نوارة الكون
21-07-2016, 10:25 AM
أشوفك بين دعوات الرضا واستشعرك بـ آمين
ألقيت نظرة أخيرة على نفسي في المرآة وانا اتمتم:
هذا ثالث عرس أحضره خلال شهرين بس, نعيمة بنت عمتي تزوجت من شهر وهند بنت خالي اللي أصغر مني بعشر سنين بعد تزوجت واليوم عرس لطيفة هاييج الصغيرة المغرورة.
يمكن انا مب جميلة هاك الجمال الباهر ولا رشيقة وممكن البنات يحلمن برشاقتي,لكني بعد مب شينة ابدا, ويهي ملامحه مميزة وطفولية حتى بالرغم من اني وصلت الثلاثين سنة بس محد يصدق اني بهالعمر, حياتي غريبة جدا وفيها أشياء مسلية بالنسبة لي.
وصلنا لقاعة الزفاف حيث جموع النساء ممن يرتدين الفساتين الملونة والمملوءة بكل تفاصيل الزخرفة, تقدمت مع أمي لطاولة قريبة من الكوشة وحين جلست اقتربت مني نعيمة التي تزوجت الشهر الماضي: شحالج شمة؟
تمام الحمدلله انتي شحالج؟
نعيمة وهي تحرك خاتم الزواج في اصبعها: بخير الحمدلله, ها ما انخطبتي؟
مللت من هذا السؤال المتكرر ولا اعرف لماذا زواجي هو شغلهم الشاغل وكأني الوحيدة التي لم تتزوج في العائلة!
أجبتها بامتعاض: ما أفكر في هالموضوع أصلا.
حين أجبتها راودتني فكرة غريبة: بما انها معرسة فعندي الفرصة ايلس اطفربها بسؤالي عن الحمل عسب أجوف شو بيكون احساسها وهالسؤال يتكرر عليها بدون داعي.
دخلت العروس على صوت النغمات الهادئة والاستحياء الذي يلازم كل عروس ليلة زفافها, كـ عادتي بدات تخيل نفسي مكانها وأمشي هذه المشية الغريبة !
ساعة من المجاملات والسلام على العروس دخل العريس واضعا البشت على يديه ووالده في الجهة الأخرى كان منطلقا كالبرق حيث تقف عروسه بانتظاره قبلها على جبينها ثم وقف الى جانبها مع والده ووالدها ليلتقطوا لهم صورا.
انتهى الزفاف على خير, كنت أعبر الممر مع أمي للخروج من القاعة وسمعت حديثا قريبا مني: هاي شمة بنت عبدالله؟
هيه.
عرست ولا بعدها؟
لا بعدها, سمعت انه كل ما حد يخطبها ترفضه لين ما طافها قطار الزواج.
كنت على وشك الانفجار فيهن إلا أنني تمالكت نفسي وخرجت من القاعة وأنا أزفر وجعي وغصتي من تلك الأحاديث المملة, وأتمتم: حسبي الله عالعدو, شو يبوني عرست ولا عنست, أنا ما اشتكيت حق حد وقلت زوجوني!
أمي تحدثني في السيارة: عقبالج يا بنتي عسى الله يرزقج بالزوج الصالح عاجل غير آجل.
نظرت إليها بحسرة ثم أشحت بوجهي والأفكار تدور برأسي, بين هذا آخر عرس أحضره وبين أمنية أمي بإني أتزوج وأتستر: لو ما تطرين سالفة العرس يا امي أنا برتاح صدق.
وصلنا للمنزل أخيرا, وقفت في غرفتي أتفحص وجهي كـ عادتي بعد العودة من كل زفاف, لا أعرف سببا لهذا لكنني أحب التمتع بملامحي وأنا أضع الماكياج.
وضعت رأسي على الوسادة وأنا أتذكر كل تفاصيل الزفاف, حتى تلك الأحاديث المزعجة عن زواجي ورفضي لكل من يتقدم لي, الغريب في الامر انهم لا يعرفون شيء عن كل من تقدموا فلم ارفضهم بدون سبب
فـ عائلتي أولا لا تقبل برجل أعجمي كما أنهم لا يقبلون برجل سمعته سيئة, وآخر من تقدموا لي لم أرهم في الأساس يعني انني كنت اسمع من أخي سلطان بأن هناك من تقدم لطلب الزواج لكنه يختفي بعد مدة لسبب مجهول, لا نظرة شرعية ولا تعارف أهل.
سقطت دمعة التقطتها يدي بسرعة كان مضمونها أن الله يختار لي الأفضل لذا علي أن أصبر وأدعوا بثقة تامة, تنجلي كل الأفكار في الصباح الباكر عندما أستيقظ متوجهة لـ عملي أحمل بين يدي حقيبتي ومفتاح المكتب
وكوب الشاي, الكل ينظر إلي:
صباح الخير....Good Morning, Hi, Hello
حتى أصل إلى المكتب ألقي بأغراضي بسرعة وأذهب للاجتماع الصباحي, هناك يقف مجموعة موظفين أجانب وهنود وشخص واحد مواطن وهو خالد, يتقدم خارجا من مكتبه ويقف إلى جانبي بيننا مسافة صغيرة
تلك المسافة التي تجعل الحجر ينطق غيظا, وتدور الأسئلة لماذا يقف بجانبها في الاجتماع؟
هل بينهما أي علاقة, وتلك الأسئلة بالطبع لن يلقيها على مسامع البعض سوى خديجة تلك الفتاة المزعجة التي لا تنفك أن تقيم علاقات وهمية بين شمة وأي موظف حتى وإن كان جديد.
وقفت أستمع لبعض الطلبات الخاصة في العمل من زميلتي فالاجتماع بينما وقف خالد يتناقش في بعض الأوراق مع مدير الاجتماع, التف حولي اثنين من الموظفين واحد على يساري والآخر على يميني رفع خالد بصره ونظر اليهم لم انتبه الا لضربة قوية منه بالقلم ويديه على الطاولة التي نقف حولها جميعا
لا أعرف لماذا غضب الا أنني عدت لمكتبي مندهشة وأخبرت صديقتي عائشة بما حدث ضحكت وقالت لي: شو السالفة شموه لا يكون معجب؟! ههههههه
قلت وأنا منحرجة: على فكرة هذي نفس حركات راشد أول ما داومت هني.
