دخل فصل الشتاء ببرده القارس علينا ,وتخلل البرد إلى العظام,

وانبعثت روائح الشاي والقهوة الزكية لتدفي الجو قليلا ,

وجلست مع أسرتي ليضفي علينا دفئا يتخلل إلى القلب أولا ثم إلى الجسد.

وسط الحديث ودفأ الأسرة والمدفأة ألقيت بأنظاري إلى النافذة ,

الشوارع خالية بالكاد أرى المارة كيف لا يكون ذلك فالبرد شديد في الخارج ..


مرت دقائق وأنا على هذا الحال وإذا بي ألمح طيف رجلاً ,تمعنت بالنظر أكثر وإذا هوعامل نظافة يجوب في الحواري ليلتقط أوراقا وهو يرتجف من البرد..

رأفت لحاله كثيرا ولا أدري لماذا تذكرت قصة بائعة الكبريت !

الطفلة اليتيمة التي ليس لها مأوى يؤويها تبيع أعواد الكبريت في وسط الثلوج ..

تسكرت أبواب البيوت والكل ذهب ليتدفى ماعداها ,

ظلت المسكينة تنادي كبريت كبريت ,من يريد الشراء؟

عندما لم تجد أحدا يسمعها جلست لوحدها واشعلت عودا من الثقاب فأحست بالدفئ يجري في أوصالها ,بعدها انطفأ فاشعلت عودا آخر تلو الآخر.. إلى أن أفرغت كل الكراتين التي معها.
ظلت تتناثر كرات الثلج في الأجواء إلى أن قضى عليها فماتت.

أفقت من سرحاني عندما رأيت العامل يضم يديه إليه من شدة البرودة أشفقت لحاله كثيرا وذهبت خارجا إليه ,وبيدي سترة صوفية ليتدفئ بها,
فشكرني بابتسامة ملئ شدقيه وتمتم بكلمات لم أفهمها لعه يشكرني بها..