Raba
01-07-2016, 06:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
«صرخة مريم»
عبد الله المغلوث
استحوذت هواية الرسم على مريم إبراهيم السبيعي. ترسم على كراستها وكتبها وجدران منزلها. لا تترك شيئا تقع أصابعها عليه إلا ووقّعت عليه بأناملها الصغيرة. كانت زميلاتها يشاهدن التلفزيون ويلعبن معا، بينما كانت تلهو مع ألوانها وكراستها. لم تتوقف وتفكر كثيرا مثلنا نحن الحيارى عندما حان موعد اختيار التخصص. كانت تعرف طريقها جيدا. الطريق هو كلية التربية الفنية. عاشت أياما كالحلم في أروقتها. أياما مليئة بالألوان والصور واللوحات التي تعشقها. تخرجت فأصبحت معلمة لمادة لا تحبها فحسب بل تعشقها وتأسرها وتجري في عروقها، لكن قبل تسع سنوات تقريبا تعرض كمبيوترها الشخصي للعطل فتألمت كثيرا. كان يحمل لوحاتها وصورها الشخصية وأفراد عائلتها. خشيت أن تأخذ هذا الجهاز إلى محل صيانة فيعبث به أحد العاملين في المحل ويسطو على صورها وينتهك خصوصيتها كما فعل مع إحدى قريباتها. كان خيارها الوحيد أن تتعلم تصليح الجهاز بنفسها. قرأت كثيرا في المنتديات الإلكترونية عن حلول مختلفة، بيد أنها فشلت في العثور على حل يعيد الحياة إلى جهازها. لم تستسلم مريم فاستمرت في التعلم والبحث والتقصي. سمعت عن فتاة تعطي دروسا بمقابل في تصليح الأجهزة المتعطلة. سافرت إليها وأخذت دروسا عندها. لم تكن دروسا مفيدة جدا، لكن لم تفوت مريم أي فرصة للتعلم. اكتشفت مريم أن خير وسيلة للتعلم هي خوض التجربة، فقامت بشراء عديد من الأجهزة المتعطلة بمبالغ زهيدة، وأخذت تتعلم عليهم دون قلق من إتلافها. شعرت أنها تطورت تدريجيا بعد شهور من المعاناة. المهم أنها نجحت أخيرا في إنقاذ حياة جهازها. تتذكر جيدا كيف صرخت عندما استيقظ جهازها من سباته إثر العملية الجراحية التي أجرتها له بيديها البديعتين التي لم تعد ترسم فحسب، بل تعالج وتصلح بفن أيضا. هذه الصرخة أيقظت فكرة دفينة في أعماقها أن تصبح سيدة أعمال. شرعت للعمل في افتتاح مركز صيانة نسائي للأجهزة التقنية. واجهت مشكلة كبيرة في الحصول على تصريح، لأنه الأول من نوعه الذي يخدم النساء. لكن بعد إصرار وعمل دؤوب ونقاشات مستفيضة، ظفرت مريم بالتصريح. اليوم دخل مركزها الذي أسمته "كونراد" في الرياض نحو أربعة آلاف ريال يوميا في أسوأ الظروف، ناهيك عن عملها مدربة متعاونة مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. أصبح الآن بوسع كثير أن ينجحوا مثل مريم بعد تطبيق سعودة قطاع الجوالات. فالفرص باتت أكبر. أكثر بكثير.
«صرخة مريم»
عبد الله المغلوث
استحوذت هواية الرسم على مريم إبراهيم السبيعي. ترسم على كراستها وكتبها وجدران منزلها. لا تترك شيئا تقع أصابعها عليه إلا ووقّعت عليه بأناملها الصغيرة. كانت زميلاتها يشاهدن التلفزيون ويلعبن معا، بينما كانت تلهو مع ألوانها وكراستها. لم تتوقف وتفكر كثيرا مثلنا نحن الحيارى عندما حان موعد اختيار التخصص. كانت تعرف طريقها جيدا. الطريق هو كلية التربية الفنية. عاشت أياما كالحلم في أروقتها. أياما مليئة بالألوان والصور واللوحات التي تعشقها. تخرجت فأصبحت معلمة لمادة لا تحبها فحسب بل تعشقها وتأسرها وتجري في عروقها، لكن قبل تسع سنوات تقريبا تعرض كمبيوترها الشخصي للعطل فتألمت كثيرا. كان يحمل لوحاتها وصورها الشخصية وأفراد عائلتها. خشيت أن تأخذ هذا الجهاز إلى محل صيانة فيعبث به أحد العاملين في المحل ويسطو على صورها وينتهك خصوصيتها كما فعل مع إحدى قريباتها. كان خيارها الوحيد أن تتعلم تصليح الجهاز بنفسها. قرأت كثيرا في المنتديات الإلكترونية عن حلول مختلفة، بيد أنها فشلت في العثور على حل يعيد الحياة إلى جهازها. لم تستسلم مريم فاستمرت في التعلم والبحث والتقصي. سمعت عن فتاة تعطي دروسا بمقابل في تصليح الأجهزة المتعطلة. سافرت إليها وأخذت دروسا عندها. لم تكن دروسا مفيدة جدا، لكن لم تفوت مريم أي فرصة للتعلم. اكتشفت مريم أن خير وسيلة للتعلم هي خوض التجربة، فقامت بشراء عديد من الأجهزة المتعطلة بمبالغ زهيدة، وأخذت تتعلم عليهم دون قلق من إتلافها. شعرت أنها تطورت تدريجيا بعد شهور من المعاناة. المهم أنها نجحت أخيرا في إنقاذ حياة جهازها. تتذكر جيدا كيف صرخت عندما استيقظ جهازها من سباته إثر العملية الجراحية التي أجرتها له بيديها البديعتين التي لم تعد ترسم فحسب، بل تعالج وتصلح بفن أيضا. هذه الصرخة أيقظت فكرة دفينة في أعماقها أن تصبح سيدة أعمال. شرعت للعمل في افتتاح مركز صيانة نسائي للأجهزة التقنية. واجهت مشكلة كبيرة في الحصول على تصريح، لأنه الأول من نوعه الذي يخدم النساء. لكن بعد إصرار وعمل دؤوب ونقاشات مستفيضة، ظفرت مريم بالتصريح. اليوم دخل مركزها الذي أسمته "كونراد" في الرياض نحو أربعة آلاف ريال يوميا في أسوأ الظروف، ناهيك عن عملها مدربة متعاونة مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. أصبح الآن بوسع كثير أن ينجحوا مثل مريم بعد تطبيق سعودة قطاع الجوالات. فالفرص باتت أكبر. أكثر بكثير.