راشد موظف في نفس المؤسسة, مدير أحد الأقسام حين رآني أول مرة كنت أتحدث فيها مع موظفة تعمل تحت إدارته, نظر الي من بعيد مبتسما, هذا الشخص كان غريبا جدا بالنسبة لي فـ تصرفاته لم تكن عادية
بدا وكأنه يعرفني منذ زمن بعيد جدا وأبسط شيء أقوم به كان يهتم لمعرفته, أراه في كل مكان
في العمل, يمشي بهيبة مع الموظفين والكل يحترمه ويستمع إلى حديثه بإنصات وكأنه يسحرهم بكلامه فيقتنعون بوجهة نظره وينفذونها على الفور
في أحد المرات كنت فيها مع زميلتي حصة التي كانت منزعجة جدا وتتحدث معي بطريقتها المعتادة والتي تتمثل بالغنج الشديد والدلال المفرط: شموووه أبا أيي قسمكم رمسي مديرج.
انزين شو أقول له انتي تعرفين انه لازم مسئولج يوافق ويطرشون ايميل وسالفة طويلة, برمسه مني والدرب؟
كان راشد يمشي أمامنا وسمع حديثنا أوقفته حصة, وللعلم لم تكن تخجل كثيرا من التحدث مع أي موظف تعرفه, قالت له: راشد...
ضحك راشد وهو يقول لها: شو بلاج حاشرة البقعة هههههههه
حصة: اف انا تعبت من قسمنا وابا اشتغل ويا شموه شو الحل؟
راشد: ليش تعبتي؟ شو مستوي في قسمكم؟
حصة: وايد يكرفوننا ويحطون قوانين مالها داعي تعبنا صدق.
راشد: اشتغلي اشتغلي لا تتذمرين كل الأقسام جذي, جوفي شمه ما شاء الله عليها كوني مثلها.
أحرجني كلامه بدون سبب لكنني قلت: هي مصرة تيي قسمنا مع انها تعرف انه لازم ترمس الإدارة ومسئولها, شقايل انا برمس بروحي؟
راشد: صح كلامج, انتي رمسي مسئولج اول شي وجوفي شو بيرد عليج, ولا تتذمرين وايد.
حصة: ان شاء الله يوافق.
راشد: ههههههههههه الله يهديج, يلا عن اذنكم.
غادرت عائدة لمكتبي وكان هناك موظفة تتحدث مع زميلاتي لم أكن اعرفها شخصيا انما اعرف اسمها فقط, وهو حنان سلمت عليها وتحدثت معي قائلة: انتي من متى تداومين هني؟
كملت 4 سنين بالضبط.
حنان: ما شاء الله! تحريتج مادومة جريب شراتي.
قلت: ههههه لا من زمان انا هني يالسة اكرف.
حنان: انتي معرسة؟
فتحت فمي على وسعه وعقلي يقول: بدينا! هالسؤال اللي ما ادانيه.
اجبت: لا بعدني.
حنان: هيه أصلا شكلج صغيرة تو الناس عالعرس لا تستعيلين, عيشي حياتج.
قلت لنفسي: صغيرة واعيش حياتي! انتي لو تعرفين جم عمري جان غيرتي رمستج.
أجبتها: مب صغيرة لكن فعلا مب مستعيلة عالعرس عادي.
حنان: ليش جم عمرج؟
قلت: 30 سنة.
حنان بصدمة: جذابة! انتي 30! مستحيل شكلج وايد اصغر, تقصين علي شو؟
ليش بقص عليج والله عمري 30 سنة
حنان: انزين ليش ما عرستي لين الحين؟!
كدت القي عليها القلم الذي احمله بيدي الا انني تمالكت نفسي وقلت: نصيب.
كنت انظر اليها ويتردد في ذهني سؤال: مستحيل يعني افتك من هالسؤال؟! كل شخص يرمسني يقول ليش ما عرستي؟
كانت عائشة تنظر الي وكأنها تعرف ما يدور في راسي همست الي: الله يعينج!
وصلت للمنزل بعد يوم عمل طويل كنت مجهدة والساعة اقتربت للخامسة قبل أن أدخل بسيارتي وجدت سيارة عمتي فاطمة أمامي قلت لنفسي: ايوااااا عموه فاطمة هني, الحين بتبدا موالها.
دخلت للصالة حيث تجلس أمي وعمتي وأمامهن القهوة قبل أن أخطو خطوة واحدة بقدمي للداخل سمعت عمتي تقول لأمي: أنا عيزت وأنا أرمس عبدالله وأقول له, عالأقل يدور صوب ربعه يلمح انه عنده بنت للزواج مب زين جذي البنت يالسة في البيت بلا زواج!
تمتمت بغضب: هاللي ناقص ابوي يدلل علي بعد!
نظرت لوجهها وهي ترفع البرقع وترتشف القهوة: السلام عليكم...
أمي وعمتي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تقدمت منهن وقبلتهن على رؤوسهن.
عمتي فاطمة: شحالج شموه توج راده من الدوام؟!
قلت وانا اتنهد: هيه عموه ترى دوامنا يخلص 4:30 ولين أوصل تستوي 5:00.
حدثتها قليلا ثم استأذنت ذاهبة لغرفتي كي ارتاح, لكن من أين ستأتيني الراحة وعمتي تتحدث عن الزواج لازالت مستمرة في الحديث مع أمي عن زواجي وآخر ما سمعته قبل أن أصعد الدرج كان:
شو رايج تجوفين خطابة؟
أمي تشهق: هه!... خطابة! تبين بو سلطان يذبحني؟
عمتي: ليش بلاها الخطابة تراها بتيوز بنتج.
أمي: لا لا لا كله الا الخطابات.
كانت الدموع تنساب على وجنتي وأنا اصعد لغرفتي, حاولت تجنبها لكنني كنت عاجزة ولساني وعقلي يرددان: خطابة! خطاااابة!
