اسطورة لن تتكرر
01-06-2015, 02:17 PM
حياتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
هو أبو العلاء المعرّى، أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعى التنّوخى المعرّى، شاعر وفيلسوف وأديب عربى من العصر العباسى، ولد عام 973 ميلاديًّا، وتوفى عام 1057، المعرى فى مدينة “معرّة النعمان” تقع فى سوريا حاليًا ومنها استمد اسمه، وهو ينتمى لعائلة بنى سليمان التى تنتمى لقبيلة تنوخ، جده الأكبر كان أول قاضٍ فى المدينة، وقد عُرِف بعض أعضاء عائلة بنى سليمان بقول الشعر، وفقد المعرّى بصره وهو فى الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدرى، وقد لُقِّب بـ “رهين المحبسين”، بعد أن اعتزل الناس لبعض الوقت.بدأ المعرّى يقرض الشّعرَ فى سن مبكرة فى حوالى الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره فى بلدته معرّة النعمان، ثم ذهب للدراسة فى حلب وأنطاكية وغيرهما من المدن السورية، فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله وعلماء عصره، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو فى حلب على أصحاب “ابن خالويه”، وأخذ النحو وشعر المتنبى عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوى، وهو أحد أهم رواة شعر “أبو الطيب أحمد بن الحسين – المتنبى”، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالمًا بالأديان والمذاهب وعقائد الفرق المختلفة، وكان آية مضيئة فى معرفة التاريخ والأخبار.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%89.jpg
مزاولة الشعر.. واعتزال الدنيا
مارس المعرّى الشعر والفلسفة والمفكر الحر، وسافر إلى وسط بغداد لفترة، إذ جمع عددًا كبيراً من التلاميذ الذكور والإناث للاستماع إلى محاضراته عن الشعر والنحو والعقلانية، وأحد الموضوعات المتكررة فى فلسفته كان “حقوق العقل – المنطق” ضد ادّعاءات العادات والتقاليد والسلطة.كان اسم كاتبه على بن عبد الله بن أبى هاشم، وقد عاش المعرّى بعد وفاة أمه واعتزاله، زاهدًا فى الدنيا ومُعرضًا عن لذّاتها، لا يأكل كثيرًا من الطعام، ومنه لحم الحيوان، حتى قيل إنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا يأكل ما ينتج عن الحيوان من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن، حتى توفى عن عمر يناهز 86 عامًا، ودُفِن فى منزله فى معرة النعمان.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%891-333x400.jpg
رحلتــــــــــــــــــــــــــــه إلى بغداد
كان أبو العلاء فقيرًا، وكان لا يتكسب بشعره، وكانت له ثروة ضئيلة لا يتجاوز ريعها ثلاثين دينارًا فى السنة، جعل نصفها لخادمه، ويرى بعضهم أن الذى منعه من التكسّب بالشعر أمران: أولهما أن عزة النفس التى ورثها عن أسرته تمنعه من إراقة ماء وجهه، وتصدّه عن ذل السؤال، وثانيهما فطرته السليمة ودراسته الفلسفية اللتان صانتاه من الابتذال وصوغ الأكاذيب فى الأمراء، فكان الكذب عنده أمرًا بشعًا وقبيحًا، ثم إن المال الذى يأخذه عن طريق التكسب بالشعر مال حرام استُحِلّ ظلمً، فوفق قناعاته أولى به شيخ كبير أو عجوز فانية وأرملة مهيضة الجناح وأطفال زغب.كانت أمه تمانع فى سفره أول الأمر، ولكنه أقنعها فأذنت له، وأعدّ له خاله “أبو طاهر” سفينة انحدر بها إلى الفرات حتى بلغ القادسية، وهناك لقيه عمال السلطان فاغتصبوا سفينته واضطروه إلى أن يسلك طريقًا مخيفة إلى بغداد، وعند وصوله نظم قصيدة قدّمها إلى أبى حامد الأسفرايينى، واصفًا فيها سفره وجور عمال السلطان، طالبًا مودّة أبى حامد ومساعدته فى ردّ سفينته.
