أفتخر عمانيه
30-10-2016, 11:13 AM
أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
كثيراً ما نسمع المقولة المتداولة في مجتمعنا وكافة المجتمعات العربية والإسلامية وهي ” إن الصلح سيد الأحكام”، وحقاً أصاب من قالها فالصلح لا يكون إلا بالرضا، ومتى ما تحقق الرضا كانت النفس في سلام، ومتى ما انتشر السلام عمت الطمأنينة والأمان. ومنذ الوهلة الأولى لبزوغ فجر النهضة المباركة سعى عاهل البلاد المفدى – حفظه الله ورعاه وأمده بالصحة والعافية والعمر المديد – إلى ترسيخ أركان الأمن والأمان، وإقامة العدل والإنصاف بين أبناء المجتمع.
وعندما كثر زخم القضايا، ومع تطور الحياة المدنية ومواكبةً للتمدين والتحضر الذي طال كافة أصقاع الأرض، كانت الحاجة إلى التقنين ووضع تنظيم خاص ينظم آلية التصالح والتوافق، فصدر المرسوم السلطاني رقم (98/2005) بإصدار قانون التوفيق والمصالحة، الذي حدد اختصاص لجنة التوفيق والمصالحة التي سنتحدث عنها في زاويتنا القانونية لهذا الأسبوع عبر “أثير”.
وقد ترك القانون الاختيار للجوء إلى هذه اللجان، فاللجوء إليها ليس إلزامياً فهي لا تمنع القضاء عن نظر الدعاوى، وهي سبيل لتثبيت الصلح بين أطرافه ووضعه موضع التنفيذ، فقرر القانون في مادته رقم (3) على ما نصه: ( تنشأ بقرار من وزير العدل لجان للتوفيق والمصالحة – حسب الحاجة – تتبع الوزارة، ويكون اللجوء إلى هذه اللجان اختياريا لذوي الشأن، ويحدد القرار مقر كل لجنة، ونطاق اختصاصها، ومواعيد انعقادها دون التقيد بمواعيد العمل الرسمية)، ومع ذلك فإن اختصاص لجان التوفيق والمصلحة ليس شاملاً لكافة أنواع المنازعات التي تتم بين أوساط المجتمع، وإنما جاء على الأغلب العام من منازعات الأفراد، وخرجت المنازعات المتعلقة بالقانون العام من نطاق اختصاص لجان التوفيق والمصالحة، وذلك بموجب نص المادة (4) من قانون التوفيق والمصالحة، فقد نصت المادة على أن: ( تختص اللجان بتسوية أي نزاع – قبل إقامة دعوى بشأنه إلى القضاء – بطريق الصلح بين أطرافه سواء كان موضوع النزاع مدنيا أو تجاريا أو متعلقا بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية).
ولو رجعنا بالذاكرة إلى تاريخ عمان الضارب في جذور التاريخ، وتتبعنا سيرة قضاة عمان السابقين، وكيف كان يتم الفصل في المنازعات التي تجري بين أفراد المجتمع، نجد أن المحكمة كانت تتم في البرزة وهي عبارة عن مجلس يُقام في القلعة يضم فيها الوالي والقاضي والوجهاء والأعيان، والعسكر، فكان المتنازعان يأتيان إلى البرزة ويعرضان منازعتهما، فقبل أن يفصل فيها القاضي، كان يأخذهما من حضر المجلس إلى خارجه أو زاوية أخرى غير مكان القاضي، ويعرضون الصلح عليهما، ويحاولون تسوية المنازعة بينهما ودياً دون أن يكون بينهما حكم قضائي فتنتهي المنازعة بطيب النفوس ورضائها، وقانون التوفيق والمصالحة ما هو إلا تأصيل لهذا الإرث الذي تناقله أبناء عمان منذ زمن الأجداد وحتى الآن، والقانون جاء ليواكب المدنية والتطور الذي تم في كافة أنحاء العالم.
والمتتبع لأعمال لجان التوفيق والمصالحة يجد أنها أسهمت بشكل كبير في حل الكثير من النزاعات وخففت العبء على المحاكم بشكل كبير وخير شاهد على ذلك الأرقام والأعداد التي نشرت عن عمل هذه اللجان، فعلى سبيل المثال، في عام 2015م كان عدد طلبات الصلح المعروضة على مختلف لجان التوفيق والمصالحة في السلطنة (18773)، ومجموع ما تم حسمه من هذه الطلبات وصل إلى (18015) طلبا، وذلك بنسبة نجاح بلغت (88%) وهذه النسبة هي للطلبات التي حضر فيها الأطراف وتم الصلح فيها، وأما نسبة ما لم يتم التصالح فيه فهي نسبة ضئيلة بالمقارنة مع ما تم فيه الصلح والتي بلغت (5%)، وقد بلغت طلبات المصالحة في ذات العام والمتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية (2674) طلبا، أما الطلبات التجارية فقد بلغت (7444) طلبا، وطلبات الصلح المدنية وصلت إلى ا (7929) طلبا، وهذه الأرقام لو أنها لم تدخل إلى لجان التوفيق والمصالحة وطرق أصحابها أبواب المحاكم لازدحمت هذه الأخيرة ومُلئت أروقتها بالدعاوى.