ألقيت بنفسي فوق السرير وقلبي يعتصر من الألم, لن يشعر بي أحد مهما حاولوا التعاطف معي, أنا لست مهتمة بأمر الزواج لدرجة التحدث مع خطابة ووصف فارس الأحلام المطلوب ثم مقابلته و...
انتهى تفكيري عندما طرقت الخادمة الباب: شو تبين ليندا؟
ليندا: ماما يقول تعالي تهت.
قلت: شوي وبنزل, ماما فاطمة راحت؟
ليندا: يس مدام.
غسلت وجهي وبدلت ملابسي ثم نزلت للأسفل وجلست بجانب أمي في صمت مطبق, وضعت أمي الشاي أمامي وقالت: عمتج فاطمة مسوية عزيمة يوم اليمعة.
عزيمة حق شو؟
أمي: حمدان ترقى في وظيفته.
حمدان هو الابن الوسط لعمتي فاطمة لكنه يصغرني بسنتين ومتزوج من خارج العائلة من فتاة اسمها ميثاء, لديهم ابن واحد اسمه منصور.
قلت لها: هييه مبروك.
ارتشفت رشفة صغيرة من الشاي وكنت أحدق في هاتفي بصمت, لا أعلم هل أطلب من أمي أن تنسى أمر زواجي هي وعمتي والناس من حولي, كيف أقنع عمتي بأن زواجي ليس بالحدث الكبير المنتظر, كيف أجعلها تنشغل بعائلتها وتكف عن اقتراحاتها الرائعة!
في العمل واثناء انشغالي بطباعة بعض التقارير لتسليمها في التاريخ المحدد, دخلت خديجة دون أن تنطق بكلمة واحدة أو حتى تلقي التحية علي, لم يكن هناك أحد في المكتب غيري فـ زميلاتي يأدين عملا خارج المكتب تلفتت يمينا ويسارا دون أن ألقي لها بالا كنت أنظر اليها فقط من انعكاس وجهها في مرآتي الصغيرة
تنهدت بقوة وهمت خارجة من المكتب, صادفت عائشة قادمة من الخارج وقالت لها: وين شيخة وإيمان ؟
عائشة بنظرات دهشة: عندهن شغل.
خديجة: متى يردن؟
عائشة: ما ادري.
غادرت المكان مسرعة وكأنها كانت قادمة في حرب, قالت لي عائشة: بلاها هاي جنه حد ضاربنها!
هههههههههه مادري أصلا حتى ما رمست وياي, يت نافخت هني وروحت.
عائشة: نفسية.
يوم الجمعة كان الكل يجتمع في بيت عمتي فاطمة, جلست أستمع لأحاديثهم:
نعيمة: أم ريلي تباني أسافر وياها لندن ومحتارة أسافر ولا لاء.
خولة: وليش محتارة حد تييه سفرة ويرفض؟
نعيمة:: تعرفين بعدني عروس ولازم استانس ويا ريلي مع انه هو قالي عادي لو تبين تسافرين سافري.
موزة: سافري واستانسي وياها عالاقل بتتعودون ع بعض.
كنت أستمع لأحاديثهم وأشعر بأنها مملة جدا, ترى عندما أتزوج هل سيكون حديثي بنفس الطريقة؟
خولة تقول: ريلي اتخبل يوم جافني لابسة الفستان الأحمر في عرس لطيفة, قال لي شو رايج نطب العرس واتمين وياي ههههههههه
موزة: ايييه سكتي شي بنات هب معرسات هني ههههههه
نظرت إليهن بقهر وانا افكر, لا يوجد أحد معنا هنا غير متزوج غيري أنا وسلامة وريم مازالت طفلة, قلت منفعلة:
ليش تسكت عادي خل ترمس براحتها.
موزة: بس انتي وسلامة هب معرسات, ما يستوي تسمعن هالرمسة.
ضحكت بشدة وقلت: هههههههههه هاي سوالف يدوه مال أول البنات ما يسمعن هالرمسة الحين عادي.
نعيمة: أنا أمي ما كانت تخليني اسمع هالسوالف كله تقول لي نشي وسيري داخل لين انخطبت.
قلت لهن: عشان جذي البنت تعرس وهي مب فاهمة شي وتستوي المشاكل بينها وبين ريلها.
موزة: وانتي كيف تعرفين ها كله؟
تراني أقرا واتثقف, ان شاء الله بيي اليوم اللي بعرس فيه ولازم أكون فاهمة, حلات البنت يوم تكون فاهمة وفي نفس الوقت بريئة وخجولة.
انتهى اليوم على خير رغم انهن بدت عليهن الصدمة بسبب ما أعرفه عن الزواج والحياة الزوجية.
مر يوم السبت كـ العادة تسوق وتجهيز ليوم الأحد, قالت لي أمي قبل أن أخرج للعمل:
أبوج وسلطان اليوم بيردون من دبي خلصوا شغلهم هناك.
أجبت وأنا أحمل حقيبتي: بحاول أرد من وقت شوي.
قالت أمي: ترى أبوج يبا يخطب حق سلطان.
قلت: يعرف حد بيخطب من عندهم؟
أم سلطان: يقول ربيعه عنده بنت يبون يسيرون يخطبونها, بجوفه وعقب بخبرج السالفة.
ان شاء الله.
ذهبت لعملي وعقلي يدور من كثرة الأفكار حتى وصلت, تصادفت بـ راشد يصل في نفس الوقت ويدخل من الباب, كلما رأيت هذا الإنسان أشعر وكأن هناك ما يطعنني في صدري, ما يشبه اللسعة تقريبا وتلاشت افكاري عن اخي تماما وكان محورها فقط راشد الذي ينظر الي بصمت, مر بجانبي وملأ رئتي بعطره النفاذ, وعيني امتلأتا بنظراته الساحرة والتي تهيمن علي وتربكني.