أثر علمه فى شعره
يُعدّ عصر “أبو العلاء المعرّى” عصرًا ذهبيًّا فى نضج العلوم وانتشارها على اختلاف مشاربها، فالعلوم الشرعية وعلوم القرآن – من تفسير وقراءات وإعجاز – وعلوم الأدب واللغة والنقد، ثم الفلسفات المنقولة، كلها كانت قد استوت على سوقها، وكانت للمعرّى مشاركات جادة فيها، وهو مع هذا يتواضع ويضع من شخصه وعلمه بالقول:“ماذا تريدون لا مال تيسّر لى.. فيُستماح ولا علم فيقتبسأتسألون جهولاً أن يفيدكم.. وتحلبون سفيًّا ضرعها يبس”.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%892.jpg
وكان علم المعرّى باللغة والنحو والأدب هو الغاية القصوى فى عصره، حتى قيل إن المعرّى فى المشرق، وابن سيّدة فى المغرب، ليس لهما فى زمانهما ثالث فى اللغة، وذكر التبريزى أنه لا يعرف كلمة نطقت بها العرب ولم يعرفها أبو العلاء، كذلك كان المعرّى حريصًا على إظهار علمه باللغة، فيُرصّع شعره ونثره بالغريب النادر الذى يدلّ على تمكنه وهضمه للغة ومنجزاتها الدلالية والبلاغية.
أعمالــــــــــــــــــــــــه
أول مجموعة شعرية له كانت عبارة عن مخطوط حمل اسم “سقط الزند”، وقد لاقى شعبية كبيرة وأسّس شعبيته كشاعر، ثمّ تلاها “لزوم ما لا يلزم”، أو “اللزوميات”، والتى كانت أكثر إبداعًا وتمكُّنًا ولزم فيها المعرّى بما لا يُلزمه به ولا يجبره عليه علم القوافى ونظامها.وربما تكون أشهر أعماله هى “رسالة الغفران”، والتى تمثّل أحد الكتب الأكثر فاعلية وتأثيرًا فى التراث العرى، ومنها اقتبس الشاعر الإيطالى الشهير دانتى إليجيرى عمله الأشهر “الكوميديا الإلهية”.ثم يأتى كتاب “فقرات وفترات”، أو “فصول وغايات”، وهو عبارة عن مجموعة من المواعظ، أما كتبه الأخرى فهى كثيرة وفهرسها فى معجم الأدباء: الأيك والغصون فى الأدب – يربو على مئة جزء، تاج الحرة فى النساء وأخلاقهن وعظاتهن – أربعمائة كراس، عبث الوليد- شرح فيه ونقد ديوان البحترى، رسالة الغفران، ديوان سقط الزند، رسالة الملائكة، رسالة الهناء، مُعجز أحمد – يعنى أحمد بن الحسين المتنبى، شرح اللزوميات، وغيرها.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%893-295x400.jpg
تلاميــــــــــذه
درس على “أبو العلاء المعرّى” كثيرون من طلاب العلم ممن علا شأنهم فيما بعد فى العلم والأدب، منهم: أبو القاسم على بن المحسن التنوخى، أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسى، أبو الطاهر محمد بن أبى الصقر الأنبارى، وأبو زكريا يحيى بن على الخطيب التبريزى.
