب .. لِتأتي و تُشاهِد قلبيَ المُتكأ على جُدرانِ وطنك ..
هل عساكَ تأتي و تُحول بُستانَ حياتي مِن خريفٍ أسقطَ أوراقَ حياتي
إلى ربيعٍ مُثمِر .. و تطبع قُبلةَ حنينٍ على زهرةٍ أصابها الذبولُ
خِلالَ خريفَ غيابك ..
تعالَ لِأسرِدَ لكَ روايةَ حُبي لك .. و تشهدُ عيناكَ بِأنكَ النجمُ
الذي أتغزلُ بِهِ في كِتاباتي .. و بِأنكَ أنتَ مَن أغرقَ قلبي في بحارِ الشوق ..
لِتشُدُني أمواجُ حُبُكَ إلى البعيد ، و تُلقي بِجسدي على شاطئِ جزيرةٍ
مُكتظةٍ بِأخيلتكَ التي تراودُني كُل لحظة .. مُكتظةٍ بِأهازيجِ الغياب و البُعد ..
فَتتفاعل تِلكَ الألحان مع ذاكرتيَ التي لا تستكينُ بِها الذكريات .. و لا الوجع ..
لِأُصبحَ عِرضةً لِأي فيروساتٍ مُتطايرة .. لِتزيدني وجعاً فوقَ وجعي .. !


دائماً ما كانَ النومُ هوَ حليَ الأوحد لِلهروبِ مِنَ الأوجاعِ التي تكتنفُ بِذاكرتي
و قلبي ، عِندما أُحلِقُ في سماءِ وطنِكَ بحثاً عنك ..
بينما أخيلتُكَ ترصدُني و ترقِبُ تحرُكاتي ، لأِسقُطَ أرضاً و تنكسرُ أجنحتي
لِتتبعثر كَحباتِ الرمادِ على الطُرقات .. فَتُكبلُني تِلكَ الأخيلة و تترُكني
بينَ أربعةِ جُدرانٍ محبوسة .. مُكبوتةُ الأنفاس على وشكِ أن تُخلعَ روحي ..
فَأبقى جثةً هامدة تأكُلها تِلكَ الظُلمةُ الحالِكة المُكتظة بِالمكان ..
لِأكونَ مُجردَ طيفٍ عابر تسللَ إلى الحياة ..
و اِسمٌ ذُكرَ في صفحةٍ مِن روايةٍ منسية ..
الروايةُ التي ملئنا أسطُرها أنا و أنتَ معاً في أيامٍ غابرة تحتلُها أجواءٌ ربيعية
و تحتَ تسلُط ضوء القمرِ علينا .. عِندما كُنا نُدمنُ الشُربَ مِن كؤوسِ العِشق ..
و لكِنها حتى الآن ظلت بِلا خاتمة .. على رفوفِ النسيان امتلئت بِغُبارِ الأسى ..
فَلم يكُن بيني و بينَ البُعدِ سوابقَ عُهودٍ تركتُ عليها بصمتي ..
و لكنَ نارهُ أشعلتْ كُل شيء .. حتى قلبيَ الذي باتَ مُقيداً في مأتمِ الحُب .. !







قبلَ عام .. على نفسِ الطاولة التي أكتبُ عليها خاطرتي الحالية ..
كانت رسائلُكَ مُنتثرةً هُنا و هُناكَ ، محشوةٌ بِأشعاركَ الغزلية لي ..
و في نفسِ اليومِ مِن ذاكَ العام .. ها هيَ أنا أشقُ طريقي عبرَ أوراقيَ إلى وطنكَ
الذي جُننتُ حنيناً إليه .. ها هيَ أنا أستعيدُ شريطَ ذاكرتي معك ..
و أُغرِقُ قلبي في عُمقِ بحرِ الشوق .. لِتُصيبني ألفَ غصةٍ و غصة ..
فَقبلَ رحيلكَ و انضمامكَ إلى عالمِ الغياب ، لم تترُك لي أيةَ رِسالةٍ
أتفحصُ كلِماتها كُلما غلبني الشوقُ إليك ..
رحلتَ فجأة .. و قتلتني فجأة .. و كأنني لم أكُن يوماً في حياتك ..
ألستُ زهرتَكَ التي كُنت تدعي بِأنها أجملُ مِن كُلِ زهورِ العالم !!
أم أنكَ رتبتَ أولوياتكَ مِن دوني ، فَرميتني خلفَ ظهركَ .. و مضيتَ ..
دونَ أن تترُكَ أثراً لِجريمتك !!
فَأصبحَ غيابُكَ لٌغزٌ عجِزتُ عن تفكيكه .. و لكنني وهبتُكَ عُذراً فوقَ عُذر ..
و اسميتُكَ " عُمري " فوقَ كُلِ ما حصل ..
عُمريَ الذي باتَ يخبو نورهُ لِيميلَ إلى الغروب .. !






أحِنُ إلى الاحتماءِ في وطنك ..
وطنكَ الذي أجدُني فيهِ مُجردةٌ مِنَ كُلِ الأحزانِ و الهموم ..
تستقبلُني أنتَ على بابهِ و تشُدُني مِن يدي إلى حُضنكَ الذي أتوقُ إليهِ
كُلَ يومٍ .. و كُل هنيهة .. حُضنكَ الذي يقيني بردَ شِتاءِ الأسى العاصِف ..
أحِنُ إلى الاحتماءِ في وطنك .. كَجُزيئاتِ زهرةِ الهندباء
التي تبحثُ عن مكانٍ لِتحِطَ عليه ..
أحِنُ إلى الاحتماءِ في وطنك .. كي أشعُرَ بِأنني على قيدِ الحياة ..
و تنتهي كوابيسُ الأسى التي تُلاحقُني و أنتَ بعيداً عني ..


( ذِكرياتنا المُعلقة بينَ حدودِ البُعد ..
آماليَ التي رسمتُها و انا معك ..
و غُرفةُ مُحادثةٍ أصبحتْ مهجورة
نبتتْ بِها شِباكَ الشوق
فَاصطادتني تِلكَ الشِباك
لِأبقى ضحية الانتظار ..
ضحية الألم .. و الحنينُ الصامت ..
)
ذلكَ ما حاولتُ أن أضعهُ خاتمةً لِروايتنا المنسية ..
كتبتُها على قطعةِ ورقٍ و أنا أعودُ لِنفسِ المكانِ الذي
تآلفت بِهِ أرواحنا و امتزجتْ بِهِ أحاسيسنا ..



زهرة الأحلام
19/7/2016


مُلاحظة : ليسَ كُل ما أكتُب عنهُ .. يُمثلُني فِعلاً !