دخلت مسرعة وقلبي يخفق بشدة لم أستوعب بعد أنني في العمل حتى وصلت للاجتماع حيث يتقدم الجميع وبيديهم أوراقهم وأقلامهم, تقدمت ناحية الطاولة واستندت عليها محاولة الانصات لما يقولون اقترب خالد بمشيته البطيئة ووقف بجانبي بمسافة بسيطة, ارتبكت حين وضع ورقته على الطاولة وبدأ يكتب...
حرك خالد يديه بخفة بجانبي وهو يكتب كل نقطة مهمة يريد الاحتفاظ بها, كنت أقف بصعوبة فـ يدي كأنها شيء أريد أن أتخلى عنه لأنني استصعب رفعها وضمها كل مرة بحركة, والعجيب في الأمر أن خالد يراقبني ويفعل نفس الشيء, لماذا؟ لم أكن أفهم!
أكملت عملي بعد أن عدت للمكتب وكان يتخلله بعض الضحك والأحاديث المتنوعة بيني وبين زميلاتي, قلت لـ عائشة: أنا تعبت من كثر ما هالإنسانة تتعبث في فايلاتي!
قالت ايمان: توها شيخة بتقول إنها لعبت في فايلاتها بعد.
شيخة: الله ينطبها ماسحة كل شغلي وتتفلسف ع راسي مطرشة ايميل تقول التواريخ غلط مب جنها هي اللي مغيرتنهن!
عايشة: هاي أنا بذبحها صدق لوعتلنا بجبودنا.
خرجت من المكتب لحاجتي لاستنشاق بعض الهواء النقي في الخارج, وقفت أحدق في هاتفي وبرودة الهواء تداعب أنفي وأطراف يدي, وأثناء مشيي وشرود ذهني رأيت راشد الذي وقف في الساحة المخصصة للتدخين
وكان معه خالد يتحدثان, التفت راشد ينظر إلي بتمعن شعرت برجفة في جسدي لكنني صدمت بنظرات خالد المتفحصة, كان يحرك نظره بين راشد وبيني وكأنه يوجه سؤالا غير مباشر: شو هالشي اللي أجوفه الحين؟!
كان راشد يسحب دخان ( المدواخ) بقوة وعيناه مثبتة علي وخالد ينظر اليه ويحرك يديه بعصبية
راقبت الوضع عن بعد ورغبة في فهم ما يحدث, فوجئت حين رأيت خالد ينصرف مسرعا بعد أن لوح بيديه لـ راشد.
عدت للمكتب بعد أن غادر راشد أيضا, أكملت عملي حتى برغم شرود ذهني لم ينبهني سوى رنة هاتفي وكانت أمي المتصلة: ألو...هلا أمي
أم سلطان: هلا بنتي شمة...سمعيني...
أسمعج أمي.
أم سلطان: عمتج فاطمة تبغي تروح ويانا تجوف العروس اللي بنخطبها حق أخوج.
قلت لنفسي: عزالله خطبنا عيل.
حياها الله.
أم سلطان: حاولي ما تتأخرين عسب نروح من وقت وما نتأخر.
ان شاء الله أمي لا تحاتين.
بعد عودتي للمنزل جلست في غرفتي لأستريح قليلا وأيضا لأستعد بعد ذلك للذهاب للخطبة, كل تفكيري كان منصب على عمتي التي قررت الذهاب معنا, ستبدأ تعليقاتها منذ خروجنا من المنزل حتى وصولنا لبيت العروس: منو بنته؟ حلوة ولا شينة؟ تشتغل؟ ...الخ
تجهزنا جميعا وركبنا السيارة مع أبي وأخي سلطان, وأمي كانت تدعوا لأخي بالتوفيق والتيسير, بينما عمتي قد بدأت وصلتها معي شخصيا: أقولج...البنت جم عمرها؟
قلت: مادري أنا ما أعرفها.
وجهت السؤال لأبي: عبدالله البنت جم عمرها؟
أجاب أبي: شو تبين بعمرها؟ هي صغيرة ع كل حال.
عمتي: جم يعني؟
أجاب أبي وهو يتنهد: أظني 20 ولا 21.
همست عمتي وهي تهز رأسها: ومب متأكد بعد...هه.
قالت أمي موجهة حديثها لعمتي: مب مهم العمر الحين المهم البنت تكون زينة ومناسبة حق سلطان.
عمتي: هييه ان شاء الله تكون زينة.
نظرت إلي وقالت: يلا عقبالج.
ان شاء الله.
الحمدلله أنها لم تقل شيئا آخر حتى وصلنا للبيت المقصود, كان عبارة عن فيلا صغيرة قليلا أمامها بعض السيارات, استقبلتنا سيدة كبيرة في السن ينادونها: أم سعيد.
حياكم قربوا قربوا.
دخلنا لداخل المنزل وعمتي تتفحصه بشكل ملفت للنظر وأنا في نفسي أتمنى أن لا يفهم الناس تصرفاتها بشكل خاطئ, في المرة الأولى التي رأت فيها أمي العروس وتحدثت مع أبي بشأنها لم نكن قد رأيناها أنا وعمتي ولم نزرهم حتى, قالت أم العروس: زارتنا البركة والله حيالله ام سلطان.
همست لأمي جانبا: مني هاي اللي وياج؟
أم سلطان: هاي أم سيف فاطمة اخت بو سلطان.
أم العروس: حياج الله يا ام سيف نورتي.
أم سيف: الله يحييج ويبقيج.
أم العروس: هاي بنتج يا ام سلطان؟
هيه هاي بنتي شمة.
أم العروس: هيييه ما شاء الله, الله يخليها لج.
ابتسمت لها وخفضت بصري للأرض حياءا.
عمتي تهمس لأمي: وين العروس ما ظهرت؟
أمي: الحين بتظهر صبري شوي.
أم العروس: عن اذنكم دقايق بجوف بنتي.
ذهبت وعادت مع فتاة تبدو في مثل طولي تقريبا, كأن طولها 165 مثلي, بيضاء وجميلة نوعا ما.
سلمنا عليها وجلست بجانب والدتها لكن عمتي بدأت تتفحصها وتقول لي: مب جنه عيونها صغار, وحلجها عود
و...
قاطعتها قائلة: عموه البنت ما فيها شي وبعدين سلطان بيجوفها وهو بيقرر.