وفاتـــــــــــــــــــــــه
شهد جميع شعراء عصر المعرّى بفطنته وحكمته وعلمه، وعندما توفّى ودُفِن فى مدينته “معرّة النعمان”، اجتمع حشد كبير من الشعراء والأدباء لتكريمه، وقد ألّف العديدون من معاصريه وممن بعدهم، كتبًا ودراسات حول آراء المعرّى وفلسفته، مثل: “أوج النحرى عن حيثية أبى العلاء المعرّى” ليوسف البديعى، و”مع أبى العلاء المعرى” للدكتور طه حسين، و”رجعة أبى العلاء” لعباس محمود العقاد، وغيرهم كثيرون.كما تمّن ترجمة الكثير من شعر “أبو العلاء المعرّى” إلى العديد من لغات العالم، وقال ابن خلكان فى كتابه “وفيات الأعيان”: “ولكثير من الباحثين تصانيف فى آراء المعرّى وفلسفته”.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%894.jpg
هو أبو العلاء المعرّى، أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعى التنّوخى المعرّى، شاعر وفيلسوف وأديب عربى من العصر العباسى، ولد عام 973 ميلاديًّا، وتوفى عام 1057، المعرى فى مدينة “معرّة النعمان” تقع فى سوريا حاليًا ومنها استمد اسمه، وهو ينتمى لعائلة بنى سليمان التى تنتمى لقبيلة تنوخ، جده الأكبر كان أول قاضٍ فى المدينة، وقد عُرِف بعض أعضاء عائلة بنى سليمان بقول الشعر، وفقد المعرّى بصره وهو فى الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدرى، وقد لُقِّب بـ “رهين المحبسين”، بعد أن اعتزل الناس لبعض الوقت.بدأ المعرّى يقرض الشّعرَ فى سن مبكرة فى حوالى الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره فى بلدته معرّة النعمان، ثم ذهب للدراسة فى حلب وأنطاكية وغيرهما من المدن السورية، فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله وعلماء عصره، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو فى حلب على أصحاب “ابن خالويه”، وأخذ النحو وشعر المتنبى عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوى، وهو أحد أهم رواة شعر “أبو الطيب أحمد بن الحسين – المتنبى”، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالمًا بالأديان والمذاهب وعقائد الفرق المختلفة، وكان آية مضيئة فى معرفة التاريخ والأخبار.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%89.jpg
مزاولة الشعر.. واعتزال الدنيا
مارس المعرّى الشعر والفلسفة والمفكر الحر، وسافر إلى وسط بغداد لفترة، إذ جمع عددًا كبيراً من التلاميذ الذكور والإناث للاستماع إلى محاضراته عن الشعر والنحو والعقلانية، وأحد الموضوعات المتكررة فى فلسفته كان “حقوق العقل – المنطق” ضد ادّعاءات العادات والتقاليد والسلطة.كان اسم كاتبه على بن عبد الله بن أبى هاشم، وقد عاش المعرّى بعد وفاة أمه واعتزاله، زاهدًا فى الدنيا ومُعرضًا عن لذّاتها، لا يأكل كثيرًا من الطعام، ومنه لحم الحيوان، حتى قيل إنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا يأكل ما ينتج عن الحيوان من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن، حتى توفى عن عمر يناهز 86 عامًا، ودُفِن فى منزله فى معرة النعمان.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%891-333x400.jpg
رحلتــــــــــــــــــــــــــــه إلى بغداد
كان أبو العلاء فقيرًا، وكان لا يتكسب بشعره، وكانت له ثروة ضئيلة لا يتجاوز ريعها ثلاثين دينارًا فى السنة، جعل نصفها لخادمه، ويرى بعضهم أن الذى منعه من التكسّب بالشعر أمران: أولهما أن عزة النفس التى ورثها عن أسرته تمنعه من إراقة ماء وجهه، وتصدّه عن ذل السؤال، وثانيهما فطرته السليمة ودراسته الفلسفية اللتان صانتاه من الابتذال وصوغ الأكاذيب فى الأمراء، فكان الكذب عنده أمرًا بشعًا وقبيحًا، ثم إن المال الذى يأخذه عن طريق التكسب بالشعر مال حرام استُحِلّ ظلمً، فوفق قناعاته أولى به شيخ كبير أو عجوز فانية وأرملة مهيضة الجناح وأطفال زغب.كانت أمه تمانع فى سفره أول الأمر، ولكنه أقنعها فأذنت له، وأعدّ له خاله “أبو طاهر” سفينة انحدر بها إلى الفرات حتى بلغ القادسية، وهناك لقيه عمال السلطان فاغتصبوا سفينته واضطروه إلى أن يسلك طريقًا مخيفة إلى بغداد، وعند وصوله نظم قصيدة قدّمها إلى أبى حامد الأسفرايينى، واصفًا فيها سفره وجور عمال السلطان، طالبًا مودّة أبى حامد ومساعدته فى ردّ سفينته.