وجدير بالبيان في ختام هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” بأن اللجوء إلى لجان التوفيق والمصالحة لا يتطلب دفع أي رسوم ولا يلزم وجود محامٍ فيه، وعلى طالب المصالحة أن يتوجه إلى مقر اللجنة ، ويتقدم بالطلب فيثبت في السجل الخاص بذلك ويعلن الأطراف بموعد جلسة التسوية، فمتى ما تمت التسوية يفرغ الصلح بين طرفيه في محضر يكون له قوة السند التنفيذي ويجوز تنفيذه جبراً بعد أن يوقع عليه كافة أطراف الصلح ويعتمد من قبل اللجنة، فيمنح المحضر الصيغة التنفيذية وينفذ جبراَ، وذلك بموجب نص المادة (15) من قانون التوفيق والمصالحة، التي نصت بـ: ( إذا أجريت التسوية وتم الصلح أعدت اللجنة محضراً يتضمن تاريخ وتفاصيل الصلح يوقع عليه جميع أطرافه، ويعتبر المحضر بعد توقيعه من رئيس اللجنة ومن حضر جلسة الصلح من الأعضاء سندا تنفيذيا يجري تنفيذه بالطريقة التي تنفذ بها الأحكام القضائية النهائية، وعلى أمين سر اللجنة أن يسلم صورة رسمية من محضر الصلح لكل من أطرافه، وأن يحفظ النسخة الأصلية بملف الطلب. وفي حالة عدم تنفيذ ما تضمنه محضر الصلح اختياراً، يجري تنفيذه جبراً وفقاً لأحكام قانون الإجراءات المدنية والتجارية، وذلك بعد الحصول على صورة من المحضر تختم بخاتم اللجنة وتوقع من أمين السر بعد أن يذيلها بالصيغة التنفيذية).
كثيراً ما نسمع المقولة المتداولة في مجتمعنا وكافة المجتمعات العربية والإسلامية وهي ” إن الصلح سيد الأحكام”، وحقاً أصاب من قالها فالصلح لا يكون إلا بالرضا، ومتى ما تحقق الرضا كانت النفس في سلام، ومتى ما انتشر السلام عمت الطمأنينة والأمان. ومنذ الوهلة الأولى لبزوغ فجر النهضة المباركة سعى عاهل البلاد المفدى – حفظه الله ورعاه وأمده بالصحة والعافية والعمر المديد – إلى ترسيخ أركان الأمن والأمان، وإقامة العدل والإنصاف بين أبناء المجتمع.
وعندما كثر زخم القضايا، ومع تطور الحياة المدنية ومواكبةً للتمدين والتحضر الذي طال كافة أصقاع الأرض، كانت الحاجة إلى التقنين ووضع تنظيم خاص ينظم آلية التصالح والتوافق، فصدر المرسوم السلطاني رقم (98/2005) بإصدار قانون التوفيق والمصالحة، الذي حدد اختصاص لجنة التوفيق والمصالحة التي سنتحدث عنها في زاويتنا القانونية لهذا الأسبوع عبر “أثير”.
وقد ترك القانون الاختيار للجوء إلى هذه اللجان، فاللجوء إليها ليس إلزامياً فهي لا تمنع القضاء عن نظر الدعاوى، وهي سبيل لتثبيت الصلح بين أطرافه ووضعه موضع التنفيذ، فقرر القانون في مادته رقم (3) على ما نصه: ( تنشأ بقرار من وزير العدل لجان للتوفيق والمصالحة – حسب الحاجة – تتبع الوزارة، ويكون اللجوء إلى هذه اللجان اختياريا لذوي الشأن، ويحدد القرار مقر كل لجنة، ونطاق اختصاصها، ومواعيد انعقادها دون التقيد بمواعيد العمل الرسمية)، ومع ذلك فإن اختصاص لجان التوفيق والمصلحة ليس شاملاً لكافة أنواع المنازعات التي تتم بين أوساط المجتمع، وإنما جاء على الأغلب العام من منازعات الأفراد، وخرجت المنازعات المتعلقة بالقانون العام من نطاق اختصاص لجان التوفيق والمصالحة، وذلك بموجب نص المادة (4) من قانون التوفيق والمصالحة، فقد نصت المادة على أن: ( تختص اللجان بتسوية أي نزاع – قبل إقامة دعوى بشأنه إلى القضاء – بطريق الصلح بين أطرافه سواء كان موضوع النزاع مدنيا أو تجاريا أو متعلقا بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية).