يتبع...
ألقيت نظرة أخيرة على نفسي في المرآة وانا اتمتم:
هذا ثالث عرس أحضره خلال شهرين بس, نعيمة بنت عمتي تزوجت من شهر وهند بنت خالي اللي أصغر مني بعشر سنين بعد تزوجت واليوم عرس لطيفة هاييج الصغيرة المغرورة.
يمكن انا مب جميلة هاك الجمال الباهر ولا رشيقة وممكن البنات يحلمن برشاقتي,لكني بعد مب شينة ابدا, ويهي ملامحه مميزة وطفولية حتى بالرغم من اني وصلت الثلاثين سنة بس محد يصدق اني بهالعمر, حياتي غريبة جدا وفيها أشياء مسلية بالنسبة لي.
وصلنا لقاعة الزفاف حيث جموع النساء ممن يرتدين الفساتين الملونة والمملوءة بكل تفاصيل الزخرفة, تقدمت مع أمي لطاولة قريبة من الكوشة وحين جلست اقتربت مني نعيمة التي تزوجت الشهر الماضي: شحالج شمة؟
تمام الحمدلله انتي شحالج؟
نعيمة وهي تحرك خاتم الزواج في اصبعها: بخير الحمدلله, ها ما انخطبتي؟
مللت من هذا السؤال المتكرر ولا اعرف لماذا زواجي هو شغلهم الشاغل وكأني الوحيدة التي لم تتزوج في العائلة!
أجبتها بامتعاض: ما أفكر في هالموضوع أصلا.
حين أجبتها راودتني فكرة غريبة: بما انها معرسة فعندي الفرصة ايلس اطفربها بسؤالي عن الحمل عسب أجوف شو بيكون احساسها وهالسؤال يتكرر عليها بدون داعي.
دخلت العروس على صوت النغمات الهادئة والاستحياء الذي يلازم كل عروس ليلة زفافها, كـ عادتي بدات تخيل نفسي مكانها وأمشي هذه المشية الغريبة !
ساعة من المجاملات والسلام على العروس دخل العريس واضعا البشت على يديه ووالده في الجهة الأخرى كان منطلقا كالبرق حيث تقف عروسه بانتظاره قبلها على جبينها ثم وقف الى جانبها مع والده ووالدها ليلتقطوا لهم صورا.
انتهى الزفاف على خير, كنت أعبر الممر مع أمي للخروج من القاعة وسمعت حديثا قريبا مني: هاي شمة بنت عبدالله؟
هيه.
عرست ولا بعدها؟
لا بعدها, سمعت انه كل ما حد يخطبها ترفضه لين ما طافها قطار الزواج.
كنت على وشك الانفجار فيهن إلا أنني تمالكت نفسي وخرجت من القاعة وأنا أزفر وجعي وغصتي من تلك الأحاديث المملة, وأتمتم: حسبي الله عالعدو, شو يبوني عرست ولا عنست, أنا ما اشتكيت حق حد وقلت زوجوني!
أمي تحدثني في السيارة: عقبالج يا بنتي عسى الله يرزقج بالزوج الصالح عاجل غير آجل.
نظرت إليها بحسرة ثم أشحت بوجهي والأفكار تدور برأسي, بين هذا آخر عرس أحضره وبين أمنية أمي بإني أتزوج وأتستر: لو ما تطرين سالفة العرس يا امي أنا برتاح صدق.
وصلنا للمنزل أخيرا, وقفت في غرفتي أتفحص وجهي كـ عادتي بعد العودة من كل زفاف, لا أعرف سببا لهذا لكنني أحب التمتع بملامحي وأنا أضع الماكياج.
وضعت رأسي على الوسادة وأنا أتذكر كل تفاصيل الزفاف, حتى تلك الأحاديث المزعجة عن زواجي ورفضي لكل من يتقدم لي, الغريب في الامر انهم لا يعرفون شيء عن كل من تقدموا فلم ارفضهم بدون سبب
فـ عائلتي أولا لا تقبل برجل أعجمي كما أنهم لا يقبلون برجل سمعته سيئة, وآخر من تقدموا لي لم أرهم في الأساس يعني انني كنت اسمع من أخي سلطان بأن هناك من تقدم لطلب الزواج لكنه يختفي بعد مدة لسبب مجهول, لا نظرة شرعية ولا تعارف أهل.
سقطت دمعة التقطتها يدي بسرعة كان مضمونها أن الله يختار لي الأفضل لذا علي أن أصبر وأدعوا بثقة تامة, تنجلي كل الأفكار في الصباح الباكر عندما أستيقظ متوجهة لـ عملي أحمل بين يدي حقيبتي ومفتاح المكتب
وكوب الشاي, الكل ينظر إلي:
صباح الخير....Good Morning, Hi, Hello
حتى أصل إلى المكتب ألقي بأغراضي بسرعة وأذهب للاجتماع الصباحي, هناك يقف مجموعة موظفين أجانب وهنود وشخص واحد مواطن وهو خالد, يتقدم خارجا من مكتبه ويقف إلى جانبي بيننا مسافة صغيرة
تلك المسافة التي تجعل الحجر ينطق غيظا, وتدور الأسئلة لماذا يقف بجانبها في الاجتماع؟
هل بينهما أي علاقة, وتلك الأسئلة بالطبع لن يلقيها على مسامع البعض سوى خديجة تلك الفتاة المزعجة التي لا تنفك أن تقيم علاقات وهمية بين شمة وأي موظف حتى وإن كان جديد.
وقفت أستمع لبعض الطلبات الخاصة في العمل من زميلتي فالاجتماع بينما وقف خالد يتناقش في بعض الأوراق مع مدير الاجتماع, التف حولي اثنين من الموظفين واحد على يساري والآخر على يميني رفع خالد بصره ونظر اليهم لم انتبه الا لضربة قوية منه بالقلم ويديه على الطاولة التي نقف حولها جميعا
لا أعرف لماذا غضب الا أنني عدت لمكتبي مندهشة وأخبرت صديقتي عائشة بما حدث ضحكت وقالت لي: شو السالفة شموه لا يكون معجب؟! ههههههه
قلت وأنا منحرجة: على فكرة هذي نفس حركات راشد أول ما داومت هني.