أثر علمه فى شعره
يُعدّ عصر “أبو العلاء المعرّى” عصرًا ذهبيًّا فى نضج العلوم وانتشارها على اختلاف مشاربها، فالعلوم الشرعية وعلوم القرآن – من تفسير وقراءات وإعجاز – وعلوم الأدب واللغة والنقد، ثم الفلسفات المنقولة، كلها كانت قد استوت على سوقها، وكانت للمعرّى مشاركات جادة فيها، وهو مع هذا يتواضع ويضع من شخصه وعلمه بالقول:“ماذا تريدون لا مال تيسّر لى.. فيُستماح ولا علم فيقتبسأتسألون جهولاً أن يفيدكم.. وتحلبون سفيًّا ضرعها يبس”.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%892.jpg
وكان علم المعرّى باللغة والنحو والأدب هو الغاية القصوى فى عصره، حتى قيل إن المعرّى فى المشرق، وابن سيّدة فى المغرب، ليس لهما فى زمانهما ثالث فى اللغة، وذكر التبريزى أنه لا يعرف كلمة نطقت بها العرب ولم يعرفها أبو العلاء، كذلك كان المعرّى حريصًا على إظهار علمه باللغة، فيُرصّع شعره ونثره بالغريب النادر الذى يدلّ على تمكنه وهضمه للغة ومنجزاتها الدلالية والبلاغية.
أعمالــــــــــــــــــــــــه
أول مجموعة شعرية له كانت عبارة عن مخطوط حمل اسم “سقط الزند”، وقد لاقى شعبية كبيرة وأسّس شعبيته كشاعر، ثمّ تلاها “لزوم ما لا يلزم”، أو “اللزوميات”، والتى كانت أكثر إبداعًا وتمكُّنًا ولزم فيها المعرّى بما لا يُلزمه به ولا يجبره عليه علم القوافى ونظامها.وربما تكون أشهر أعماله هى “رسالة الغفران”، والتى تمثّل أحد الكتب الأكثر فاعلية وتأثيرًا فى التراث العرى، ومنها اقتبس الشاعر الإيطالى الشهير دانتى إليجيرى عمله الأشهر “الكوميديا الإلهية”.ثم يأتى كتاب “فقرات وفترات”، أو “فصول وغايات”، وهو عبارة عن مجموعة من المواعظ، أما كتبه الأخرى فهى كثيرة وفهرسها فى معجم الأدباء: الأيك والغصون فى الأدب – يربو على مئة جزء، تاج الحرة فى النساء وأخلاقهن وعظاتهن – أربعمائة كراس، عبث الوليد- شرح فيه ونقد ديوان البحترى، رسالة الغفران، ديوان سقط الزند، رسالة الملائكة، رسالة الهناء، مُعجز أحمد – يعنى أحمد بن الحسين المتنبى، شرح اللزوميات، وغيرها.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%893-295x400.jpg
تلاميــــــــــذه
درس على “أبو العلاء المعرّى” كثيرون من طلاب العلم ممن علا شأنهم فيما بعد فى العلم والأدب، منهم: أبو القاسم على بن المحسن التنوخى، أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسى، أبو الطاهر محمد بن أبى الصقر الأنبارى، وأبو زكريا يحيى بن على الخطيب التبريزى.
وفاتـــــــــــــــــــــــه
شهد جميع شعراء عصر المعرّى بفطنته وحكمته وعلمه، وعندما توفّى ودُفِن فى مدينته “معرّة النعمان”، اجتمع حشد كبير من الشعراء والأدباء لتكريمه، وقد ألّف العديدون من معاصريه وممن بعدهم، كتبًا ودراسات حول آراء المعرّى وفلسفته، مثل: “أوج النحرى عن حيثية أبى العلاء المعرّى” ليوسف البديعى، و”مع أبى العلاء المعرى” للدكتور طه حسين، و”رجعة أبى العلاء” لعباس محمود العقاد، وغيرهم كثيرون.كما تمّن ترجمة الكثير من شعر “أبو العلاء المعرّى” إلى العديد من لغات العالم، وقال ابن خلكان فى كتابه “وفيات الأعيان”: “ولكثير من الباحثين تصانيف فى آراء المعرّى وفلسفته”.
http://media.cairodar.com/images/2014/05/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%894.jpg