ولو رجعنا بالذاكرة إلى تاريخ عمان الضارب في جذور التاريخ، وتتبعنا سيرة قضاة عمان السابقين، وكيف كان يتم الفصل في المنازعات التي تجري بين أفراد المجتمع، نجد أن المحكمة كانت تتم في البرزة وهي عبارة عن مجلس يُقام في القلعة يضم فيها الوالي والقاضي والوجهاء والأعيان، والعسكر، فكان المتنازعان يأتيان إلى البرزة ويعرضان منازعتهما، فقبل أن يفصل فيها القاضي، كان يأخذهما من حضر المجلس إلى خارجه أو زاوية أخرى غير مكان القاضي، ويعرضون الصلح عليهما، ويحاولون تسوية المنازعة بينهما ودياً دون أن يكون بينهما حكم قضائي فتنتهي المنازعة بطيب النفوس ورضائها، وقانون التوفيق والمصالحة ما هو إلا تأصيل لهذا الإرث الذي تناقله أبناء عمان منذ زمن الأجداد وحتى الآن، والقانون جاء ليواكب المدنية والتطور الذي تم في كافة أنحاء العالم.
والمتتبع لأعمال لجان التوفيق والمصالحة يجد أنها أسهمت بشكل كبير في حل الكثير من النزاعات وخففت العبء على المحاكم بشكل كبير وخير شاهد على ذلك الأرقام والأعداد التي نشرت عن عمل هذه اللجان، فعلى سبيل المثال، في عام 2015م كان عدد طلبات الصلح المعروضة على مختلف لجان التوفيق والمصالحة في السلطنة (18773)، ومجموع ما تم حسمه من هذه الطلبات وصل إلى (18015) طلبا، وذلك بنسبة نجاح بلغت (88%) وهذه النسبة هي للطلبات التي حضر فيها الأطراف وتم الصلح فيها، وأما نسبة ما لم يتم التصالح فيه فهي نسبة ضئيلة بالمقارنة مع ما تم فيه الصلح والتي بلغت (5%)، وقد بلغت طلبات المصالحة في ذات العام والمتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية (2674) طلبا، أما الطلبات التجارية فقد بلغت (7444) طلبا، وطلبات الصلح المدنية وصلت إلى ا (7929) طلبا، وهذه الأرقام لو أنها لم تدخل إلى لجان التوفيق والمصالحة وطرق أصحابها أبواب المحاكم لازدحمت هذه الأخيرة ومُلئت أروقتها بالدعاوى.
وجدير بالبيان في ختام هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” بأن اللجوء إلى لجان التوفيق والمصالحة لا يتطلب دفع أي رسوم ولا يلزم وجود محامٍ فيه، وعلى طالب المصالحة أن يتوجه إلى مقر اللجنة ، ويتقدم بالطلب فيثبت في السجل الخاص بذلك ويعلن الأطراف بموعد جلسة التسوية، فمتى ما تمت التسوية يفرغ الصلح بين طرفيه في محضر يكون له قوة السند التنفيذي ويجوز تنفيذه جبراً بعد أن يوقع عليه كافة أطراف الصلح ويعتمد من قبل اللجنة، فيمنح المحضر الصيغة التنفيذية وينفذ جبراَ، وذلك بموجب نص المادة (15) من قانون التوفيق والمصالحة، التي نصت بـ: ( إذا أجريت التسوية وتم الصلح أعدت اللجنة محضراً يتضمن تاريخ وتفاصيل الصلح يوقع عليه جميع أطرافه، ويعتبر المحضر بعد توقيعه من رئيس اللجنة ومن حضر جلسة الصلح من الأعضاء سندا تنفيذيا يجري تنفيذه بالطريقة التي تنفذ بها الأحكام القضائية النهائية، وعلى أمين سر اللجنة أن يسلم صورة رسمية من محضر الصلح لكل من أطرافه، وأن يحفظ النسخة الأصلية بملف الطلب. وفي حالة عدم تنفيذ ما تضمنه محضر الصلح اختياراً، يجري تنفيذه جبراً وفقاً لأحكام قانون الإجراءات المدنية والتجارية، وذلك بعد الحصول على صورة من المحضر تختم بخاتم اللجنة وتوقع من أمين السر بعد أن يذيلها بالصيغة التنفيذية).