الرميثي
15-10-2015, 03:02 PM
في معارك ريف اللاذقية الأخيرة منذ يومين، وأثناء غارات للطيران الروسي كان اللافت وجود بعض العوائق أمام سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى من الجيش الحر إلى المشافي الميدانية، وكان الشيء الأكثر غرابة هو أن من يعيق طريق الإسعاف هم سيارات تجار الحطب والعاملين لديهم، في الوقت الذي كان الطيران يقوم بطلعاته ولا يحرك هؤلاء ساكنا وهم منهمكون في جمع الحطب.
تعد غابات ريف اللاذقية من أكبر المساحات الخضراء في سوريا، إلى أن طالتها قذائف الموت والبراميل اليومية.
مئات السنين تموت في لحظات
يقدر أهالي المنطقة المعمرين هذه الغابات بما لا يقل عن مئة وخمسين عاما، أي قبل الاحتلال الفرنسي لسوريا، من غابات الصنوبر والعذر والسنديان والأشجار المعمرة الأخرى حيث كانت الطرقات تمتلئ بلافتات تحذر من إشعال النيران وإلقاء أعقاب السجائر في الغابات، إلا أنها لم تحذر من إلقاء البراميل والقذائف! تلك اللافتات التي باتت مجرد ألواح صدئة على قارعة الطريق لا تسمن ولا تعني من جوع.
مطافئ محلية
ما إن تشب إحدى الحرائق في ريف اللاذقية إلا ويهرع الأهالي لإطفاء النيران بأدواتهم الزراعية البسيطة وما توفر لهم من المياه.
أخبار الآن قابلت الستيني "أبو علي" أحد الموظفين السابقين في دائرة الحراج في ريف اللاذقية وهو من أهالي المنطقة: "كنا ما إن تبدأ إحدى الحرائق حتى يبدأ الاستنفار بسيارات الإطفاء والجرارات الزراعية المجهزة بالصهاريج للدخول الى المناطق التي يصعب على سيارات الاطفاء الكبيرة الدخول إليها. أما الآن فلا نسمع عن أعمال دوائر الاطفاء التي تم إنشاؤها في عهد الثورة إلا القليل مما أدى لسخط الأهالي عليهم واعتمادهم على أنفسهم في حماية بيوتهم وأراضيهم من النيران التي تجتاح كل شيء".
مؤونة الشتاء
بعد انقطاع شبكات الكهرباء المغذية لقرى ومناطق ريف اللاذقية، وارتفاع اسعار المحروقات للتدفئة حيث وصل ليتر المازوت إلى 150 ليرة سورية، شكلت هذه المعضلة مشكلة لذوي الدخل المحدود واللاجئين، فالتفتت الأنظار الى الغابات التي كان الأهالي يزورونها سابقا بغرض الاستجمام والسياحة حاملين معهم مأكولاتهم، أما الآن فهم يزورونها حاملين معهم المناشر الآلية، حيث يقتطعون الأشجار المحترقة.
التقت أخبار الآن الشاب "محمد" وهو يقوم بقطع إحدى الأشجار التي يتجاوز عمرها المائة عام: "مذ أن كنت صغيرا وألعب مع أقراني تحت ظلال هذه الأشجار إلى أن احترقت ببراميل قوات الأسد، ولم تعد تنفع لشيء إلا كوقود للمدفأة في برد الشتاء القاسي، أعتصر ألماً كلما قطعت إحدى الأشجار، ولكن لا خيار أمامنا".
تجارة مربحة
بعد انتشار ظاهرة قطع الأشجار المحترقة للتدفئة، لوحظ إقبال كبير من بعض المناطق الداخلية كريفي حلب وإدلب وجدسر الشغور إلى ريف اللاذقية وابتياع الحطب إما من أهالي المنطقة، أو اقتطاعها بأنفسهم بواسطة العمال، لنقلها إلى مناطقهم وبيعها في "أسواق الحطب" في تلك المناطق لقلة الأشجار والحطب، حيث ينقل يوميا من ريف اللاذقية مئات الأطنان من الأخشاب والذي يقطع بعضهم الأشجار الخضراء وذلك لوزنها الكبير خلال البيع، مما أدى إلى إنشاء الحواجز من الكتائب المتواجدة في قرى ريف اللاذقية الخارج عن سيطرة النظام لمراقبة السيارات الناقلة للحطب والتدقيق عليها إن كان أصحابها قد اقتطعوا بعض الأشجار الخضراء فيتم مصادرة الحمولة والسيارة، وأحيانا قد تؤدي الى سجن صاحبها وذلك لمنع اقتطاع الأشجار الخضراء
المستفيد هو النظام
قد يظن البعض أن المستفيد الوحيد من اقتطاع الأشجار هم التجار، ولكن المستفيد الحقيقي هو النظام، لان أغلب الطرقات والقرى المكشوفة لمراصد النظام ومدفعيته، هي الأشجار وان كانت يابسة.
يقول "خالد" أحد مقاتلي الجيش الحر في المنطقة: "بعض المناطق للأسف قد كُشفت لمدفعية النظام وأصبحت تقصف وقد نبهنا قاطعي الأشجار مرارا وتكرارا عدم الاقتراب من القرى، ولاحظنا أن بعض المراصد التابعة لجيش النظام لا تستهدف السيارات الناقلة للحطب إلا نادرا وكأنها تقوم بالتشجيع على القطع، مما دعانا إلى إنشاء دوريات لمنع الاقتراب من هذه المناطق وكي لا يساعد الأهالي النظام دون علمهم".
