هنا ....


هنا ... كانت تجلس أمام الحديقة
تحرك الكرسي الهزاز الخشبي
شاردة الذهن .. تتخيل مظهر الغروب والقهر يخنقها بغصة
تستمع إلى أغاني قديمة لم تكن تحبها، ولكن تجبر نفسها
......
في الداخل هناك الأسرة تحضر العشاء وفي وجوههم الفرحة والبهجة
التعاون بين الأفراد في هذه المرحلة لم يسبق أن حدث
الفتيات كالعصافير التي تغرد وتنتقل من ركن لأخر بين أرجاء المنزل
والأمهات يشرفنا على الترتيب الدقيق سواء للبيت أم الطعام
......
الرجال قادمون في جماعات ومعهم من طال الزمن على غيابه
شاب في الخمسين من العمر قد أخذ الشيب من شعره والتجاعيد تملئ وجهه
تقدم من بعيد وعينه تملئ وجه بالدموع، كان يتقدم مسرعاً بخطوات مألوفة
لم يكن يدري لم قلبه ينبض بحياة وقوة كما لم يحس في حياة الغربة بعيدا عن .....
هل ترك قلبه هنا أم أنه لم يكن يعش في ذاك المكان الا بجسد والروح هنا في بيت تغيرت ملامحه الأن
.........
قد فارق الحياة أبيه منذ سنوات طويلة وهو لم يحضر جنازته وتكفينه
الأشجار التي كان زرعها قد كبرت وتم قطعها وأستخدمة للتدفئة في أيام الشتاء
والنهر الذي يمر بجانب البيت يسبح ويلعب مع أصدقائه فيه لااا وجود له الأن
تغير كل شي ... ربع قرن من الغربة وأكثر
.......
يقترب ويقترب من العجوز في الكرسي الخشبي.. وهو مشدود
كل ما حصل هنا والتغير طوال فترة غيابه كتب على مر السنوات
الخوف والقلق ظهرا رغما عنه... ثقلت خطواته و يتنفس بصعوبة وحرارة جسمه تزداد
هل هي الفرحة أم الشعور بالذنب ....
.......
حينها .. عند لقائه بها
حضنها بقوة وعينية تسيل من الدموع
يطلب المغفرة والسماح على غيابه وعدم سوأله
لم يصدق ... كانت باردة الجسد
لاا تتحرك ولااا تنطق .. هامدة بلا حراك
أدرك ... أنها ذهبت عنه ولم يكن مقدر لقائهما
العز وما صنعه من مكانة وهيبة في بلاد العجائب لم يشفع له أمامها
.......
هنا تصريح الأخت التي كانت مقربة من والدتها
ذهب أخي ولم يعد
وعندما عاد ...... كانت الساعة لذهاب روح أمي لبارئها
بدون لقائه وغفرانه لغيابه وتقصيره




Musk_Al-Hub