راشد موظف في نفس المؤسسة, مدير أحد الأقسام حين رآني أول مرة كنت أتحدث فيها مع موظفة تعمل تحت إدارته, نظر الي من بعيد مبتسما, هذا الشخص كان غريبا جدا بالنسبة لي فـ تصرفاته لم تكن عادية
بدا وكأنه يعرفني منذ زمن بعيد جدا وأبسط شيء أقوم به كان يهتم لمعرفته, أراه في كل مكان
في العمل, يمشي بهيبة مع الموظفين والكل يحترمه ويستمع إلى حديثه بإنصات وكأنه يسحرهم بكلامه فيقتنعون بوجهة نظره وينفذونها على الفور
في أحد المرات كنت فيها مع زميلتي حصة التي كانت منزعجة جدا وتتحدث معي بطريقتها المعتادة والتي تتمثل بالغنج الشديد والدلال المفرط: شموووه أبا أيي قسمكم رمسي مديرج.
انزين شو أقول له انتي تعرفين انه لازم مسئولج يوافق ويطرشون ايميل وسالفة طويلة, برمسه مني والدرب؟
كان راشد يمشي أمامنا وسمع حديثنا أوقفته حصة, وللعلم لم تكن تخجل كثيرا من التحدث مع أي موظف تعرفه, قالت له: راشد...
ضحك راشد وهو يقول لها: شو بلاج حاشرة البقعة هههههههه
حصة: اف انا تعبت من قسمنا وابا اشتغل ويا شموه شو الحل؟
راشد: ليش تعبتي؟ شو مستوي في قسمكم؟
حصة: وايد يكرفوننا ويحطون قوانين مالها داعي تعبنا صدق.
راشد: اشتغلي اشتغلي لا تتذمرين كل الأقسام جذي, جوفي شمه ما شاء الله عليها كوني مثلها.
أحرجني كلامه بدون سبب لكنني قلت: هي مصرة تيي قسمنا مع انها تعرف انه لازم ترمس الإدارة ومسئولها, شقايل انا برمس بروحي؟
راشد: صح كلامج, انتي رمسي مسئولج اول شي وجوفي شو بيرد عليج, ولا تتذمرين وايد.
حصة: ان شاء الله يوافق.
راشد: ههههههههههه الله يهديج, يلا عن اذنكم.
غادرت عائدة لمكتبي وكان هناك موظفة تتحدث مع زميلاتي لم أكن اعرفها شخصيا انما اعرف اسمها فقط, وهو حنان سلمت عليها وتحدثت معي قائلة: انتي من متى تداومين هني؟
كملت 4 سنين بالضبط.
حنان: ما شاء الله! تحريتج مادومة جريب شراتي.
قلت: ههههه لا من زمان انا هني يالسة اكرف.
حنان: انتي معرسة؟
فتحت فمي على وسعه وعقلي يقول: بدينا! هالسؤال اللي ما ادانيه.
اجبت: لا بعدني.
حنان: هيه أصلا شكلج صغيرة تو الناس عالعرس لا تستعيلين, عيشي حياتج.
قلت لنفسي: صغيرة واعيش حياتي! انتي لو تعرفين جم عمري جان غيرتي رمستج.
أجبتها: مب صغيرة لكن فعلا مب مستعيلة عالعرس عادي.
حنان: ليش جم عمرج؟
قلت: 30 سنة.
حنان بصدمة: جذابة! انتي 30! مستحيل شكلج وايد اصغر, تقصين علي شو؟
ليش بقص عليج والله عمري 30 سنة
حنان: انزين ليش ما عرستي لين الحين؟!
كدت القي عليها القلم الذي احمله بيدي الا انني تمالكت نفسي وقلت: نصيب.
كنت انظر اليها ويتردد في ذهني سؤال: مستحيل يعني افتك من هالسؤال؟! كل شخص يرمسني يقول ليش ما عرستي؟
كانت عائشة تنظر الي وكأنها تعرف ما يدور في راسي همست الي: الله يعينج!
وصلت للمنزل بعد يوم عمل طويل كنت مجهدة والساعة اقتربت للخامسة قبل أن أدخل بسيارتي وجدت سيارة عمتي فاطمة أمامي قلت لنفسي: ايوااااا عموه فاطمة هني, الحين بتبدا موالها.
دخلت للصالة حيث تجلس أمي وعمتي وأمامهن القهوة قبل أن أخطو خطوة واحدة بقدمي للداخل سمعت عمتي تقول لأمي: أنا عيزت وأنا أرمس عبدالله وأقول له, عالأقل يدور صوب ربعه يلمح انه عنده بنت للزواج مب زين جذي البنت يالسة في البيت بلا زواج!
تمتمت بغضب: هاللي ناقص ابوي يدلل علي بعد!
نظرت لوجهها وهي ترفع البرقع وترتشف القهوة: السلام عليكم...
أمي وعمتي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تقدمت منهن وقبلتهن على رؤوسهن.
عمتي فاطمة: شحالج شموه توج راده من الدوام؟!
قلت وانا اتنهد: هيه عموه ترى دوامنا يخلص 4:30 ولين أوصل تستوي 5:00.
حدثتها قليلا ثم استأذنت ذاهبة لغرفتي كي ارتاح, لكن من أين ستأتيني الراحة وعمتي تتحدث عن الزواج لازالت مستمرة في الحديث مع أمي عن زواجي وآخر ما سمعته قبل أن أصعد الدرج كان:
شو رايج تجوفين خطابة؟
أمي تشهق: هه!... خطابة! تبين بو سلطان يذبحني؟
عمتي: ليش بلاها الخطابة تراها بتيوز بنتج.
أمي: لا لا لا كله الا الخطابات.
كانت الدموع تنساب على وجنتي وأنا اصعد لغرفتي, حاولت تجنبها لكنني كنت عاجزة ولساني وعقلي يرددان: خطابة! خطاااابة!