ما إن تزور ريف اللاذقية إلا وتلاحظ ما تبقى من غاباتها تكتسي بألوان الموت، الأسود والرمادي والبني، وباتت تلك الجبال التي كان الناس يقصدونها من كل مكان طلبا للراحة والهواء النقي، لا يزورها الآن سوى الأهالي الطالبين لدفء الشتاء، وتجار الحطب، وتبقى تلك الأراضي بانتظار الأيادي الخضراء التي ستعيد غرس الأشجار لأجيال المستقبل.
تعد غابات ريف اللاذقية من أكبر المساحات الخضراء في سوريا، إلى أن طالتها قذائف الموت والبراميل اليومية.
مئات السنين تموت في لحظات
يقدر أهالي المنطقة المعمرين هذه الغابات بما لا يقل عن مئة وخمسين عاما، أي قبل الاحتلال الفرنسي لسوريا، من غابات الصنوبر والعذر والسنديان والأشجار المعمرة الأخرى حيث كانت الطرقات تمتلئ بلافتات تحذر من إشعال النيران وإلقاء أعقاب السجائر في الغابات، إلا أنها لم تحذر من إلقاء البراميل والقذائف! تلك اللافتات التي باتت مجرد ألواح صدئة على قارعة الطريق لا تسمن ولا تعني من جوع.
مطافئ محلية
ما إن تشب إحدى الحرائق في ريف اللاذقية إلا ويهرع الأهالي لإطفاء النيران بأدواتهم الزراعية البسيطة وما توفر لهم من المياه.
أخبار الآن قابلت الستيني "أبو علي" أحد الموظفين السابقين في دائرة الحراج في ريف اللاذقية وهو من أهالي المنطقة: "كنا ما إن تبدأ إحدى الحرائق حتى يبدأ الاستنفار بسيارات الإطفاء والجرارات الزراعية المجهزة بالصهاريج للدخول الى المناطق التي يصعب على سيارات الاطفاء الكبيرة الدخول إليها. أما الآن فلا نسمع عن أعمال دوائر الاطفاء التي تم إنشاؤها في عهد الثورة إلا القليل مما أدى لسخط الأهالي عليهم واعتمادهم على أنفسهم في حماية بيوتهم وأراضيهم من النيران التي تجتاح كل شيء".
مؤونة الشتاء
بعد انقطاع شبكات الكهرباء المغذية لقرى ومناطق ريف اللاذقية، وارتفاع اسعار المحروقات للتدفئة حيث وصل ليتر المازوت إلى 150 ليرة سورية، شكلت هذه المعضلة مشكلة لذوي الدخل المحدود واللاجئين، فالتفتت الأنظار الى الغابات التي كان الأهالي يزورونها سابقا بغرض الاستجمام والسياحة حاملين معهم مأكولاتهم، أما الآن فهم يزورونها حاملين معهم المناشر الآلية، حيث يقتطعون الأشجار المحترقة.
التقت أخبار الآن الشاب "محمد" وهو يقوم بقطع إحدى الأشجار التي يتجاوز عمرها المائة عام: "مذ أن كنت صغيرا وألعب مع أقراني تحت ظلال هذه الأشجار إلى أن احترقت ببراميل قوات الأسد، ولم تعد تنفع لشيء إلا كوقود للمدفأة في برد الشتاء القاسي، أعتصر ألماً كلما قطعت إحدى الأشجار، ولكن لا خيار أمامنا".
تجارة مربحة
بعد انتشار ظاهرة قطع الأشجار المحترقة للتدفئة، لوحظ إقبال كبير من بعض المناطق الداخلية كريفي حلب وإدلب وجدسر الشغور إلى ريف اللاذقية وابتياع الحطب إما من أهالي المنطقة، أو اقتطاعها بأنفسهم بواسطة العمال، لنقلها إلى مناطقهم وبيعها في "أسواق الحطب" في تلك المناطق لقلة الأشجار والحطب، حيث ينقل يوميا من ريف اللاذقية مئات الأطنان من الأخشاب والذي يقطع بعضهم الأشجار الخضراء وذلك لوزنها الكبير خلال البيع، مما أدى إلى إنشاء الحواجز من الكتائب المتواجدة في قرى ريف اللاذقية الخارج عن سيطرة النظام لمراقبة السيارات الناقلة للحطب والتدقيق عليها إن كان أصحابها قد اقتطعوا بعض الأشجار الخضراء فيتم مصادرة الحمولة والسيارة، وأحيانا قد تؤدي الى سجن صاحبها وذلك لمنع اقتطاع الأشجار الخضراء
المستفيد هو النظام
قد يظن البعض أن المستفيد الوحيد من اقتطاع الأشجار هم التجار، ولكن المستفيد الحقيقي هو النظام، لان أغلب الطرقات والقرى المكشوفة لمراصد النظام ومدفعيته، هي الأشجار وان كانت يابسة.
يقول "خالد" أحد مقاتلي الجيش الحر في المنطقة: "بعض المناطق للأسف قد كُشفت لمدفعية النظام وأصبحت تقصف وقد نبهنا قاطعي الأشجار مرارا وتكرارا عدم الاقتراب من القرى، ولاحظنا أن بعض المراصد التابعة لجيش النظام لا تستهدف السيارات الناقلة للحطب إلا نادرا وكأنها تقوم بالتشجيع على القطع، مما دعانا إلى إنشاء دوريات لمنع الاقتراب من هذه المناطق وكي لا يساعد الأهالي النظام دون علمهم".
ما إن تزور ريف اللاذقية إلا وتلاحظ ما تبقى من غاباتها تكتسي بألوان الموت، الأسود والرمادي والبني، وباتت تلك الجبال التي كان الناس يقصدونها من كل مكان طلبا للراحة والهواء النقي، لا يزورها الآن سوى الأهالي الطالبين لدفء الشتاء، وتجار الحطب، وتبقى تلك الأراضي بانتظار الأيادي الخضراء التي ستعيد غرس الأشجار لأجيال المستقبل.