ألقيت بنفسي فوق السرير وقلبي يعتصر من الألم, لن يشعر بي أحد مهما حاولوا التعاطف معي, أنا لست مهتمة بأمر الزواج لدرجة التحدث مع خطابة ووصف فارس الأحلام المطلوب ثم مقابلته و...
انتهى تفكيري عندما طرقت الخادمة الباب: شو تبين ليندا؟
ليندا: ماما يقول تعالي تهت.
قلت: شوي وبنزل, ماما فاطمة راحت؟
ليندا: يس مدام.
غسلت وجهي وبدلت ملابسي ثم نزلت للأسفل وجلست بجانب أمي في صمت مطبق, وضعت أمي الشاي أمامي وقالت: عمتج فاطمة مسوية عزيمة يوم اليمعة.
عزيمة حق شو؟
أمي: حمدان ترقى في وظيفته.
حمدان هو الابن الوسط لعمتي فاطمة لكنه يصغرني بسنتين ومتزوج من خارج العائلة من فتاة اسمها ميثاء, لديهم ابن واحد اسمه منصور.
قلت لها: هييه مبروك.
ارتشفت رشفة صغيرة من الشاي وكنت أحدق في هاتفي بصمت, لا أعلم هل أطلب من أمي أن تنسى أمر زواجي هي وعمتي والناس من حولي, كيف أقنع عمتي بأن زواجي ليس بالحدث الكبير المنتظر, كيف أجعلها تنشغل بعائلتها وتكف عن اقتراحاتها الرائعة!
في العمل واثناء انشغالي بطباعة بعض التقارير لتسليمها في التاريخ المحدد, دخلت خديجة دون أن تنطق بكلمة واحدة أو حتى تلقي التحية علي, لم يكن هناك أحد في المكتب غيري فـ زميلاتي يأدين عملا خارج المكتب تلفتت يمينا ويسارا دون أن ألقي لها بالا كنت أنظر اليها فقط من انعكاس وجهها في مرآتي الصغيرة
تنهدت بقوة وهمت خارجة من المكتب, صادفت عائشة قادمة من الخارج وقالت لها: وين شيخة وإيمان ؟
عائشة بنظرات دهشة: عندهن شغل.
خديجة: متى يردن؟
عائشة: ما ادري.
غادرت المكان مسرعة وكأنها كانت قادمة في حرب, قالت لي عائشة: بلاها هاي جنه حد ضاربنها!
هههههههههه مادري أصلا حتى ما رمست وياي, يت نافخت هني وروحت.
عائشة: نفسية.
يوم الجمعة كان الكل يجتمع في بيت عمتي فاطمة, جلست أستمع لأحاديثهم:
نعيمة: أم ريلي تباني أسافر وياها لندن ومحتارة أسافر ولا لاء.
خولة: وليش محتارة حد تييه سفرة ويرفض؟
نعيمة:: تعرفين بعدني عروس ولازم استانس ويا ريلي مع انه هو قالي عادي لو تبين تسافرين سافري.
موزة: سافري واستانسي وياها عالاقل بتتعودون ع بعض.
كنت أستمع لأحاديثهم وأشعر بأنها مملة جدا, ترى عندما أتزوج هل سيكون حديثي بنفس الطريقة؟
خولة تقول: ريلي اتخبل يوم جافني لابسة الفستان الأحمر في عرس لطيفة, قال لي شو رايج نطب العرس واتمين وياي ههههههههه
موزة: ايييه سكتي شي بنات هب معرسات هني ههههههه
نظرت إليهن بقهر وانا افكر, لا يوجد أحد معنا هنا غير متزوج غيري أنا وسلامة وريم مازالت طفلة, قلت منفعلة:
ليش تسكت عادي خل ترمس براحتها.
موزة: بس انتي وسلامة هب معرسات, ما يستوي تسمعن هالرمسة.
ضحكت بشدة وقلت: هههههههههه هاي سوالف يدوه مال أول البنات ما يسمعن هالرمسة الحين عادي.
نعيمة: أنا أمي ما كانت تخليني اسمع هالسوالف كله تقول لي نشي وسيري داخل لين انخطبت.
قلت لهن: عشان جذي البنت تعرس وهي مب فاهمة شي وتستوي المشاكل بينها وبين ريلها.
موزة: وانتي كيف تعرفين ها كله؟
تراني أقرا واتثقف, ان شاء الله بيي اليوم اللي بعرس فيه ولازم أكون فاهمة, حلات البنت يوم تكون فاهمة وفي نفس الوقت بريئة وخجولة.
انتهى اليوم على خير رغم انهن بدت عليهن الصدمة بسبب ما أعرفه عن الزواج والحياة الزوجية.
مر يوم السبت كـ العادة تسوق وتجهيز ليوم الأحد, قالت لي أمي قبل أن أخرج للعمل:
أبوج وسلطان اليوم بيردون من دبي خلصوا شغلهم هناك.
أجبت وأنا أحمل حقيبتي: بحاول أرد من وقت شوي.
قالت أمي: ترى أبوج يبا يخطب حق سلطان.
قلت: يعرف حد بيخطب من عندهم؟
أم سلطان: يقول ربيعه عنده بنت يبون يسيرون يخطبونها, بجوفه وعقب بخبرج السالفة.
ان شاء الله.
ذهبت لعملي وعقلي يدور من كثرة الأفكار حتى وصلت, تصادفت بـ راشد يصل في نفس الوقت ويدخل من الباب, كلما رأيت هذا الإنسان أشعر وكأن هناك ما يطعنني في صدري, ما يشبه اللسعة تقريبا وتلاشت افكاري عن اخي تماما وكان محورها فقط راشد الذي ينظر الي بصمت, مر بجانبي وملأ رئتي بعطره النفاذ, وعيني امتلأتا بنظراته الساحرة والتي تهيمن علي وتربكني.
دخلت مسرعة وقلبي يخفق بشدة لم أستوعب بعد أنني في العمل حتى وصلت للاجتماع حيث يتقدم الجميع وبيديهم أوراقهم وأقلامهم, تقدمت ناحية الطاولة واستندت عليها محاولة الانصات لما يقولون اقترب خالد بمشيته البطيئة ووقف بجانبي بمسافة بسيطة, ارتبكت حين وضع ورقته على الطاولة وبدأ يكتب...
حرك خالد يديه بخفة بجانبي وهو يكتب كل نقطة مهمة يريد الاحتفاظ بها, كنت أقف بصعوبة فـ يدي كأنها شيء أريد أن أتخلى عنه لأنني استصعب رفعها وضمها كل مرة بحركة, والعجيب في الأمر أن خالد يراقبني ويفعل نفس الشيء, لماذا؟ لم أكن أفهم!
أكملت عملي بعد أن عدت للمكتب وكان يتخلله بعض الضحك والأحاديث المتنوعة بيني وبين زميلاتي, قلت لـ عائشة: أنا تعبت من كثر ما هالإنسانة تتعبث في فايلاتي!
قالت ايمان: توها شيخة بتقول إنها لعبت في فايلاتها بعد.
شيخة: الله ينطبها ماسحة كل شغلي وتتفلسف ع راسي مطرشة ايميل تقول التواريخ غلط مب جنها هي اللي مغيرتنهن!
عايشة: هاي أنا بذبحها صدق لوعتلنا بجبودنا.
خرجت من المكتب لحاجتي لاستنشاق بعض الهواء النقي في الخارج, وقفت أحدق في هاتفي وبرودة الهواء تداعب أنفي وأطراف يدي, وأثناء مشيي وشرود ذهني رأيت راشد الذي وقف في الساحة المخصصة للتدخين
وكان معه خالد يتحدثان, التفت راشد ينظر إلي بتمعن شعرت برجفة في جسدي لكنني صدمت بنظرات خالد المتفحصة, كان يحرك نظره بين راشد وبيني وكأنه يوجه سؤالا غير مباشر: شو هالشي اللي أجوفه الحين؟!
كان راشد يسحب دخان ( المدواخ) بقوة وعيناه مثبتة علي وخالد ينظر اليه ويحرك يديه بعصبية
راقبت الوضع عن بعد ورغبة في فهم ما يحدث, فوجئت حين رأيت خالد ينصرف مسرعا بعد أن لوح بيديه لـ راشد.
عدت للمكتب بعد أن غادر راشد أيضا, أكملت عملي حتى برغم شرود ذهني لم ينبهني سوى رنة هاتفي وكانت أمي المتصلة: ألو...هلا أمي
أم سلطان: هلا بنتي شمة...سمعيني...
أسمعج أمي.
أم سلطان: عمتج فاطمة تبغي تروح ويانا تجوف العروس اللي بنخطبها حق أخوج.
قلت لنفسي: عزالله خطبنا عيل.
حياها الله.
أم سلطان: حاولي ما تتأخرين عسب نروح من وقت وما نتأخر.
ان شاء الله أمي لا تحاتين.
بعد عودتي للمنزل جلست في غرفتي لأستريح قليلا وأيضا لأستعد بعد ذلك للذهاب للخطبة, كل تفكيري كان منصب على عمتي التي قررت الذهاب معنا, ستبدأ تعليقاتها منذ خروجنا من المنزل حتى وصولنا لبيت العروس: منو بنته؟ حلوة ولا شينة؟ تشتغل؟ ...الخ
تجهزنا جميعا وركبنا السيارة مع أبي وأخي سلطان, وأمي كانت تدعوا لأخي بالتوفيق والتيسير, بينما عمتي قد بدأت وصلتها معي شخصيا: أقولج...البنت جم عمرها؟
قلت: مادري أنا ما أعرفها.
وجهت السؤال لأبي: عبدالله البنت جم عمرها؟
أجاب أبي: شو تبين بعمرها؟ هي صغيرة ع كل حال.
عمتي: جم يعني؟
أجاب أبي وهو يتنهد: أظني 20 ولا 21.
همست عمتي وهي تهز رأسها: ومب متأكد بعد...هه.
قالت أمي موجهة حديثها لعمتي: مب مهم العمر الحين المهم البنت تكون زينة ومناسبة حق سلطان.
عمتي: هييه ان شاء الله تكون زينة.
نظرت إلي وقالت: يلا عقبالج.
ان شاء الله.
الحمدلله أنها لم تقل شيئا آخر حتى وصلنا للبيت المقصود, كان عبارة عن فيلا صغيرة قليلا أمامها بعض السيارات, استقبلتنا سيدة كبيرة في السن ينادونها: أم سعيد.
حياكم قربوا قربوا.
دخلنا لداخل المنزل وعمتي تتفحصه بشكل ملفت للنظر وأنا في نفسي أتمنى أن لا يفهم الناس تصرفاتها بشكل خاطئ, في المرة الأولى التي رأت فيها أمي العروس وتحدثت مع أبي بشأنها لم نكن قد رأيناها أنا وعمتي ولم نزرهم حتى, قالت أم العروس: زارتنا البركة والله حيالله ام سلطان.
همست لأمي جانبا: مني هاي اللي وياج؟
أم سلطان: هاي أم سيف فاطمة اخت بو سلطان.
أم العروس: حياج الله يا ام سيف نورتي.
أم سيف: الله يحييج ويبقيج.
أم العروس: هاي بنتج يا ام سلطان؟
هيه هاي بنتي شمة.
أم العروس: هيييه ما شاء الله, الله يخليها لج.
ابتسمت لها وخفضت بصري للأرض حياءا.
عمتي تهمس لأمي: وين العروس ما ظهرت؟
أمي: الحين بتظهر صبري شوي.
أم العروس: عن اذنكم دقايق بجوف بنتي.
ذهبت وعادت مع فتاة تبدو في مثل طولي تقريبا, كأن طولها 165 مثلي, بيضاء وجميلة نوعا ما.
سلمنا عليها وجلست بجانب والدتها لكن عمتي بدأت تتفحصها وتقول لي: مب جنه عيونها صغار, وحلجها عود
و...
قاطعتها قائلة: عموه البنت ما فيها شي وبعدين سلطان بيجوفها وهو بيقرر.
يتبع...